ثائر غندور
اجتمع أكثر من ثلاثمئة طالب ثانوي في قصر الأونيسكو، لعرض ما توصّلوا إليه في نهاية بحثهم عن مشاريع مواطنية. أظهرت مداخلات وعي الطلاب لمشاكل مجتمعهم ورغبتهم في المشاركة في صياغة السياسات الوطنية

استفاق قصر الأونيسكو على وجوه شباب وصبايا من مختلف المناطق اللبنانية. تذكّر هذا القصر مهرجانات الأحزاب العلمانية التي كانت تملأه بشباب من كل زوايا الوطن. أمس، امتلأت قاعات الأونيسكو بطلاب سبع وعشرين مدرسة، عرضوا ما توصّلوا إليه خلال أشهر من العمل على قضايا تُعنى بالوطن وليست مرتبطة بطائفة أو مذهب.
وقد نظّم «المركز اللبناني للتربية المدنية» بالتعاون مع مؤسسة أميدست، وبتمويل من السفارة الأميركية، عرضاً عاماً باللغة الإنكليزية لمشاريع مواطنية أنجزها تلامذة من مدارس رسمية يتابعون هذا البرنامج تحت عنوان: «مواطنون، معنيون، مشاركون في التغيير». ويهدف المشروع إلى توفير فرصة لقاء عام يجمع التلامذة من مختلف المناطق ومن مدارس متنوعة ليعرضوا مشاريعهم التي عالجت قضايا محلية عامة عبر اتّباع ست خطوات: التعرف إلى أبرز القضايا المحلية، اختيار واحدة لدراستها، جمع المعلومات عنها، عرضها في ملف أعمال، ثم التفكير فيها.
اختار التلامذة المشاركون قضية محلية عامة، تبنّوها، دافعوا عن التزامهم بها، فبحثوا عن المعلومات في شأنها، قابلوا المسؤولين عن حلّها، درسوا السياسة العامة الخاصة بها، انتقدوها حين اقتضى الأمر، زادوا عليها، وفتشوا عن بدائل أخرى لتحسين ظروف حياتهم. فاقترحوا «سياسات عامة» بديلة، وفكروا ملياً في خطط عمل لتنفيذ مقترحاتهم وحشد التأييد لها. ويندرج هذا المشروع في إطار تعزيز المواطنية الفاعلة عبر ترسيخ مبادئ المعرفة، المساءلة والمحاسبة.
وعمل أعضاء لجان التحكيم على سؤال الطلّاب عن المشاريع التي قدّموها، وكان اللافت في إجاباتهم تبني الشائع في المجتمع اللبناني من دون دراسته. فكريستي لا تزال مصرّة على أن المواطن اللبناني لا يبلغ الرشد إلّا في سن الواحدة والعشرين، والحديث عن رشد قبل ذلك هرطقة. كما برز اعتماد الطلاب على مصادر معلومات غير دقيقة في بعض الأحيان، فإحدى المجموعات أشارت إلى أنّ ارتفاع الأسعار في لبنان بلغ ثمانية في المئة في الحد الأقصى، وعندما سألت لجنة التحكيم عن الفترة الزمنية التي حصل فيها هذا الارتفاع، لم يجد الطلّاب الجواب، وتبيّن أنهم يرتكزون في معلوماتهم على موقع تابع للحكومة اللبنانية بحسب ما قالوا، فردّ أحد أعضاء المجموعة ممازحاً: «مع إنو الحكومة ما بينوثق فيها». وبعد انتهاء العروض، تجمّع الطلّاب لتناول الغداء معاً بانتظار صدور قرارات لجان التحكيم، فاندمج بعضهم في بعض ليكون النقاش سياسياً ومناطقياً.
وانقسمت المدارس السبع والعشرون على خمس لجان هي:
ـ اللجنة الوطنية وضمّت: ثانوية كسروان التي تناولت بيع الأراضي لغير اللبنانيين، ثانوية القبيات التي تحدّثت في أوضاع السجون في لبنان، ثانوية خليل سالم التي اختارت التوجيه المهني، ثانوية بعلبك للبنات التي تطرقت إلى قوانين السير، ثانوية المنارة التي تناولت مشكلة البطالة ومركز أميدست الذي عرض لمشكلة ارتفاع تكلفة المعيشة.
ـ اللجنة التربوية وضمّت: مركز أميدست، ثانوية الهرمل، ثانوية باخون وثانوية المختارة التي تناولت عمالة الأطفال وحقّهم في التعلّم، ثانوية سعدنايل التي شرحت الصعوبات التي يواجهها الطلاب ما بين سن الرابعة والسابعة عشرة حين يعملون صيفاً، وثانوية رياق التي عرض طلّابها لأهمية زيادة الأنشطة اللاصفيّة في المدارس الرسمية.
ـ اللجنة الاجتماعية وضمّت: ثانوية زغرتا التي تناولت حوادث السير، ثانوية حسن كامل الصبّاح التي عرض طلّابها لموقفهم من الإجهاض، ثانوية القبيّات للبنات التي تطرقت إلى عقوبة الإعدام وكيفية إلغائها، وثانوية بنت جبيل التي تناولت العنف ضد «خدم المنازل».
ـ اللجنة الصحيّة وضمّت: ثانوية البترون التي عملت على دمج المعوّقين، ثانوية مجدل عنجر التي تحدّث طلّابها عن مخاطر الألعاب النارية، ثانوية حلبا التي طرحت كيفية دفع الطلاب غير المدخنين باتجاه عدم التفكير في التدخين، فيما عملت مجموعة أندريه نحّاس على الشروط التي تفرضها المستشفيات على المرضى قبل دخولهم إلى أقسام الطوارئ والتي تؤدي أحياناً إلى وفاة المريض.
ـ لجنة الخدمات المحلية والبيئة وضمّت: ثانوية فضل المقدّم في الزاهرية وثانوية القبّة اللتين عرض طلّابهما لأهمية قلعة طرابلس الأثرية، ثانوية صيدا للصبيان التي تناول طلّابها موضوع الكهرباء، ثانوية العبّاسية التي عمل طلّابها على إظهار البعد الأثري لبلدة قانا الجنوبية التي تضم قبر أحيرام ملك صور، وثانوية جب جنين التي أثارت قضية تلوّث مياه نهر الليطاني.