strong>سعد الله الخوري: وكالة متري ساقطة ولا وجود لوزير وكيل في وجود وزير أصيل
مرة جديدة، تحتلّ وزارة الخارجية والمغتربين واجهة الاهتمامات، ولا سيما بعد صدور مطالعة مجلس الخدمة المدنية التي جاءت «حاسمة» لجهة عدم قانونية قراري الوزير الأصيل المستقيل فوزي صلّوخ والوزير الوكيل طارق متري، في شأن التعيينات الإدارية.
وفي استرجاع خاطف لمعطيات الأزمة القائمة حالياً في قصر بسترس، لا بدّ من التذكير بأنها تعود إلى تمرّد السفراء على قرار صلوخ، الصادر في 26 تموز الفائت، الذي قضى بإبطال قرار متري القاضي بتكليف سفراء الفئة الأولى بمهمات مديرين للوحدات الإدارية في الوزارة، والتي من المفروض أن تتمّ عبر مرسوم عادي يوقّعه رئيس الجمهورية إميل لحود.
وبعد أقلّ من 48 ساعة على صدور مطالعة مجلس الخدمة المدنية، أشار صلّوخ، في حديث لـ«الأخبار»، إلى أنه يحترم المطالعة الصادرة عن مجلس الخدمة المدنية «المؤسّسة الرقابية التي تساعد في إيجاد الحلّ، ويخضع لها موظّفو الدولة»، في ظل وجود «نحو 60 إلى 70 في المئة من هؤلاء الموظفين يقومون بأعمالهم تكليفاً»، مؤكّداً استحالة «أن يكون هناك فراغ في وزارة الخارجية، أو أن يتوقف العمل في سفارات لبنان في الخارج».
ومشدّداً على كونه الوزير المختصّ «المخوّل بعرض المسألة الخلافية على مجلس الوزراء»، لفت صلّوخ إلى أنه لن يقوم حالياً بهذا الأمر لأنه «لا وجود لمجلس وزراء قانوني وميثاقي»، و«المسألة غير مهمة لعرضها، ويمكن البتّ بها داخل الوزارة»، آملاً «الانتباه إلى عدم قانونية عرض المسألة الخلافية من قبل وزير غير أصيل».
بدورها، علّقت مصادر دبلوماسية على تمرّد السفراء المعيّنين في الإدارة المركزية على قرار صلوخ، معتبرة أن قرار الأخير هو «الأعلى، لكونه الرئيس التسلسلي الأعلى في الوزراة»، وأن المخالفة الصريحة «خطيرة تستدعي المعالجة الفورية، منعاً لتداعيات لاحقة، واعتبارها سابقة يحتذى بها».
ورأى مصدر دبلوماسي أن الحلّ «الأمثل» لمعالجة الأزمة القائمة في وزارة الخارجية، بما يزيل البلبلة ويحيّد السلك الدبلوماسي عن الصراع السياسي القائم في لبنان، يكمن في «عدم تبنّي مجلس الوزراء قراري الوزيرين الأصيل والوكيل، والمبادرة إلى تقديم اقتراح ثالث يعالج نقاط الخلاف الموجودة في القرارين، بعد استشارة الوزيرين المعنيين، مع الأخذ في الاعتبار ضرورة مراعاة مبدأ: الرجل المناسب في المكان المناسب».
وفي مقابل حالة البلبلة المحيطة بموضوع التعيينات، وسط سجال استحال إلى ما يشبه «قصة إبريق الزيت» بين الوزيرين صلّوخ ومتري، يجزم رئيس مجلس شورى الدولة السابق القاضي الدكتور يوسف سعد الله الخوري، في حديث إلى «الأخبار»، أن «وكالة وزير الثقافة طارق متري ساقطة، ولا تستقيم بوجود الوزير الأصيل فوزي صلّوخ الذي لم تقبل استقالته بعد»، مؤكّداً أن الأخير هو «وحده المخوّل عرض المسألة الخلافية أمام مجلس الوزراء». أما إذا رفض عرضها، فـ«لا يجوز لمجلس الوزراء عرض هذه المسألة الخلافية ومناقشتها واتخاذ أي قرار»، وإلا فإن عكس هذا الأمر «يعتبر اعتداءً على صلاحيات الوزير». ورأى أنه «لا شغور في الوحدات المركزية في وزارة الخارجية ما دام صلوخ يقوم بتصريف الأعمال».
ويلفت الخوري إلى أن حضور متري، كوزير بالوكالة، خلال اجتماع رئيس الحكومة فؤاد السنيورة مع القائم بالأعمال الفرنسي أندريه باران، أمس، هو «اعتداء» على صلاحيات صلّوخ، كما هو الأمر بالنسبة لأية اجتماعات أخرى من هذا النوع، إذ «لا وجود لوزير وكيل، إطلاقاً، في ظل وجود وزير أصيل».
ومستنداً إلى أحكام القانون الإداري للموظفين، يؤكّد الخوري أن «مخالفة قرارات الوزير صلّوخ لا تجوز، كون استقالته لم تقبل بعد، وهي تعرّض عدم الملتزِمين للمساءلة والمحاسبة».
ويشير الخوري إلى أن رأي مجلس الخدمة المدنية بعدم قانونية قراري صلّوخ ومتري «سليم»، لأن التعيينات الدبلوماسية «لا تتمّ بالتكليف، بل بمرسوم عادي يصدر بناءً على اقتراح الوزير المختصّ، ويستلزم توقيع رئيس الجمهورية لكي يصبح نافذاً»، وإلا فـ«الوكالة أو الانتداب». وحسب القانون، فإن مجلس الخدمة المدنية «يبدي رأيه عند استشارته بموضوع خلافي»، و«تسمّى موافقته التأشيرة».
وفي شأن عدم التزام السفراء بقرار الوزير الأصيل، يؤكّد الخوري أن «على الموظف الالتزام بقرارات رئيسه، حتى لو كانت مخالفة للقانون»، و«إذا أصرّ الرئيس التسلسلي (الوزير الأصيل) على قراره المخالف للقانون، خطياً، يقوم الموظف بلفت نظر رئيسه، خطياً، إلى أن الأمر مخالف للقانون. وفي حال إصرار الوزير على موقفه، عملاً بمبدأ استمرارية المرافق العامة، على المرؤوس وجوب التنفيذ. وعندها، تقع المسؤولية على الرئيس التسلسلي»، لافتاً إلى أن هذه المخالفة المسلكية «تلاحقها الإدارة حسب درجتها: بدءاً من اعتبارها مخالفة مسلكية، وصولاً إلى إحالتها على المجلس التأديبي، تحت رقابة القضاء».
وبالعودة إلى موقف الوزير متري من مطالعة مجلس الخدمة المدنية، فإنه رأى فيها «استناداً إلى نصّ القانون حرفياً». وفي ما يعنيه، قال في بيان أصدره: «عندما قمت بتكليف بعض الوزراء بمهمات، كنت أعلم أنه لا يوجد مسوغ قانوني بالتكليف، بل هناك مسوغ قانوني بالإنابة. لكن هذا الأمر لا يطبق في وزارة الخارجية، لأنه لا يمكن لإداري أن ينوب عن دبلوماسي. لذا، كنت مضطراً إلى تأمين حسن سير المرفق العام بعد الشغور في الوزارة، بسبب سفر بعض السفراء. وبعد هذا الإجراء، رفعت الأمر إلى مجلس الوزراء، لأنني كنت مدركاً أنه تدبير مؤقت بحاجة إلى معالجة على مستوى مجلس الوزراء الذي ارتأى انتظار جواب مجلس الخدمة المدنية قبل أن يبتّ بالأمر».