صور ـ عـلي عطوي
يعيش اللاجئ العراقي صفاء الموسوي (29 عاماً) داخل أحد معارض السيّارات في صور، وهو يسكن مع زوجته في كوخ خشبي لا تتعدّى مساحته ثلاثة أمتار «هو كلّ ما أملك، ولأنّ سقفه من صفيح تجده في الصيف محراقة وفي الشتاء مغراقة».
يقول إنه اضطرّ إلى مغادرة العراق واللجوء إلى لبنان في عام 1996، «لأنّي هربت من صفوف الجيش، بعدما واجهت ظروفاً صعبة وقاسية في الخدمة على الحدود العراقيّة ـــــ الأردنيّة، فكانت عقوبة الهارب من الجيش أن تُبتَر آذانه، وهرباً من ملاقاة هذا المصير توجّهت إلى لبنان باعتباره أحسن منطقة في البلاد العربيّة».
ويسرد معاناته لدى هروبه من العراق إلى سوريا، «لكن بعد أن دخلت الأراضي اللبنانيّة أحسست بالطمأنينة والأمان، وتقدّمتُ إلى مكتب اللاجئين في الأمم المتّحدة وطلبتُ اللجوء وحصلت على لجوء مؤقّت. أمّا اليوم فأسعى للحصول على لجوء دائم، بسبب ازدياد الأوضاع سوءاً بعدَ انهيار النظام السابق واحتلال العراق، وخصوصاً أنّ أهلي نصحوني بالبقاء هنا عندما اتّصلت بهم لأطمئنّ عليهم، وقالوا لي لا تفكّر بالعودة، لأنّه لا يمكن أن تؤمّن على نفسَك».
تكمُن في قلب صفاء غصّة لعدَم تمكّنه من العودة إلى وطنه وتعتريه حالة من القلَق على مصير أهله «الذين يقطنون في منطقة الحريّة في بغداد، وهي منطقة خليط من السنّة والشيعة، تشهَد حرباً طائفيّة وأعمال عنف، وقد وصل تهديد إلى بيت أهلي ليتركوا المنطقة وإلاّ فسيُقتلون، ما اضطرّهم للخروج فترة شهرين خارج المنطقة، عادوا بعدها فتلقّوا تهديداً آخر، عندئذٍ قرروا ترك المنزل واللجوء إلى مكان آخر لا أعرف وجهته حتّى اليوم».
صفاء الذي يعمَل في غسيل السيّارات وتنظيفها نهاراً وحارساً ليلياً في المعرض، يعبّر عن عدم رضاه على عمله، قائلاً: «هذه ليست مهنة وليسَ لها أيّ مستقبَل، أعمَل من الصباح إلى آخر الليل، كي أؤمّن مصاريف الأكل والشرب ليسَ أكثر، وبالرّغم من أنني قمت بالبحث عن فُرَص أفضَل، لكنّي لم أجد سوى هذا العمَل».
تزوّج صفاء من إسكندرة السريلانكيّة، يقول مبرراً: «اضطررت إلى أن أتزوّج إنسانة فقيرة تساعدني بالمعيشة، سبق وتقدّمت لفتاة لبنانيّة، لكنّها طلَبت مهراً مرتفعاً وأنا غير قادر على تحمّل هذه الأعباء، فتعرّفت بإسكندرة وتحدّثت معها واتفقنا على الزواج، وها نحنُ نتساعد في المعيشة معاً لكي تنفرج الأمور».
اسكندرة الآتية من سريلانكا هرباً من الأوضاع المعيشية الصعبة، تعمَل في أحد البيوت، وهي تتحدّث العربيّة بصعوبة قائلةً: «جئت إلى هنا، بسبب غلاء الأسعار في بلدي من جهة وعدَم وجود فرَص عمَل من جهة ثانية». لكنّها لم تتوقّع ما تمنّته في لبنان من «بحبوحة ووفرة»، وتعبّر عن انزعاجها من هذا الأمر بقولها: «هنا بتشتغل كتير ولا تحصَل على مصاري كتير، لذلك تزوّجت صفاء لنتشارك ونتساعد».
أمامَ هذا الواقع، ينتظر صفاء هدوء الأوضاع في العراق للعودة إلى أرض الوطن، يعلّق على ما يجري في وطنه الثاني، قائلاً: «أحسّ بأنّ لبنان يتّجه إلى أن يصبح مثل العراق».