أنطوان سعد
قطع اجتماع القوى المسيحية في فريق «الأكثرية»، الإثنين الماضي، في مقر قيادة حزب «القوات اللبنانية» في معراب، الشوط الأساسي في مسيرة تحقيق الهدف الرئيس من وراء عقده، وهو خلق غطاء مسيحي لعملية اختيار مرشح واحد من قوى الرابع عشر من آذار لخوض معركة انتخابات رئاسة الجمهورية ابتداء من الخامس والعشرين من أيلول المقبل. وفي هذا الإطار، وفّر اجتماع القوى والشخصيات المسيحية الموالية في معراب لفريق الأكثرية وبخاصة لتحالف تيار «المستقبل» والحزب التقدمي الاشتراكي أمرين مهمين لم يكن من السهل تحقيقهما في غير هذا الطريقة:
ــ الأول عدم المجازفة في المفاضلة بين المرشحين الكثر المنضوين في هذا الفريق مع ما قد يتضمنه ذلك من تداعيات وتصدع في صفوفه ناتج عن استياء من لا يتم اختياره، خصوصاً أن أرجحية الأكثرية ليست كبيرة وأن جميع المرشحين الموالين المتداولة أسماؤهم يمكن التفاهم معهم.
ــ الثاني تحصين المرشح الذي ستقع عليه القرعة من تهمة اختياره من غير المسيحيين وبخاصة من قريطم والمختارة المتهمتين من القوى المسيحية المعارضة بفرض هيمنتها على المسيحيين وبتهميشهم. وقد عكست مصادر جديرة بالثقة شاركت في الاجتماع أجواء متفائلة عن الجو الذي ساد فيه معتبرة أن «الأطراف المجتمعة مدركة لحجم المسؤولية الملقاة على عاتق كل منها إزاء الاستحقاق الرئاسي المقبل ولواجب إنضاج توافق على مرشح واحد».
وتستبعد هذه المصادر، بالاستناد إلى خبرة طويلة من الاجتماعات بين الأطراف المسيحية، أن تنقلب الإيجابية السائدة إلى مشاحنات وتنافس غير مشروع بين المرشحين الرئاسيين مشيرة إلى الطريقة الراقية التي جرى التعامل فيها مع مسألة البروتوكول التي طرحها وجود الرئيس أمين الجميل في الاجتماع. وتتوقع نتائج ملموسة ومهمة على رغم أن اجتماع معراب لم يسفر عن اتفاق على أي موقف من المسائل الشائكة المطروحة المتعلقة بالاستحقاق الرئاسي من مثل نصاب جلسة الانتخاب أو وضع الخطوط الرئيسية للآلية الواجب اعتمادها لاصطفاء المرشح الذي ستخوض به قوى الرابع عشر من آذار الانتخابات.
وتؤكد هذه المصادر أن لا ملامح واضحة بعد لهذه الآلية أو لهوية مرشح الأكثرية وأن القوى والشخصيات التي شاركت في الاجتماع تصب جهدها الأساسي في هذه الأثناء على بلورة أفضل طريقة ممكنة تؤمن اختيار الشخص الأفضل لهذه المرحلة تمهيداً لعرضها على الاجتماع المقبل الذي لم يعرف بعد مكان وتاريخ انعقاده ولا ما إذا كان سيضم الأطراف أنفسهم أو سيجري توسيعه ليضم فاعليات مسيحية قريبة من تيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي أو سيجمع كل التلاوين الطائفية في فريق الأكثرية.
في المقابل، تعتبر شخصية سياسية مخضرمة هي أقرب إلى قوى الرابع عشر من آذار منها إلى المعارضة أنه كان يجدر بالمجتمعين في معراب «الذين بدوا كأنهم لا يدرون ماذا يفعلون وإلى أين يتجهون» أن يضيفوا جانباً مهماً إلى نقاشاتهم التي طالت من غير أن تسفر عن نتائج حاسمة، من شأنه أن يسهّل عليهم إيجاد الآلية المطلوبة لاختيار المرشح. وهو وضع تصور عن دور رئاسة الجمهورية في المرحلة المقبلة والمهمات الجديدة المطلوبة منها في ضوء التبدلات الكبيرة الحاصلة في الأوضاع الداخلية والإقليمية والدولية. وتضيف هذه الشخصية أن توضيح هذا الدور سيجعل ملامح مرشح الموالاة أوضح لأنه يمكن بالتالي قياس كل طالب ترشيح على هذا الأساس المتفق عليه. وتبدي قلقها من تحرك المرشحين في الفترة المقبلة ومن ميلهم لتقديم التزامات لهذا الجانب المؤثر في الساحة اللبنانية أو ذاك ومن تصاعد اتجاه كل مرشح لتعرية منافسيه.
في هذا الوقت، بدأ كل طرف في الموالاة يضع مجموعة الفيتوات على من لا يؤمن له مصالحه داخل فريق الأكثرية ويسوّق الاعتبارات التي يفترض أن تحول دون ترشيح هذا أو ذاك. ومع أن اسمي النائب بطرس حرب والنائب السابق نسيب لحود هما الأكثر تداولاً، يقول بعض الموالين إن لحرب بعض الارتباطات والاتصالات التي لا تريح أركان فريق الأكثرية، لذلك هم يترددون أمام تزكيته لخوض معركة الانتخابات الرئاسية به، فيما رد أحد أقطاب الرابع عشر عن آذار عن سؤال حول استعداد النائب سعد الدين الحريري بالسير بلحود القادر على منافستهم في السعودية نفسها بالقول: "قبل التساؤل عن موقف آل الحريري، هل سيقبل الشيخ أمين الجميل بترشيح نسيب لحود؟"