أنطون الخوري حرب
تتوالى ردود الفعل على كلام رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط، وآخرها من أحد النواب الموارنة في فريق «14 آذار» الذي رأى أن كلام جنبلاط التصعيدي الأخير «هدفه الحفاظ على استمراره في إدارة فريق الموالاة»، لافتاً الى «الخشية التي يزرعها جنبلاط في نفوس المسيحيين من تهميشهم في صناعة القرار الأكثري، عبر احتكاره القيادة الأكثرية، وقيادته، عملياً، للطائفة السنية». ويوضح في هذا السياق أن «هذا التصرف الجنبلاطي يعيد المسيحيين بالذاكرة الى حرب السنتين، حين كان معظم موارنة لبنان يخافون من استعمال المرحوم كمال جنبلاط منظمة التحرير الفلسطينية وقادة الطائفة السنية لإسقاط النظام اللبناني وامتيازات المسيحيين فيه».
ويستغرب النائب الماروني عدم إدراك «رئيسه» لما يمكن أن ترسخه هذه الصورة في وجدان مسيحيي الجبل، مشيراً الى «أننا نمضي معظم وقتنا في طمأنة أبناء طائفتنا المسيحيين الى الدور الجنبلاطي، لكنهم يجيبوننا بأننا صرنا أتباعاً لرئيس اللقاء الديموقراطي، وهو الذي يقرر عنّا كل شيء، وإلا فما الذي يفسر عدم استشارتنا في أي موقف يتخذه لكي نبدي رأينا في ما يفيد مسيحيي الأكثرية وما لا يفيدهم، حتى بتنا نمضي وقتنا في تفسير ما يفاجئنا نحن من مواقفه».
ويلفت النائب نفسه الى أن «أكثر ما يزيد الاحتقان المسيحي من رئيس اللقاء الديموقراطي هو إصراره على التحكّم في حركة الطوائف المسيحية وقرارها، بعد خروج الجيش السوري من لبنان عام 2005 ومحاولة المسيحيين إعادة تأكيد حضورهم السياسي في الدولة بشكل متساو مع بقية الطوائف من دون العودة الى المطالبة بتعديل الطائف واستعادة ما حذف منه من امتيازات سابقة للمسيحيين. وهذا السلوك يفشل جهودنا الدائمة في إقناع محازبينا بصوابية المواقف الجنبلاطية. ذلك أنهم رغم ملاحظاتهم الكثيرة على القادة المسيحيين في المعارضة فإنهم لا يشعرون بالارتياح والاطمئنان الى مستقبلهم السياسي الذي لا يقدم جنبلاط ما يؤكده في أذهان الناس بل يزيد منه، ويحشرنا في الزاوية الطائفية كلما أطلق موقفاً أو أدلى بتصريح».
ويفسر النائب المسيحي الأكثري اتهام جنبلاط الأخير بـ«الخيانة» كل من يفكر في المساومة أو المقايضة على مواقف 14 آذار ولا سيما ما يتعلق منها بالاستحقاق الرئاسي بأنه «كلام موجّه الى مسيحيي 14 آذار بشكل أساسي ومن ثم الى بقية نواب الأكثرية الذين بدأوا بتمييز مواقفهم عن مواقف تيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي والقوات اللبنانية. فجنبلاط يشعر بالخشية من ضعف تماسك الفريق الأكثري على أبواب الاستحقاقات المقبلة، وأولها الاستحقاق الرئاسي الذي يرى فيه مفصلاً أساسياً ومناسبة يتيمة لإكمال سيطرته على المواقع المسيحية في الدولة من خلال الإتيان برئيس للجمهورية تابع له ولا يتمتع بقوة شعبية مسيحية، وهذا ما سيدفع المسيحيين الى التقوقع والانفصال عن شركائهم في الوطن».
ويقر النائب بأن المصالحة الجنبلاطية ـــــ المسيحية لم ترتق الى المستوى الذي أفرزه التفاهم بين «التيار الوطني الحر» و«حزب الله»، على مستوى تطمين القاعدة الشعبية المسيحية وإرساء نوع من الأمان الاستراتيجي لدى هذه القاعدة، محذّراً من أن استعادة جنبلاط لدور والده خلال السبعينيات «سيضعف حلفاءه المسيحيين قبل غيرهم، وسيختل كثيراً خطاب مسيحيي 14 آذار السياسي ولن يعود يجد صدىً له لدى مسيحيي لبنان عموماً».
وينصح نائب الجبل رئيسه بـ«إعادة قراءة عميقة وموضوعية لمواقفه وتصرفاته، لكي يتمكن من الحفاظ علينا أقوياء، ولتطمين مسيحيينا الى مستقبلهم في ظل النظام الحالي وإلا بحثوا عن نظام آخر»، ناصحاً بـ «عدم البناء الخاطئ على نتائج انتخابات المتن الفرعية ليطمئن الى موقف المسيحيين منه، لأن لهذه المعركة ظروفها التي لا يمكن أن تتكرر مرة أخرى».