أنطون الخوري حرب
متمسك بنصاب الثلثين ومع مطالبة عون بتحقيق في الهدر والمديونية العامة

يجمع النائب روبير غانم، بين عضوية 14 آذار وتميّزه عن طروحاتها الأساسية، وخصوصاً تأييده لنصاب الثلثين ولرئيس توافقي من 8 أو 14 آذار أو مستقل.
للوهلة الأولى قد تبدو «معادلة» التوفيق بين العضوية في فريق ما والابتعاد عن معظم مواقفه وردود أفعاله، غير منطقية، لكن عارفي المرشح القديم الجديد لرئاسة الجمهورية النائب روبير غانم، لا يستصعبون تفسير هذه «الظاهرة الديموقراطية»، فهو لم يبدأ التمايز فقط بُعيد انتمائه الى الأكثرية النيابية، بل منذ دخوله معترك السياسة عام 1968 حيث أوقفه المكتب الثاني بسبب دعمه للنائب السابق جوزف سكاف فيما كان والده عميداً في الجيش مرهوب الجانب.
وفي عام 1975 عارض غانم تشكيل حكومة عسكرية برئاسة نور الدين الرفاعي، لرفضه أي شكل من أشكال الحكم العسكري، مما سبّب له قطيعة مع والده لمدة شهرين. وهو أيضاً الذي رافق الصحافي غسان تويني الى المحكمة ورافع عنه، بعدما تم توقيفه بأمر رئيس الجمهورية سليمان فرنجية آنذاك، عندما كان والده قائداً للجيش وعلاقته بالرئيس فرنجية ممتازة.
أما بعد انتمائه الى البريستوليين، فيُسجل له تميزه عنهم بإطلاقه مع ثلاثة من زملائه ما عُرف بمبادرة النواب الأربعة منذ بضعة شهور، والتي قُطعت الطريق عليها. ثم موقفه الأبرز برفض توقيع عريضة «الإكراه» النيابية أسوة بما فعله 14 نائباً من كتلة الراحل رفيق الحريري للتبرّؤ من الموافقة على التمديد للرئيس اميل لحود 2004، مقدماً مطالعة الى رئيس المجلس النيابي يشرح فيها ما رأى أنه شغور في سدة الرئاسة بسبب تعذّر ممارسة المهمات الرئاسية.
الى ذلك، يؤكد غانم تمسكه بنصاب الثلثين لجلسة انتخاب رئيس جديد للجمهورية، مشيراً الى تقديمه دراسة في هذا الشأن الى لجنة تحديث القوانين النيابية في الفصل الرابع من عام 2006 «قبل أن يفكر أحد غيري بإثارة هذا الأمر». وإذ يرفض مطلقاً فكرة الفراغ الرئاسي، فهو يعارض بشدة معادلة انتخاب رئيس للجمهورية بنصف عدد نواب البرلمان زائداً واحداً كما ينادي أقطاب 14 آذار، معتبراً الكلام عن هذا النصاب بأنه سياسي بامتياز ولا يمت الى الدستور والديموقراطية التوافقية بصلة. ويرى أنه على النواب حضور جلسة الانتخاب الرئاسي في موعدها الدستوري، فإذا لم تحصل الجلسة وتعذّر انتخاب الرئيس «فلكل فريق أن يفعل ما يراه مناسباً له».
كذلك يعارض غانم فكرة التمسك برئيس للجمهورية من فريق 14 آذار «لأن الرئيس يجب أن يكون توافقياً ولكل لبنان، سواء كان منتمياً الى أحد فريقي 8 او 14 آذار او كان مستقلاً»، مؤيداً موقف التكتل الطرابلسي الذي أعلنه خلال مؤتمر سان كلو، ورأى أن موقفه سابق لموقف التكتل ومتقدماً عليه.
أمّا عما يحكى عن آليّة سيعتمدها فريق 14 آذار ة للاتفاق على مرشح واحد، فيشكّك بوجود ذلك، مشيراً الى أن أحداً لم يبحث معه في مثل آليّة كهذه وهو مرشح معلن ومعروف لرئاسة الجمهورية وأحد أعضاء ذلك الفريق. ولا يتردد في الكشف عن أن ترشيحه للرئاسة غير مدعوم من أي فريق أو دولة، معترفاً بأن ذلك «عامل قوة وضعف في الوقت نفسه». ورأى في نتائج انتخابات المتن الأخيرة «دعوة الى إعادة لم الشمل المسيحي وترسيخ قاعدة الديموقراطية التوافقية».
ويكشف النائب والمرشح الرئاسي لـ«الأخبار»، عن عناوين برنامجه الرئاسي للملفات المطروحة، للمرة الأولى، حيث يرى أن مفتاح حل الأزمة الاقتصادية «يكمن في تحقيق الاستقرار الأمني والسياسي، لنحصل على استقرار اقتصادي يزيد من نسبة النمو الاستثماري والتجاري، ومن فرص العمل لتحصين الدخل القومي والفردي»، معتمداً على «تخصيص بعض المرافق العامة، والانتقال من وضعية الاقتصاد الريعي الى الاقتصاد الإنتاجي، ومكافحة الفساد عبر تفعيل دور مؤسسات الرقابة وتحقيق مبدأ الثواب والعقاب». ويشارك النائب ميشال عون في المطالبة بإجراء تحقيق مالي يحدد المسؤولية عن أزمة المديونية العامة ويكشف الهدر الحاصل في هذا الملف.
أما بالنسبة الى سلاح المقاومة، فيذكر غانم أنه طرح على جلسات طاولة الحوار، مشروع استراتيجية دفاعية «يقوم على تشكيل هيئة عليا لاستراتيجية الدفاع تضم الدولة والمقاومة الحالية ومكوّناتها السابقة، تشرف على إدخال عناصر المقاومة في قطعة عسكرية موجودة أساساً وهي أنصار الجيش اللبناني، على أن يبقى سلاح المقاومة الثقيل تحت اشراف الدولة عبر هذه الهيئة. وهكذا تكون المقاومة قد حصلت على الشرعية الداخلية والدولية معاً». ويرى أن وثيقة التفاهم الموقعة بين التيار الوطني الحر وحزب الله تصلح لأن تكون منطلقاً مساعداً لمشروعه.
وعلى صعيد الملف الفلسطيني، يخالف غانم الرأي القائل بمنع السلاح الفلسطيني خارج المخيمات وتنظيمه في داخلها «فلا يستطيع لبنان أو أي دولة عربية السماح بوجود جزر أمنية على أراضيها، لأن هذه الجزر تصبح أرضاً خصبة للإرهاب العالمي والأصولي. لذلك على الدولة اللبنانية أن تنهي هذا الشواذ بالتعاون مع السلطة الفلسطينية، مع الحفاظ على كرامة الإنسان الفلسطيني وتأمين الحد الإنساني المطلوب لحاجاته الاجتماعية». ويرى في ما يتعلق بموضوع العلاقة مع سوريا، أنه «بعدما انتهينا من مسألة المحكمة ذات الطابع الدولي، أصبح لزاماً على أي رئيس جمهورية لبناني أن يحمل كل الملفات العالقة بين لبنان وسوريا لبحثها مع الدولة السورية من أجل تحقيق علاقة متكافئة تسودها المحبة والعدالة ضمن احترام سيادة البلدين»، رافضاً كلام النائب وليد جنبلاط عن استخدام موضوع المحكمة لإسقاط النظام السوري «لأنها أُنشئت لتحقيق العدالة فقط، لا للثأر من أحد. ومن يقرأ نظام المحكمة جيداً يدرك تماماً أنها غير قابلة للتسييس». ويضيف: «لدينا علاقات تاريخية مع سوريا جغرافياً وسياسياً واجتماعياً واقتصادياً، يجب أن نحميها ونحافظ عليها. والتصادم بين البلدين يجعل كلاهما خاسراً».
وفي المقابل، يرى غانم أن الكيان الصهيوني مناقض للكيان اللبناني، والصراع مع اسرائيل «مستمر ثقافياً وحضارياً واقتصادياً حتى في حال حدوث تسوية عربية شاملة معها في المنطقة».
ويختم النائب غانم حديثه بتوقّع إجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها «على خلفية توافق اقليمي ودولي جدي سينقذ لبنان من تداعيات الفراغ الدستوري».