غسّان سعود
زويــن: مجموعــة انقلابيــة تمســك بقــرار الحــزب وتقزّمــه لأهــداف صغيــرة

كعادتهم منذ سبعة وعشرين عاماً، يستعيد رفاق قتلى «القوات اللبنانيّة» سابقاً وعائلاتهم ذكراهم اليوم في احتفال دأبت حركة «التنظيم» على إحيائه بين بيروت و«غابة أرز الشهيد» في منطقة طبرية الكسروانيّة طوال السنوات الماضية. ويأخذ «يوم الشهيد» بعداً إضافياً هذا العام بعدما ثبت أن «ثمة من يحاول تجيير بطولاتهم لمصالحه الخاصة، مبعداً من ضحى بحياته ومستقبله خلال العقود الماضية للمجيء بأشخاص يفتقد تاريخهم إلى النضال، وتقتصر بطولاتهم على القتل على الهوية وتشويه صورة أحزابهم» بحسب الأمين العام لحركة التنظيم عبّاد زوين.
ويشدد زوين، وهو المدرب الأبرز لمعظم مقاتلي القوات، ومنهم بشير الجميّل، على ضرورة أن يفهم الجيل الجديد أن القوات اللبنانية القديمة التي ساهم في إنشائها إثر معركة تل الزعتر لم تعد موجودة، و«ثمة مجموعة انقلابية لا تمتّ تقريباً إلى تلك القوات بصلة تمسك اليوم بقرارها وتقزّمها لتخدم أهدافاً سياسية صغيرة جداً». ولا يخفي زوين ثقته بقدرة «الاتحاد من أجل لبنان»، الذي انتخبه أميناً عاماً له غداة تأسيسه، على أن يوضح هذه الصورة، مقدّماً طروحات تفي حقّ «الذين قدموا الغالي في سبيل وطنهم، وخصوصاً مع جهد أمينه العام الجديد مسعود الأشقر».
وفي السياسة، يوضح زوين أنهم لن يهادنوا أبداً فريق «تيار المستقبل» وأتباعه من مختلف الطوائف، مشيراً إلى «أن مشروع الحريري للبنان يختصر بإقامة دولة وهابيّة ترفض وجود غير أهل السنّة فيها، وترفض الاعتراف حتى بالسنّة المعارضين لأميرها». ويتهم زوين الرئيس فؤاد السنيورة بالتخطيط لإغراق لبنان بالديون وتشجيع الحركات الأصولية تمهيداً لفرض الحل الذي يريدون. ويتساءل «لماذا بذل هذا الفريق جهداً جباراً لتمرير باريس 3 ليحفظ مصالحه، ولم يرفّ له جفن في المقابل لتجهيز الجيش اللبناني الذي زج في معركة، مفترضين خروجه منها منهكاً غير قادر على ضبط ميليشيات 14 آذار التي بدأت التسلح».
ويرى أن الالتزام بإحياء «يوم الشهيد» يعود في الأساس إلى تمسك «الرفاق» بتجديد تعهدهم في رفض كل ما يخدم أهداف «الحريرية السياسية»، وتذكير أهل مجتمعهم بأن من ينسى تاريخه يكرر الوقوع في الأخطاء نفسها، لافتاً إلى أن الاحتفال بهذا اليوم لم يمنع خلال سبع وعشرين سنة إلا مرتين عامي 1989 و1990 حين كان رئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية يسيطر على أعالي كسروان حيث تقع بلدة طبرية، لكن المعنيين خرقوا الحظر وتمكنوا من إتمام تقليدهم وسط الأرزات الستمئة، بينها واحدة غرسها بشير الجميل باسم «المقاوم المجهول». واللافت وجود أرزتين غرستا قبل بضعة أعوام: واحدة خاصة بذكرى الجنود الأميركيين الذين قتلوا في لبنان، وأخرى بالجنود الفرنسيين الذين سقطوا أيضاً في بيروت عام 1983، دون أن يتّضح الرابط بين هؤلاء وقتلى «القوات اللبنانية» عموماً و«التنظيم خصوصاً».
تجدر الإشارة إلى أن حركة «التنظيم» هي أولى المجموعات المسيحية التي بدأت التدرب والتسلح منذ نهاية الستينيات استعداداً «للدفاع عن السيادة وحماية المجتمع المسيحي» كما يقول الأمين العام للحركة عباد زوين الذي أسس الحركة مع أربعة شبان آخرين بعد رفض قيادة حزب الكتائب النقاش الجدي معهم في بدء التحضيرات العسكرية لحماية المناطق المسيحية. وانطلاقاً من تفوقهم في التنشئة والتوعية، وغناهم بالكوادر العلمية تحوّلوا بسرعة إلى الرافد الأساسي بالمقاتلين لمعظم أحزاب «الجبهة اللبنانية» إبان الحرب الأهلية، علماً بأن التنظيم كان يتقاضى من المتدربين في صفوفه أجراً بدل أن يعطيهم رواتب، وفي موقع طبرية وحده درّب أكثر من 12000 شاب مسيحي على القتال، كانوا جميعهم يُقسمون اليمين على الكتاب المقدّس بأن يحفظوا سرية التدريب وهوية المدربين. ويرى زوين أن النائب جورج عدوان إحدى نكسات الحركة، حيث نظّم مطلع عام 1976 انقلاباً على مجلس القيادة لم يدم إلا بضعة أشهر وعادت الأمور إلى مجاريها. ويذكر زوين أن الإسرائيليين كانوا على تنسيق مباشر مع عدوان، لوجستياً ومالياً. ويعتبر التنظيم أن حزب «حرّاس الأرز» هو الأقرب إليه عقائدياً وتأثراً بفكر الشاعر سعيد عقل.