لأن لبنان أصبح على قاب قوسين من الاستحقاق الرئاسي، أطلق خطباء الجمعة من على منابر المساجد أمس، أكثر من رسالة في اتجاه تصويب الرؤية حيال هذا الاستحقاق المفصلي، بدءاً من التحذير من عواقب التدخّل الأميركي «السافر» في تحديد شخصية الرئيس العتيد، ومروراً بإلزامية توافر نصاب الثلثين في عملية الانتخاب، وصولاً إلى التأكيد على أن رئيس الجمهورية لا يمكن إلا أن يكون لكل اللبنانيين، بعيداً عن خصوصية هويته المارونية، في وطن لا يمكن أن يصبح دويلات.فقد أشار العلامة السيد محمد حسين فضل الله إلى أن الولايات المتحدة الأميركية «لا تزال تضغط على قرارات لبنان الحالية والمستقبلية»، حتى أنها «تتدخّل في تحديد شخصية الرئيس، لتفرض على اللبنانيين بعض الشروط السلبيّة في عملية اختياره بما يتفق مع مصالحها في الاستحقاق الرئاسي»، مؤكّداً أن «الانتماء المسيحي الماروني للرئيس لا يعني ألا يكون للبنانيين الآخرين دور في تحديد شخصيته، في الوقت الذي سيخضعون فيه لقيادته»، إذ إن الانتماء الطائفي لأي مسؤول «لا يعني أن طائفته هي التي تحكم الوطن، ليكون اختياره تابعاً لطائفته لا للوطن». ومذكّراً بأن سقوط الواقع السياسي والاقتصادي والأمني على مستوى الداخل وعلى مستوى انفعال الداخل بالخارج «كان ولا يزال نتيجة النظام الطائفي المتخلّف»، دعا فضل الله اللبنانيين إلى ضرورة «الانطلاق إلى نظام المواطنة الذي يؤنسن النظام، ويؤنسن السياسة كلها».
بدوره، رأى نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان أن «الوقت ليس لتقاسم الحصص والمغانم، بل لبناء وترميم ما هدّمته الأيدي البغيضة والكريهة»، مشيراً إلى أن حماية لبنان تكون من خلال «حماية المجلس النيابي ورئيسه الذي يبذل الجهد من أجل جمع الأطراف»، ومشيراً إلى أن همّ الرئيس نبيه بري الوحيد هو «إنقاذ لبنان، عبر حكومة وحدة وطنية، وبتوافق على انتخاب رئيس للجمهورية»، وأضاف قبلان: «نحن نحتاج لرئيس واحد، لا لأكثر.. ونترك لثلثي النواب هذا الأمر، ليكون انتخاب الرئيس دستورياً»، داعياً إلى ضرورة «فتح جسور الحوار» في هذا الشأن، لأن رئيس الجمهورية «لا يعيّنه الموارنة فقط، بل يشترك في انتخابه كل نواب لبنان»، و«لبنان لا يقسّم، ولا يصبح دويلات، ولا يقبل التوطين ولا الفيدرالية ولا الكونفيدرالية».
من جهته، رأى رئيس مجلس قيادة «حركة التوحيد الإسلامي» وعضو «جبهة العمل الإسلامي» الشيخ هاشم منقارة أن أزمة الرئاسة اللبنانية «أصبحت مرتبطة بأزمة المنطقة، ما أفسح المجال للتدخّلات الدولية والعربية فيها»، في ظل ارتباط هذه الأزمة بـ«تعقيدات أمنية وسياسية» ناتجة عن «التصاريح الأخيرة التي يتشدّق بها بعض السياسيين الطائفيين الذين يتستّرون وراء فرقة 14 شباط، ليضعوا العصي في الدواليب»، داعياً إلى ضرورة «إعادة لبنان إلى اللبنانيين، قبل فوات الأوان».