عين إبل ــ عساف أبو رحال
لم تبدأ عملية إعادة الإعمار في بلدة عين إبل الجنوبية حتى الآن، ما خلا بعض اللمسات الرسمية الخجولة التي تمثلت بمساعدات تفتقر الى آلية وقاعدة يتم بموجبها العمل بعيداً من الاستثناءات. أكثر من مئة عائلة تعتاش من العمل مع قوات اليونيفيل، وقسم آخر يعتمد على القطاع الوظيفي، فيما يسجل القطاع الزراعي تراجعاً وشللاً نتيجة غياب الرعاية الرسمية. ويشغل بال الكثيرين من أهلها الذين تعود بهم الذاكرة الى عقود مضت حين كانت أرض فلسطين قبلتهم، فأقاموا فيها وتملكوا منازل وعقارات وتلقوا تعليمهم في مدارس حيفا، وأتت نكبة عام 1948 وأفقدتهم كل شيء، فكانت نكبتهم، في نظرهم، لا تقل عن نكبة الشعب الفلسطيني.
عند التخوم الجنوبية الغربية لعاصمة المقاومة بنت جبيل، تقوم بلدة عين إبل التي لم تستثنها الاعتداءات الإسرائيلية في عدوان تموز الماضي، وكانت حصتها نحو 800 قذيفة من العيار الثقيل، أدت إلى هدم ثلاثة منازل بالكامل و120 جزئياً، وتضرر نحو 200 منزل.
ويقول جريس طانس خريش: «إن عين إبل جزء من الجنوب الذي يواجه قصاصاً فرضته الدولة، ونحن لا نرضى أن نكون مميزين عن باقي القرى والبلدات الجنوبية. التعويضات اقتصرت على مساعدات قدمها حزب الله مشكوراً الى الأهالي من دون أن يستثني أحداً، وبلغت قيمتها 800 ألف دولار أميركي، بعدما أوفد لجنة مهندسين قدرت قيمة الأضرار الناتجة من العدوان، فيما قدمت الحكومة مساعدات خجولة جداً».
تشرب البلدة من بئر صديقين الارتوازي، لكنها تواجه شحّاً في مياه الشفة، فيشتري بعض الأهالي الصهريج الواحد بـ25 ألف ليرة.
وأضاف «نكبة أهالي عين إبل لا تقل عن نكبة الفلسطينيين وهي جزء منها، حيث شهدت الفترة الممتدة بين عامي 1925ـ 1948 هجرة نشطة الى فلسطين التي شكلت قبلة للجنوبيين، فحطّوا ترحالهم واستقروا هناك لتوافر فرص العمل. بعضهم اعتمد عملاً خاصاً، وآخرون عملوا لدى شركات ومصانع، ومع مرور الزمن تملكوا منازل ومجموعة عقارات شأنهم شأن المواطن الفلسطيني آنذاك. وهناك مجموعة شبان تلقوا تعليمهم في مدارس حيفا مثل مدرسة الفرير التي خرّجت العديد منهم آنذاك ومنهم عبد الله خريش الذي عمل في مصفاة حيفا لتكرير النفط ومشتقاته، وانتقل لاحقاً الى دول الخليج ليعمل في الاختصاص عينه. وبعد عام 1949 تحولت فلسطين الى أرض مسلوبة وعاد الأهالي الى عين إبل تاركين أعمالهم وممتلكاتهم، ليبدأوا مسيرة جديدة في إعادة تنظيم أمور حياتهم».
واعتبر حنا حداد أن غياب الرعاية والدعم الرسميين يدخلان مجدداً سجل الحرمان الذي عاشته المنطقة عقوداً طوالاً، ما أدى إلى شل كل القطاعات والحد من القدرات الذاتية المرتبطة بالعجلة الاقتصادية والتي تفتقر إليها المنطقة لغياب فرص العمل وضيق سبل العيش. وقال: «هناك نحو 120 عائلة من أبناء البلدة تعتاش من خلال عملها مع قوات اليونيفيل، وشريحة أخرى تعتمد القطاع الوظيفي. أما القطاع الزراعي فحدث ولا حرج، فقط مئة دونم من الأراضي الزراعية مغروسة بالتبغ فيما يوجد نحو 45 ألف شجرة زيتون مثمرة يلفها الإهمال بسبب ضيق ذات اليد، وغياب البرامج الزراعية المدعومة من قبل الدولة، وتتميز البلدة بتعايشها وشراكتها الحقيقية مع جاراتها التي تقوم على مبادئ التعاون والتعايش منذ مئات السنين وعلى قاعدة العائلة الواحدة المتمسكة بالعادات والتقاليد القديمة والمشاركة في اتخاذ القرارات على المستوى العام».