نهر البارد ــ نزيه الصديق
ساد هدوء نسبي بعد ظهر أمس على محاور المربع الأمني في مخيم نهر البارد الذي يتحصّن بداخله مسلّحو تنظيم فتح الإسلام، بعدما كانت هذه المحاور قد شهدت اشتباكات عنيفة قبل الظهر، وغارات شنّتها المروحيات العسكرية التابعة للجيش اللبناني، من غير أن يطرأ أي جديد على موضوع إجلاء عائلات المسلحين من داخل المخيم، بانتظار اتصال لم يحصل بعد من المتحدث الإعلامي باسم التنظيم أبو سليم طه لتحديد موعد خروجهم.
وكانت المروحيات العسكرية قد نفذت اعتباراً من الخامسة من صباح أمس أربع غارات متتالية على تحصينات المسلحين، وأفيد عن تدمير أحد الملاجىء عند الجهة الشمالية الشرقية من المخيم، وبأن عدداً من المسلحين كانوا بداخله يحتمل مقتلهم فيه.
وشوهدت أعمدة الدخان ترتفع فوق المخيم، في الوقت الذي أفيد فيه أن الجيش أحكم السيطرة على مثلث حي المهجرين والمحيط الحنوبي لمبنى التعاونية ومركز ناجي العلي الطبي، وأن وحداته تقدمت لمحاصرة ملجأ سعسع الذي يقال إن القسم الأكبر من المسلحين التجأوا إليه مع عائلاتهم، ومنه يقودون حربهم في مواجهة الجيش الذي بات بحكم المسيطر على طول الشارع الرئيسي للمخيم من الشمال إلى الجنوب، والذي يتمدد إلى الجهة الشمالية الغربية في اتجاه ما بقي من مواقع المسلحين الذين تراجعوا إلى خطوط خلفية لهم، متحصنين بالملاجىء وبعدد من الأبنية التي حوّلها قصف الطائرات ومدفعية الدبابات الى دشم، يحاول المسلحون استخدامها والتستر خلفها لاستهداف العسكريين وآلياتهم برصاص القنص وقذائف الـ«آر.بي.جي»، إضافة الى صواريخ الكاتيوشا التي أطلقوا أمس صاروخين منها، سقط أحدهما في البحر قبالة شاطىء بلدة العبدة في عكار.
إلى ذلك سجلت الزوارق الحربية التابعة لبحرية الجيش اللبناني حضوراً لافتاً طوال ليلة أول من أمس وحتى صباح أمس قبالة شاطىء المخيم وعلى طول الشاطىء الشمالي، في عملية مراقبة دائمة منعاً لاحتمال فرار المسلحين عبر البحر كما حصل يوم أول من أمس، حيث تمكنت دورية للجيش من إلقاء القبض على أحد أبرز المقاتلين في تنظيم «فتح الإسلام» ويدعى محمد قاسم السعدي، المدرج اسمه في لائحة الادعاء التي أصدرها القضاء اللبناني في حق عدد كبير من عناصر تنظيم «فتح الإسلام».
أما من جهة موضوع خروج عائلات مسلحي تنظيم «فتح الإسلام» من المخيم، فقد أكد عضو رابطة علماء فلسطين الشيخ محمد الحاج أنه في انتظار «اتصال من أبو سليم طه الذي يرجح أنه موجود داخل المخيم بعد إعادة تشغيل خطه الهاتفي»، مؤكداً «ان المحاولات مستمرة في انتظار الإجابة والرد على مسألة خروج عائلات مسلحي «فتح الإسلام»، والرد على طلب قيادة الجيش استسلام المسلحين، أو تسليم المسلحين أنفسهم للعدالة، بما يضمن وقف النزف المؤلم للجميع، ويحفظ دماء شهداء الجيش وكرامته»، مؤكداً أن «عدد الذين سيتم إخراجهم من العائلات في المخيم هو 23 امرأة و45 طفلاً، من غير أن تحدد الأسماء».
وتمنى الشيخ الحاج «نجاح المبادرة بما يخدم مصلحة الشعبين الفلسطيني واللبناني من خلال الاتفاق، ووضع حد لهذه المأساة، وعودة الحياة الطبيعية الى مخيم نهر البارد والشمال».