العاقبية ــ آمال خليل
حوادث السير هي المسبّب الأول للموت في لبنان.. ومنذ بداية 2007 قتل 204 أشخاص وجرح ما يزيد على 1818 جرّاء حوادث سير. وكانت طريق الزهراني ــ العاقبية الجنوبية قد شهدت أمس حادثاً مروّعاً أودى بحياة 4 بينهم عسكريون



حادث مروع جديد عند كوع الموت على الطريق الساحلية بين الزهراني والعاقبية، أما ضحاياه هذه المرة فمواطنون فقراء أو متوسطو الحال من منطقتي الزهراني وصور، يقضون حاجاتهم بين صيدا وصور، وإذا بالموت يمنعهم من إكمال الطريق أو إكمال أي شيء آخر. حادث السير وقع عندما اصطدم «فان» للركاب يقوده زكريا الأرناؤوط بشاحنة محمّلة بالصخر يملكها صائب جودي ويقودها أكرم جودي. وفي التفاصيل أن سائق الفان الآتي من موقف النجمة العمومي في صيدا في اتجاه صور محمّلاً بـ14 راكباً، انعطف بسرعة على كوع يقع بمحاذاة مبنى يعرف بـ«الشمسية» وانحرف عن مساره ففوجئ بالشاحنة واصطدم بمقدمتها، ما دفعه إلى مسافة بعيدة متدحرجاً مرات عدة قبل أن يستقر على حافة الطريق بعدما قذف معظم ركّابه إلى خارجه.
سبّب الحادث مقتل كل من الجندي في الجيش اللبناني هادي علي الحاج والدركي هاني علي أحمد والمواطنة سامية حيدر حيدر، الذين نقلت جثثهم إلى مستشفى الراعي إضافة إلى سائق الفان والجندي علي حسين دهيني اللذين توفيا مساءً في مستشفى علاء الدين بالصرفند. وقد جرح، كل من الجندي وفادي موسى علوية والرقيب أول غسان شروف، وحالتهم خطرة، وإلهام حمدان ونجاة هنداوي وجهاد رميط وعصام موسى وولديه وائل وغفران. وإلى مستشفى لبيب نقلت جثة لامرأة لم تعرف هويتها، إضافة إلى الجرحى عباس طالب والجندي فهد بعيني.
وعلى الفور، ضربت القوى الأمنية طوقاً حول مكان الحادث وقطعت الطريق أمام المارة وحوّلت السير إلى طرق فرعية وبدأت بإجراء التحقيقات بعدما قام الدفاع المدني والصليب الأحمر اللبناني بنقل الجرحى والقتلى إلى المستشفيات. لكنها ما لبثت أن أخلت سبيل سائق الكميون لعدم وقوع المسؤولية عليه.
يشار إلى أن هذا المنعطف معروف بكثرة الحوادث المميتة عليه بسبب بوابة مبنى الشمسية التي تتعدى أعمدتها على الطريق. ويقول المهندس سليمان سليمان الذي يملك منذ 15 عاماً مكتباً هندسياً بالقرب من المنعطف إنه «يشهد أسبوعياً حوادث عدة»، علماً بأن وزارة الأشغال العامة لم تفلح في إقناع أصحاب الأملاك المحيطة بالطريق بتوسيعها وتأهيلها تلافياً لحوادث السير. فعلى هذه الطريق يفاجأ السائق، وإن لم يكن مسرعاً، بأعمدة تابعة لأملاك خاصّة يظنّها المارّ أنها نهاية الطريق لكنه بعد أن يستدير حول المنعطف مسرعاً يفاجأ بسيارة متوجهة من الجهة المقابلة ويصبح السائقان حينها بين خيارين: إما أن يصطدما ببعضهما وإما أن ينحرف الآتي من الجهة المقابلة نحو البستان المحاذي للطريق. من جهتها، تعمل بلدية البيسارية التي يقع المنعطف ضمن نطاقها، على إيجاد تسوية ما لحل مشكلة المنعطف المميت لتلافي سقوط المزيد من الضحايا الذين كان آخرهم قبل حادث اليوم، الشاب محمد يونس (20 عاماً) من بلدة البيسارية الذي قضى في حادث سير في المكان نفسه وبالطريقة نفسها في أوائل شهر كانون الثاني الفائت.
204 قتلى حتى نهاية تموز
محمد يونس هو أحد الضحايا الـ204 الذين قضوا بحوادث السير التي أدت أيضاً الى جرح 1814 شخصاً منذ بداية العام حتى نهاية شهر تموز الفائت، حسب إحصاءات قوى الأمن الداخلي. فيما وصل عدد هذه الحوادث المسجلة لدى القوى الأمنية الى 1251 منذ بداية العام حتى شهر تموز الفائت بمعدل 179 حادثاً شهرياً، وتضمّ هذه الإحصاءات حوادث الصدم والاصطدام والتدهور والانزلاق. وفي التفصيل، سجلت الأشهر الثلاثة الأولى معدل 152.6 حادثاً شهرياً فيما سجل شهر نيسان ارتفاعاً ليصل المعدل الى 224 حادثاً. وخلال شهري أيار وحزيران انخفض هذا المعدل ليصل الى 177.5 ثم عاد ليرتفع خلال شهر تموز مسجلاً 214 حادث سير. من جهة أخرى، سجلت «الأخبار» في إحصاءاتها 105 حوادث سير خلال شهر آب. وتجدر الإشارة إلى أن هذه الأرقام لا تمثل إلا الحد الأدنى لهذه الحوادث.
من جهة أخرى، وفي اتصال مع جمعية يازا التي تعمل على حملة توعية للحد من مشكلة حوادث السير ستطلقها ابتداءً من 6 أيلول المقبل، ذكر أحد العاملين في الجمعية أنه بحسب تقديراتها، وصل عدد ضحايا السير في لبنان إلى 500 قتيل منذ بداية العام. وطالبت اليازا المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي بالتشدد في مراقبة التزام استخدام حزام الأمان وتقديم رخص السوق وضبط مخالفات السرعة.
ريفي: رادارات وتشدّد
من جهته، قدم اللواء أشرف ريفي في حديث لـ«الأخبار» تعازيه لعوائل الضحايا، وعبّر عن أسفه الشديد لهذا الحادث المروع. وشدّد ريفي على اهتمامه بشكل رئيسي بمشكلة حوادث السير التي تبين الإحصائات أنها السبب الرئيسي للوفاة حيث يصل المعدل الشهري إلى 30 قتيلاً جراء حوادث السير مقابل 10 في سائر الجرائم. وفي هذا الخصوص، تحدّث اللواء ريفي عن الإجراءات التي تتخذها قوى الأمن الداخلي للحد من حوادث السير مشيراً الى إعداد المديرية لخطة تركيب رادارات مزودة بكاميرات تصوّر مكان المخالفة وسرعتها وتاريخها وتوقيتها على جميع الطرق الرئيسية في لبنان، واعداً بإنجاز هذا المشروع قبل نهاية العام الحالي. وتعمل المديرية على نظام ممكنن يجمع معلومات عن السيارات، إضافة الى توفير عدد من الدوريات السيارة للتدخل وتوقيف المخالفين على الطرقات. وأخيراً، تعهد ريفي بالتشدد في ضبط المخالفات وأخذ الإجراءات القانونية
اللازمة.