أنطون الخوري حرب
بدأ قادة «التيار الوطني الحر» حركة تقويم شاملة لعمل الماكينة الانتخابية «العونية» في انتخابات المتن الفرعية، مترافقة مع عملية نقد ذاتي لسير الأطر التنظيمية في «التيار» منذ عودة العماد ميشال عون من المنفى، وذلك من أجل تحديد نقاط الضعف التي ركز عليها أخصامهم لجذب الناخبين الى صناديق الاقتراع في الخامس من آب الجاري، ما أسفر عن تراجع في نسبة المبايعين لـ«التيار» مقارنة مع دورة انتخابات العام 2005.
وبعد إعداد الأوراق البحثية، بدأت الحلقات التقويمية بالانعقاد في شكل يومي بحضور العماد عون وقيادة «التيار». واللافت ان من يمثل رأس حربة العملية النقدية والمشروع التطويري هو منسق العلاقات السياسية في «التيار» جبران باسيل والدكتور كمال اليازجي الذي ترأس الماكينة الانتخابية إبان معركة المتن الأخيرة، بعدما كان عون، نفسه، أول من بادر الى إجراء عملية النقد الذاتي فور انتهاء اليوم الانتخابي العاصف. وتشير أجواء قادة «التيار» الى قرب نضوج الاستنتاج النهائي بما يتضمن إعادة قراءة للنصوص التنظيمية السابقة ومن ضمنها النظام الداخلي الذي أُقر منتصف العام الماضي، والظروف السياسية الضاغطة التي حالت دون إجراء انتخابات قيادة الحزب والمجلس الوطني والمكتب السياسي.
وتتضمن الأفكار الجديدة التي رفعت الى القيادة تطويراً في توزيع المهمات التنفيذية وتنسيق النشاطات السياسية والديبلوماسية وبنية الهرم الحزبي بشكل لامركزي واسع يجمع بين حرية عمل الناشطين ومسؤولي القرى والأقضية واللجان المركزية، وبين المشاركة العامة في صناعة القرار الحزبي التنظيمي والسياسي.
وتقر مصادر قيادية بالإرباك الذي سببته اتهامات الرئيس أمين الجميل لـ«التيار» بـ«العمالة لريف دمشق»، لأن العونيين «ما كانوا يتوقعون، حتى في أسوأ كوابيسهم، ان تصل الأمور الى حد تخوينهم»، مع يقينهم بأن هدف هذه الحملة هو «إعدامهم سياسياً»، ويعترفون بأنهم «ضاعوا بين قبول التيار تزكية ترشيح سامي الجميل وهجوم والده الصاعق عليهم، مدعوماً بتفوق إعلامي ومالي ونفسي عليهم وعلى قواعدهم».
لكن هذه المصادر تؤكد أن «هذا الإرباك ما لبث ان تحول استشراساً عونياً منقطع النظير بعدما تملكهم الشعور بالخطر على التيار الذي دفعوا شبابهم ومالهم وصحتهم ومستقبلهم من أجل بقائه في وجه التفاهمات الدولية والإقليمية».
وهنا تعبّر المصادر القيادية في التيار عن «الشكر العميق والصادق للنائبين وليد جنبلاط وسعد الحريري على مواقفهما إبّان الانتخابات وبعدها»، إذ «انهالت علينا بعد مواقف الحريري وجنبلاط الاتصالات من متنيين كانوا إما محايدين أو مترددين أو مقترعين للجميل ليعبّروا عن غضبهم». وتعلق المصادر على ذلك بالقول: «كنا نفكر بحجم الجهود المطلوبة لتطوير أدائنا السياسي والإعلامي لاستعادة حجم التأييد الشعبي الذي حصدناه في انتخابات عام 2005 في وجه التجييش الإعلامي والمالي الضخم لفريق السلطة، لكن الحريري وجنبلاط سهّلا علينا كثيراً هذه الجهود ونتمنى لو أنهما يمطراننا بمثلها يومياً»!