strong>مهى زراقط
  • هنـــاك من يعتبـــر التســـوية خيانـــة تســـتحق الإعـــدام ولا يمـــانع التســـوية مع العـــدو!

  • اختتم الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله مهرجانات الانتصار بتحذير إسرائيل من شن حرب جديدة على لبنان، كما جدد التزامه بتسوية داخلية

    في الربع الساعة الأخيرة التي سبقت إطلالة السيد حسن نصر الله، بدأ أبناء الضاحية يهتفون: «منشان الله... يا سيّد يللا». وكأن كلّ ساعات الانتظار التي سبقت في كفة، والدقائق الأخيرة في كفة أخرى.
    صوت عريف الحفل وحماسته لا ينجحان في خفض أصوات صفيرهم المعترض على طول مقدمته... ما عادوا يطيقون صبراً على معرفة الإجابة عن السؤال الوحيد الذي يتكرّر على ألسنة الجميع في ملعب الراية في الضاحية الجنوبية: «هل سيأتي السيّد أم لا؟».
    الشاشات الأربع التي وضعت على المنصة وحولها وفوقها لم تكن دليلاً ًكافياً على أنه لن يأتي. بل إن إطالة عريف الحفل مقدّمته جعلتهم يشعرون بأنه سيطلّ عليهم فجأةً من مكان ما. بقوا على أهبة الاستعداد، حاملين الرايات والصور والأعلام... يهتفون كلما ذكر اسمه، أما حين أظهرت الشاشة الكبيرة صورة السيد هاشم صفي الدين فاشتعل الملعب بالهتاف والتصفيق وارتفعت الأعلام بعدما اعتقدوه نصر الله. انتظار الإجابة عن هذا السؤال انسحب أيضاً على الصحافيين الذين توافدوا بكثرة، ومعظمهم من وسائل إعلام أجنبية وخضعوا لترتيبات أمنية مشدّدة.
    كان يمكن الاعتقاد بأن عدم إطلالته المباشرة عليهم ستخفف من حماسة أكثر من خمسين ألفاً (أقل تقدير) قدموا للقائه. لكن كان ظهور صورته على الشاشة الكبيرة كافياً ليبدأ الهتاف له «أبو هادي»، «الله نصر الله والضاحية كلها» و «لبيك يا نصر الله».
    «ممنون... ممنون» يكرر نصر الله... ينتظر أن يهدأوا فلا يفعلون، ما يضطره إلى بدء كلمته التي، سرعان ما جعلتهم منصتين... متفاعلين عند كل موقف ينتظرونه منه.
    أسف نصرالله في كلمته المتلفزة لـ «إن بعض الزعماء في لبنان لا يملك مشروعاً سياسياً ولا طرحاً إيديولوجياً عقائدياً ولا فكراً حضارياً ولا شيئاً ليشكل عصباً يستوعب من خلاله مجموعة كبيرة من الناس، فيعمل على طائفته ويثير فيها مشاعر الخوف من الطوائف الاخرى ليكرّس زعامته عليها. هذا يحصل في لبنان وفي كل الطوائف، هناك من لا مشروع له ولا خطاب ولا أدبيات سياسية في داخل طائفته إلا تخويف أبناء طائفته من الطوائف الاخرى، والآن والتحديد بسبب هذه «الموضة» هناك التخويف من الشيعة في لبنان ومن تحالف حركة أمل وحزب الله ومن سلاح المقاومة».
    وأشار الى «أن هناك خطين قياديين في الساحة اللبنانية: خط تصالحي وفاقي، وحدوي يدعو الى مد الجسور وتعميم التفاهمات والتلاقي والى التواصل والى تسويات داخلية في القضايا الخلافية، وخط تصادمي إلغائي، تخويفي يستقوي بالأميركي، وبالمجتمع الدولي، ويعتبر الشراكة الوطنية انتحاراً والتسوية الداخلية خيانة تستحق الإعدام».
    وقال «البعض لا يعتبر أن التسوية مع العدو على حساب الارض المحتلة والاسرى والسيادة والمستقبل خيانة، أما التسوية بين اللبنانيين فهي الخيانة التي تستحق الإعدام».
    وأعاد نصرالله تأييده لتسوية داخلية مدخلها حكومة الشراكة واتهم الاميركيين بإفشال كل المبادرات التي طرحت على الساحة اللبنانية.
    وقدم تقريراً عما فعله الحزب خلال سنة في ملف التعويضات بمساعدة دول وجهات وحكومات، مشيراً إلى أن ما تم تقديمه لا ينطبق عليه عنوان تعويض، وإنما مساهمات ومساعدات لبلسمة الجراح. وقال: «التعويض يجب أن تدفعه الدولة التي حصلت على ما يقارب المليار دولار من أجل مساعدة الذين تضرروا من آثار الحرب، وهذا المليار هو حق الناس، ويجب أن يؤدى لهم. ما قمنا به نحن هو مال يدفعه أخ لأخيه، بعيداً عن المسؤوليات القانونية أو الرسمية. وذلك لا يعفي الدولة من تقديم التعويضات في المجالات نفسها». وعرض لـ«ملف الإيواء»، معلناً أنه «بجهد وتعاون مع أصدقائنا وحلفائنا في القوى السياسية والوطنية في مختلف المناطق والجمعيات، استطعنا أن ننجز هذا الملف في فترة سريعة ووجيزة، حيث تم تأمين 28300 حالة بكلفة 133 مليوناً و500 ألف دولار».
    وذكر أن مجموع ما تم دفعه حتى الآن هو 380 مليوناً و900 ألف دولار. وأضاف معلقاً: «البعض يزعل إذا قلنا: حلال وشرعي وبدون شروط سياسية».
    وقال إن «تباطؤ الدولة في دفع تعويضات البيوت المهدمة أدى الى تأخير البدء بإعادة إعمارها في كل المناطق»، وأعلن أن الحزب سيجدد مساهمته لكل العائلات التي استأجرت بيوتاً، بتقديم الإيجارات من شهر إلى سنة حسب الحاجة، وللمستأجر الفعلي على أمل أن ينجز هذا الملف خلال هذه السنة ولا نحتاج إلى تكرار ذلك لاحقاً».
    وأشار في اطار المساهمات، إلى أن المقاومين تمكنوا من فك وتفجير 40 قنبلة عنقودية، وقدموا في هذا السبيل 5 شهداء.
    وتطرق أخيراً إلى الوضع المقبل مع إسرائيل، مشيراً إلى التحليلات التي تفاوتت بين متحدثين عن آخر الحروب وآخرين يرجحون أن العدو لن يسكت عن هزيمته وقدرة الردع وهيبته، وقال: «أريد أن أتحدث عن المسؤولية، وأذكّر بأمرين:
    1 ــــ إن في جوارنا عدواً طبيعته العدوان، ولديه أطماع تاريخية بأرضنا ومياهنا وخيراتنا، ومشروعه قائم على منطق القوة والاستئساد.
    2 ــــ نحن لا نستطيع أن نركن إلى التحليل ونقول: «لن تكون هناك حرب وننام بالتالي على حرير». لا أقول ستكون هناك حرب وكما قلت سابقاً نحن لا نريد الحرب، ولم نُرِد حتى حرب تموز بل هم أرادوها ووضعوا لها أهدافاً على مستوى الشرق الأوسط كله، ودفعوا الأمور الى هذا الاتجاه.
    وقال: «في كل الأحوال، واجبنا الاحتياط، إن لم تكن هناك حرب فحمد لله، وإن لا سمح الله كان لبنان أمام تحد جديد كنا قادرين على مواجهته، إن التهيؤ والاستعداد للحرب أهم وسيلة من وسائل منع وقوعها وحصولها، هذا ما يسمى بتوازن الرعب والردع. وهذا التوازن هو الذي حمى لبنان من عام 2000 إلى عام 2006 لأن باراك وشارون كانا ملتزمين بهذا التوازن، أما أولمرت لأنه غبي من جهة، ومن جهة ثانية لأنه ينفذ قراراً أميركياً، ذهب إلى الحرب، لأن الموضوع يتجاوز مسألة لبنان وجنوب لبنان إلى بناء شرق أوسط جديد وترتيب جديد للمنطقة».
    وأشار إلى أن حديثه السابق عن أن المقاومة تمتلك صواريخ تطال كل نقطة في فلسطين المحتلة، لم يكن يهدف إلى استدراج حرب «وإنما العمل لمنع وقوعها، عبر القول لحكومة العدو وجيشه وشعبه إن أي حرب مقبلة على لبنان ستكون أثمانها باهظة جداً».
    وقال إن الحزب تعلّم من تجربة حرب تموز واكتشف نقاط ضعف وقوة المقاومة، وكذلك بالنسبة للإسرائيليين «وبالتالي في الحرب المقبلة، على العدو أن يعرف أنه سيدفع ثمناً باهظاً. أنا أقول له ذلك حتى لا يفكر بالحرب».
    وختم احتفالات هذه الذكرى «بوعد واضح. افهموه حرباً نفسية، ولكن الحرب النفسية الصادقة: إذا فكرتم بأن تعتدوا على لبنان، وأنا لا أنصحكم بذلك. إن فكرتم أيها الصهاينة أن تشنوا حرباً على لبنان، فأنا لن أعدكم بمفاجآت كتلك التي حصلت وإنما أعدكم بالمفاجأة الكبرى التي يمكن أن تغير مصير الحرب ومصير المنطقة إن شاء الله، بهذا الالتزام أرتب مسؤولية كبيرة عليّ وعلى المقاومة، وهو التزام فعلي الآن».
    وتوقف أمام قول قائد الجيش العماد ميشال سليمان، إن المساعدات للجيش «وعود وكلام وبعض الذخائر التي دفع ثمنها»، معتبراً أنه ممنوع تسليح وتجهيز الجيش اللبناني قبل أن يشطب من عقيدته الوطنية أن إسرائيل عدو، أميركا لن تعطي ولن تسمح لأحد أن يعطي الجيش ما يمكّنه من الدفاع عن لبنان.
    وفي الختام، جدد قوله «كما وعدتكم بالنصر دائماً أعدكم بالنصر مجدداً».

    مواقف


    إشادات بـ«الانتصار المبين»: 14 آب مفخرة عز وكرامة

    «لن تكون حرب عربية إسرائيلية بعد اليوم. بل ستكون الكلمة الفصل للمقاومة العربية».
    بهذه الخلاصة استذكرت لجنة المتابعة لمنبر الوحدة الوطنية «القوة الثالثة»، الذكرى الأولى للانتصار في حرب تموز الذي وصفته بـ«الانتصار المبين». ورأت أن «أهم ما في حصيلة تلك الحرب الغاشمة أنها أحدثت تبدلاً تاريخياً في معطيات الصراع العربي الإسرائيلي». ولفتت الى «أن الانقسامات الفئوية في لبنان تعمي أبصارنا حتى عن حقيقة انتصارنا»، معتبرةً أن «الانتصار الكبير سيكون يوم تُدفن انقساماتنا الداخلية فتحيا الوحدة الوطنية».

    وأسِف النائب ميشال عون لمحاولات تحجيم الانتصار في 14 آب 2006 «وإغراقه في المتاهات السياسية والخلافات المحلية»، وقال: «عقلنا وضميرنا يتجهان دائماً نحو القيم الكبرى التي يمثّلها هذا الانتصار، انتصار المقاومة واللبنانيين على اسرائيل». ورأى «أن الحروب بنتائجها لا بخسائرها، فصحيح أننا تكبّدنا خسائر، لكننا ربحنا، وما إغراق هذا الانتصار في السجالات السياسية إلا دليل على تربية ناقصة وحسّ وطني متدن جداً»، مردفاً «أن هذا ما يعتمده فريق يفضل أن ينهزم الوطن على أن يربح خصمه السياسي». وقال إن «التجربة كانت قاسية، ولكنها لا تمس جوهر التفاهم بين التيار الوطني الحر وحزب الله الذي ينص على نقاط وطنية ويقدّم آلية لتنفيذ القرار 1559 ونزع سلاح المقاومة»، معتبراً «أن التنكر لهذا التفاهم هو ما أوصلنا الى الحرب»، وأن هذا التنكر «مستمر بعد 14 آب بدون تقديم حل بديل».

    وأكدت قيادتا حركة «أمل» و«حزب الله» في الجنوب، أن «الانتصار الإلهي والتاريخي والاستراتيجي، هو لجميع اللبنانيين بكل طوائفهم وقواهم السياسية، ويمثّل عامل قوة للوطن يمكن الاستفادة منه في تحقيق حريته وسيادته واستقلاله بعيداً عن التدخل الأجنبي».

    وللمناسبة استقبلت النائبة بهية الحريري، وفداً شبابياً من اتحاد الشباب الديموقراطي اللبناني والنجدة الشعبية، شكر لها مساهمتها في دعم ومساعدة أهالي صيدا والجنوب خلال العدوان. وردت معتبرةً أن تاريخ 14 آب «سيبقى يوماً لانتصار إرادة اللبنانيين بالحياة على آلة القتل والدمار الإسرائيلية».

    ووصف الحزب السوري القومي الاجتماعي، ما حدث في تموز وآب الصيف الماضي، بـ«المعجزة» و«النصر الذي أقفل على زمن الهزائم»، معتبراً أن الهزيمة «لم تقتصر على اسرائيل وجيشها «الذي لا يقهر»، بل كانت هزيمة كاملة للمشروع الأميركي ـــــ الصهيوني ـــــ الغربي بإقامة شرق أوسط جديد، وهزيمة للمتواطئين من العرب واللبنانيين ».

    ورأت «جبهة العمل الإسلامي»، أن الانتصار «أنتج واقعاً جديداً وأثمر مستقبلاً زاهراً مفعماً بالحيوية والكرامة والشرف، إذ إنه حطّم أسطورة الجيش الذي لا يقهر وهشّمه وقضى على مشروع الشرق الأوسط الجديد وأسقط إدارة الشر الأميركي وحلفاءها الصغار في الداخل».

    وإذ دعا «تجمع العلماء في جبل عامل»، العرب والمسلمين الى «الاحتفاء بهذا النصر من خلال تعزيز أشكال المقاومة». وجه رئيس هيئة علماء جبل عامل العلامة الشيخ عفيف النابلسي، رسالة «تبريك» إلى المقاومين، تمنّى فيها لو أن «أهل الحكم ينظرون بإنصاف الى ما حققتم لبلدكم وأمتكم (...) ولكن هؤلاء ليس من شأنهم أن يصدحوا بصوتهم أمام الجلاد». وانتقد عدم قيام رئيس الحكومة بتفقد القرى المنكوبة.

    وأقامت «رابطة أبناء الأرض وحقوق الإنسان»، مهرجاناً لمناسبة عيد الجيش وذكرى الانتصار، حضره الوزير فوزي صلوخ ممثلاً رئيس الجمهورية إميل لحود والنائبان بيار دكاش وأمين شري، رمزي كنج ممثلاً النائب ميشال عون، وممثل عن السفارة الإيرانية. وتحدّث خلاله دكاش، علي عقيل خليل، رئيس بلدية الغبيري محمد سعيد الخنسا، والدكتورة سلوى الخليل الأمين، مشيدين بتضحيات الجيش، والمقاومين.

    كذلك هنّأ لقاء الجمعيات والشخصيات الإسلامية، اللبنانيين والشعوب العربية والإسلامية والأحرار في العالم بذكرى «الانتصار الإلهي المؤزر». ووصف المؤتمر الشعبي اللبناني هذا الانتصار بـ«مفخرة عز وكرامة لن تشوّه شعلته فتن الوصاية الأجنبية». ودعا حزب «وعد» الى «وقفة تأمّل في التضحيات التي قدمت، لتكون الحافز الذي يجمع المواطنين كافة حول المبادئ الحقيقية للسيادة والحرية والاستقلال». كما دعا اتحاد بيروت الكرامة «المخلصين الى حماية المقاومة واحتضانها ودعم الجيش الوطني اللبناني».

    وتمنت هيئة أبناء العرقوب ومزارع شبعا أن تعود المناسبة في العام المقبل «وقد تمّ تحرير مزارع شبعا وتلال كفرشوبا وعاد أهلها إليها وعادت هي إلى كنف السيادة الوطنية». ورأت «لجنة دعم المقاومة في فلسطين»، أن الانتصار الاستراتيجي التاريخي «أثبت مرة أخرى أن خيار المقاومة هو الوحيد لوضع حد لظلم الجبابرة».