strong>عفيف دياب ــ نقولا أبو رجيلي
وضعت قوى الأمن الداخلي جميع عناصرها وقطعاتها في حالة استنفار وجهوزية تامة، إثر جريمة هزت بلدة علي النهري (قضاء زحلة) صباح السبت الماضي على خلفية ثأرية، ففتحت ملفاً معقداً اجتماعياً وسياسياً وأمنياً تعانيه منطقة البقاع منذ زمن طويل

تواصل وحدات من قوى الأمن الداخلي بمؤازرة من الجيش اللبناني عمليات الدهم والبحث في مختلف مناطق البقاع الشمالي وجروده عن مطلوبين من آل زعيتر مشتبه فيهم بارتكاب جريمة قتل في وسط بلدة علي النهري صباح السبت الفائت، ذهب ضحيتها أم وولدها بعدما تعرّضا لإطلاق رصاص من مسلحين مجهولين مزودين ببنادق رشاشة.
وتتركز عمليات الدهم والبحث في حدث بعلبك، في محاولة من القوى الأمنية لتوقيف المشتبه فيه ع. زعيتر (مواليد 1956) واثنين من أبنائه.
وفي تفاصيل عملية الاغتيال المزدوجة التي رواها شهود عيان لـ«الأخبار» أنه أثناء توجه علي حسين الزين (38 عاماً) بحافلة صغيرة من نوع فولكسفاكن برتقالية اللون إلى محل تجاري يملكه في وسط علي النهري، عند حوالى السابعة صباحاً، وكانت ترافقه والدته خديحة الفوعاني (58 عاماً)، طاردتهما سيارة رانج روفر زيتية اللون بداخلها أربعة مسلحين أخذوا يطلقون الرصاص من بنادق رشاشة على سيارته، التي ما أن وصلت إلى ساحة البلدة حتى اصطدمت بعمود كهربائي، فأطلق المسلحون الرصاص مرة أخرى على الزين ووالدته للإجهاز عليهما ولاذوا بالفرار. على الفور هرع أبناء البلدة ونقلوا الأم وولدها إلى مستشفى رياق العام حيث فارقا الحياة.
وأضاف شهود عيان أن المسلحين أقدموا أيضاً على إطلاق النار على حافلة نقل ركاب كانت تقف قرب المكان، خوفاً من افتضاح أمرهم، إلا أن سائقه المدعو محمود العوطة نجا بأعجوبة.
وقد سارعت القوى الأمنية إلى تطويق المكان وبدأت التحقيق في الحادث، فيما نفّذت وحدات من الجيش انتشاراً واسعاً تحسباً لأي ردود فعل. كما عاين في وقت لاحق قاضي التحقيق صبوح سليمان وعناصر من الأدلة الجنائية مكان الجريمة حيث بدت بوضوح مظاهر الفوضى في المحافظة على مسرح الجريمة.
وأفاد مصدر أمني «الأخبار» بأن مسلحين يشتبه في أن بينهم ع. زعيتر واثنين من أبنائه، أطلقوا الرصاص على سيارة المغدور الزين، ثأراً لمقتل محمد علي زعيتر (22 عاماً) يوم 26\3\2007، أثناء مطاردة دورية تابعة لمفرزة استقصاء زحلة لسيارته على طريق عام رياق بعد الاشتباه في قيام من فيها بسرقة سيارة من مدينة زحلة. وأثناء محاولة محمد المذكور ومن معه الفرار أطلقت الدورية النار باتجاهم فأصيب محمد زعيتر. وقد شاع بين أقارب القتيل زعيتر أن الرقيب الأول في قوى الأمن الداخلي عباس الزين كان في عداد الدورية التي طاردت القتيل محمد. وأضاف المصدر الأمني أن عملية القتل كانت تستهدف عنصر الاستقصاء المذكور أو أحد إخوته. واشار إلى إن المشتبه فيهم فرّوا باتجاه الجرود الشرقية من السلسلة الغربية، والبحث جار لتوقيفهم.
وزار قائد الدرك العميد أنطوان شكور على رأس وفد من ضباط منطقة البقاع الإقليمية عائلة الزين في منزلها في علي النهري معزياً، مثمّناً الجهود التي تبذل على الصعيدين السياسي والعشائري لتسليم الجناة. وشدد شكّور على أن «قوى الأمن الداخلي لن تنتظر هذه المساعي ولن تفاوض ولن تدع القتلة ولا من يخبئونهم يرتاحون قبل أن يُحضَروا إلى العدالة».
ولاقت الجريمة ردود فعل سياسية ودينية واجتماعية شاجبة، حيث جرت اتصالات على أعلى المستويات لتطويق الحادثة، وعقدت سلسلة اجتماعات أمنية وسياسية في البقاع إضافة إلى اعتصام شعبي نفّذه أهالي بلدة علي النهري الذين اعتصموا في حسينية البلدة وسط إقفال عام في المحال التجارية.
وألقى إمام البلدة القاضي علي المكحل كلمة في المعتصمين دعا فيها «العقلاء والفاعليات إلى وأد الفتنة من خلال تسليم المجرمين القتلة حتى ينالوا جزاءهم العادل»، ملمحاً إلى «تصعيد قد يكون هذا الاعتصام بدايته»، كاشفاً عن «وعد تلقاه من رئيس مجلس النواب نبيه بري ومن النائب غازي زعيتر بتسليم المجرمين بالسرعة القصوى».
وطالب «قيادة قوى الأمن الداخلي بإجراء تحقيق داخلي للكشف عمّن وشوا بمطلقي النار من القوى الأمنية على عناصر مطلوبة للعدالة قبل أشهر عدة»، محمّلاً «القوى الأمنية المسؤولية عن التقصير الذي حصل بالتعامل مع التهديدات المستمرة التي كانت عائلة الضحيتين تتلقاها باستمرار».
وفي اتصال مع «الأخبار» استنكر النائب غازي زعيتر «الجريمة الشنيعة التي ارتكبت بحق أهلنا في بلدة علي النهري»، مؤكّداً «التمسكَ بالقضاء والقوى الأمنية للوصول إلى الفاعلين وسوقهم إلى العدالة». وتحدّث زعيتر عن مساعٍ لتسليم المشتبه فيهم، مؤكّداً أن هذه المساعي «سوف تكون خلف عمل القوى الأمنية».