جديتا ــ سيرين قوبا
جديتا المشهورة بينابيعها ومياهها التي تعدّ خزاناً استراتيجياً وحيوياً لمياه الشفة في منطقة زحلة، تعاني منذ عدة سنوات انقطاعاً مزمناً في مياه الشرب أدخل الأهالي في «أتون» العطش.
وهذه الأزمة المتفاقمة يوماً بعد يوم، دعت إلى حال من الطوارئ وامتعاض من اهالي البلدة الرافضين لمحاولة وزارة الطاقة والمياه أخيراً اعادة العمل بمشروع تنفيذ جر مياه جديتا الذي توقف منذ عشر سنوات إلى كسارة ـــــ زحلة، لأن جر المياه الى زحلة أساساً أدى إلى انخفاض كبير في منسوب المياه في جديتا وإلى أضرار وخسائر كبيرة في عيونها وينابيعها ومجاريها، فاليوم لم يعد في جديتا عين مثلما كانت عليه في السابق، فالعين التي كانت تنتعش من على ضفافها المقاهي ويحلو السهر لروادها، تحولت الآن الى بقع من العليق، والينابيع جفت والمجاري اختفت آثارها والمساحات الخضراء التي كانت تكسو البلدة اصبحت يابسة، بسبب ضعف المياه من البلدة وشحها من معظم عيونها الثماني الموزعة في أرجائها والتي كانت مقصداً لأهالي البلدة والجوار لتعبئة «غالونات» مياه الشرب، الأمر الذي انعكس أيضاً سلباً على حركة السياحة والاصطياف في البلدة.
هذا الرفض الأهلي والشعبي أبلغ الى وزارة الطاقة عبر رئيس البلدية، الذي اكّد اعتراض الاهالي بحزم وقوة على حرمانهم من المياه، مطالباً بصون حقوقهم لأن جديتا ظلمت وحرمت من مياه الشرب والري، وأرفق هذا الرفض بكتاب رفعته البلدية الى المفتش الهندسي في وزارة الطاقة يونس الربيع تحت عنوان «قضية مياه جديتا» الذي تحدث عن الأضرار التي طالت وستطال اهالي البلدة التي يفوق عدد سكانها عشرة آلاف نسمة.
«صراع المياه» الذي بدأ يأخذ مجده في البقاع بسبب شح الينابيع واللامبالاة الرسمية بالمياه الجوفية وفوضى حفر الآبار الارتوازية، عبّر عنه رئيس بلدية جديتا العميد وهيب قيقانو فقال: «هناك مؤامرة على مياه جديتا عمرها سنين، وهي مستمرة ولن تتوقف الاّ اذا تصدينا لها متضامنين لأن جديتا يجب أن تأخذ حقوقها في مياهها وينابيعها ومساحاتها» وأضاف: «سنتحرك خطوة خطوة وفق تصرف الإدارة الرسمية وسنستعمل كل الوسائل السلمية. لذلك يجب أن نكون يداً واحدة وقلباً واحداً حفاظاً على حقوق بلدتنا».
يُشار إلى أن مصادر المياه المنتفع منها للشرب في جديتا هي ثماني عيون: «عين جديتا، عين زبدل، عين شتورة، عين الشنشولة، عين الصوان، عين ام علي، عين صبيح، عين عساف» وهذه العيون هي في اساس وجود جديتا وعمرانها وتطورها وازدهارها، وقد اصبحت في وضع كارثي منذ اكثر من ثلاثة عقود وهي لم تعد موجودة نسبياً إلا في ذاكرة المسنّين وعلى الصحائف العقارية.
ويقول الدكتور جوزف خزاقة، إن المشاريع العشوائية والارتجالية التي تعرضت لها مياه جديتا ادخلت البلدة في أزمات ومشكلات متداخلة، كان أبرزها جفاف الينابيع كلياً، وزوال المقاهي، وفقدان الطابع السياحي والاصطيافي، والاتجاه السريع نحو التصحر، والاستعاضة عن مياه الينابيع المفقودة في الري بالمياه المبتذلة من المجارير، وشح مياه الشرب في الشبكة العامة حيث تنقطع معظم ساعات النهار صيفاً وشتاء.