strong> راجانا حميّة
بدأ العدّ العكسي... و«البارد» لمّا يصحُ من معركته، مخلّفاً مئات الطلّاب الفلسطينيين المشتّتين بين مخيّمات الوطن المضيف، بانتظار من يجيب على صرخاتٍ كثيرة أطلقوها ولم تجد إلى الآن من يتلقّى صداها. فعقب شهرين على الأحداث الأمنية في الشمال، وجد الطلّاب الفلسطينيون «المنتمون» إلى اتّحاد الشباب الديموقراطي الفلسطيني (أشد) أنفسهم معنيين بما يجري، ما دفعهم إلى تخصيص المؤتمر السنوي السادس لمنظّمة الجامعيين والمعاهد للنازحين من مخيّم نهر البارد، ولا سيّما الطلّاب. وتحت عنوان «دعم عودة النازحين وإعادة بناء مخيّم البارد»، أطلق 37 طالباً فلسطينياً صرخة جديدة صوّبوها في اتجاهاتٍ ثلاثة لا تعفي أحداً من المسؤوليّة، سواء أكانت لبنانيّة أم أجنبيّة أم من الوطن الأم. حمل الطلاب في مؤتمرهم هموم 3500 طالبٍ آخرين يحاصرهم مصير قاتم من دون هويّة، محاولين قدر الإمكان التركيز على أوضاع الطلّاب الذين هُجّروا من «البارد». ففي الإطار الأوّل، وجّه رئيس اتحاد الشباب الديموقراطي الفلسطيني يوسف أحمد، نداءً باسم «الطلبة الفلسطينيين»، مشدداً على أن «لا بديل من البارد إلا البارد». وإذ يؤكد أحمد حرصه على أفضل العلاقات مع الدولة اللبنانيّة، يطالب «بضرورة دعم صمودنا نحن الشعب الفلسطيني في المخيّمات من خلال منحنا الحقوق الإنسانيّة والاجتماعية، ولا سيّما حق العمل والتملّك». وفي اتّجاهٍ آخر، ناشد أحمد منظّمة التحرير الفلسطينيّة من جهة ووكالة الأونروا من جهة ٍ ثانية، العمل على توفير الدعم المادي اللازم لإيواء النازحين قبل فصل الشتاء، وخصوصاً الطلّاب منهم، ووضع خطّة لإعادة إعمار المخيّم، إضافة إلى توفير مدارس بديلة لطلّاب البارد في مختلف المراحل التعليميّة. وشدّد على ضرورة تبنّي الأونروا للتعليم الجامعي وزيادة عدد المنح لتغطّي الطلّاب كافّة، مشيراً إلى أنّ «ما تقدّمه الأونروا من منح مدعومة من دول الاتّحاد الأوروبي لا يستفيد منه أكثر من 5% من مجموع الطلّاب الفلسطينيين في لبنان»، إضافة إلى العمل على توفير المنح المجانيّة في الدول الأجنبيّة الصديقة والعربية. ولم يعفِ الطلاب أيضاً رئيس السلطة الفلسطينيّة محمود عبّاس، إذ دعا أحمد عبّاس إلى «توفير الدعم المالي لتأسيس صندوق لدعم التعليم الجامعي الفلسطيني في لبنان». أمّا في ما يتعلّق بصندوق الطالب الفلسطيني، فيتوجّب على الطالب أن يكون حائزاً معدّل 75% ليكون من المؤهّلين للحصول على القرض، إضافة إلى تحديد شروطٍ أخرى منها نوع الاختصاص، إذ توجد «محظورات» في ما يتعلّق به. ومن لم يجد في صندوق الطالب عوناً له لدخول الجامعات الخاصّة ولا سيّما جامعة بيروت العربية، وجد نفسه أمام خياريْن أحلاهما مر، فإمّا اختيار أيّ اختصاصٍ في الجامعة اللبنانيّة من دون أن يلائم التطلّعات، وإمّا اقتحام الكلّيات العلميّة والمنافسة على مقاعد هي الأخرى «محجوزة» في معظمها. النكبة التي يختبرها الطلّاب في الجامعات، دفعتهم إلى اقتحام الخيار الثالث، متوجّهين إلى وزير التربية والتعليم العالي خالد قبّاني ورئيس الجامعة اللبنانيّة زهير شكر للمطالبة بتسهيل دخول الطلّاب الفلسطينيين إلى الكلّيات العلميّة في «اللبنانيّة» من دون شروطٍ إضافيّة. وأكثر من «البارد»، يعيش الطلّاب الفلسطينيون تداعيات «الحرب الداخليّة» في وطنهم فلسطين حيث تتّجه «منظّمة التحرير الفلسطينيّة» نحو الحرمان المستمر من المنح التي تقدّمها وحصرها في جهة سياسيّة واحدة تتّفق ومصالحها وتوجّهاتها. وفي دعوةٍ رابعة ونهائيّة، طالب المجتمعون بضرورة توحيد الصفوف والجهود لتحقيق أفضل ما يمكن تحقيقه للحفاظ على «مقاعدنا الجامعيّة وقضيّتنا».