البص ـ بهية العينين
ينتظر أبناء مخيم البص إنجاز شبكة الصرف الصحي، بعد بدء ورشة التزفيت التي جعلتهم يستبشرون خيراً، لكن ما يقلقهم هو وتيرة العمل المملّة ولا سيما بعد حذف تاريخ انتهاء المشروع من اللافتة التي وُضعت في المخيم


لأنّ اليد قصيرة والعين بصيرة، لم يطلق أبناء مخيم البص الأسهم النارية ابتهاجاً بعودة «الزفت» الذي لوّن كل تفاصيل حياتهم وغاب عن طرقاتهم أكثر من 30 عاماً. ولم يجد مراهقو المخيم سوى تأليف النكات فرحاً بـ«زفت» طال انتظاره. وراح سمير الحاج يمازح ابن جاره أحمد الصغير قائلاً له: «ولا بيع الحُفاي زفتوا شوارع المخيم». ويصرخ آخر على أطفال يركضون على شارع ارتدى ثوب «الزفت» حديثاً قائلاً لهم «روحوا إلعبوا غير هون أحسن ما توسخوا الزفت خلوه جديد بعد شهرين العيد».
لم يشكُ الفلسطينيون من بطء وتيرة تنفيذ مشروع إعادة تأهيل البنى التحتية الذي يشهده المخيم للمرة الأولى، فالصمت بات سمة يتصف بها أهله، لأنّ الاعتراض، كما قال الفلسطيني غيث الحاج، لا يحق للذين لا صوت لهم. وبنبرة فيها الكثير من اللوم تابع غيث: «للشعب الفلسطيني العديد من المسؤولين «بلا مسؤولية»، أما نحن «الشعب فلا حول ولا قوة لنا».
هذا المخيم الذي يختلف عن سائر المخيمات من حيث الشكل والمضمون كان يتمتع بمداخل عدة. لكنّ الحكومة اللبنانية في عهد الرئيس الشهيد رفيق الحريري عمدت إلى إغلاقها بسواتر ترابية ما عدا اثنين وُضع عليهما حاجزان للجيش اللبناني وحُدّد واحد للدخول منه إلى المخيم،
والثاني لمغادرته.
ويضم المخيم المستشفى الحكومي الوحيد لقضاء صور، ومدرستين لوكالة الأونروا ومجموعة روضات للأطفال، إضافة إلى أنّه ثاني أكبر سوق تجارية بعد مدينة صور في القضاء، علاوة على ذلك الكثافة السكانية التي يكتظ بها.
تدلّ هذه المواصفات على حجم الحركة البشرية التي لا تهدأ طوال أيام الأسبوع، وحجم المعاناة التي سبّبتها وتيرة العمل في تنفيذ المشروع، والتي جعلت أصحاب المحالّ التجارية خصوصاً يتمنّون لو بقي المخيم على حاله.
لم يعد الفلسطيني محمد الرفاعي وهو أحد تجّار الألبسة يحسب إلاّ خسارته اليومية، ويقول: «في فصل الشتاء الماضي كانت الخسارة خسارة الزبائن بفعل صعوبة المرور على الطرقات التي انتشرت فيها المستنقعات كأنها فخاخ، وفي الأزقة التي بات فيها خطر الانزلاق محتّماً بفعل الوحل، أما في الصيف، فقد قضى الغبار على جميع الألبسة وجعلها تبدو بالية ما «هشّل» الزبائن أيضاً».
أما موظفو المستشفى الحكومي من أطباء وإداريين، فيرون أنّ تنفيذ المشروع خطوة إيجابية تؤدي إلى تحسين ظروف الحياة اليومية، لكنّهم لم يخفوا استياءهم من وتيرة العمل البطيئة التي تضيّق الخلق.
وقد رفعت وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين في لبنان (الأونروا)، لوحة عريضة زرقاء اللون في وسط المخيم أعلنت بدء تأهيل شبكة الصرف الصحي، ومياه الشرب والأمطار، إضافةً إلى تعبيد الطرقات، وحددت الحاجة إلى 300 يوم لإنجاز المشروع الذي بدأ في 15ـ 3ـ 2006. وعلى الرغم من أنّ ورشة «الزفت» بدأت منذ عشرة أيام في إحدى طرقات المخيم التي جعلت أبناء المخيم يستبشرون خيراً إلاّ أنّ وتيرة العمل المملة وحذف تاريخ الانتهاء من المشروع، أوجد حالة من الذعر والقلق عند أبناء المخيم من أن يأتي الشتاء المقبل ويعيشوا معاناة ومأساة الشتاء الماضي.
مسؤول في مكتب الأونروا حمّل عدوان تموز في العام الماضي مسؤولية التأخير في إنجاز المشروع، إضافة إلى أنّ الدول المانحة لم تدفع تكلفة المشروع دفعة واحدة. وعن حذف تاريخ الانتهاء من لافتة إعلان بدء المشروع نفى المسؤول علمه بالأمر، مؤكّداً انتهاء تنفيذ المشروع قبل حلول فصل الشتاء المقبل. وحدّد تشرين الثاني موعداً للانتهاء من تنفيذ المشروع بالكامل.