strong>حسن عليق
لم تستطع والدة الموقوف في قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري مصطفى مستو متابعة الكلام عن ابنها ووضع عائلتها، فقد اختنقت بدموعها خلال المؤتمر الصحافي الذي عقده موكلو الضباط الأربعة في الذكرى السنوية الثانية لتوقيفهم، والذي حضره وكلاء الموقوفين الثمانية وعائلاتهم. والدة مستو، الذي كان يملك محلاً لبيع أجهزة الخلوي والبطاقات المدفوعة سلفاً، التي قيل في أحد تقارير لجنة التحقيق الدولية إن ستاً من البطاقات جرى شراؤها من محله، قالت إن ابنها مريض في السجن، والعائلة تبيع ممتلكاتها لدفع تكاليف المحاماة ومصاريف الموقوف وزوجته وابنه. أمّا والده، فيؤكّد أن ما جرى «كان صفقة على حسابنا»، متسائلاً عن سبب توقيف ابنه. يضيف: الياس عيد عندو أخلاق، دائماً يقول لي طوّل بالك، لكن إلى متى؟ ثم يتوجّه بالكلام إلى النائب سعد الحريري طالباً منه أن يكون مثل والده: كان كل الناس يحبون والدك، لماذا تتبع جعجع وجنبلاط؟ سمير جعجع في قتلى برقبتو وجنبلاط بدو يقسّم البلد. لم يكمل الرجل العجوز كلامه بسبب البكاء. قبل رحيله، يقول لـ«الأخبار» إنه باع منزلاً كان يملكه ابنه مصطفى لدفع مصاريف المحامي ومصاريف ابنه والعائلة. ثم يقول، ويؤكّد كلامَه نور طربيه، والد الموقوف أيمن طربيه الذي كان يعمل في المحل الذي كان يملكه مستو، «إن النائب محمد الصفدي اشترى قبل الانتخابات من محل ابني أكثر من 800 خط خلوي من دون هويات، وكذلك فعل النائب سمير الجسر. كل الناس في لبنان كانوا يشترون ويبيعون الخطوط الخلوية من دون تسجيلها بأسمائهم. لماذا يوقَف أبناؤنا فقط لهذا السبب؟»
أمّا منى عبد العال، شقيقة الموقوفين أحمد ومحمود عبد العال، فأكّدت تشوّقها وعائلتها وشقيقيها إلىمعرفة حقيقة من قتل الرئيس رفيق الحريري. واشتكت عبد العال من إصابة شقيقها أحمد بأمراض مزمنة: أصيب بالسرطان والضغط والقرحة ومرض في القلب والبواسير. تضيف عبد العال إنها لا تتحدّث لاستجداء عاطفة، لكن لقناعتها ببراءة شقيقيها اللذين لم يخضعا للتحقيق لدى المحقق العدلي سوى مرة واحدة خلال سنتي التوقيف.
وكلاء الدفاع: المعركة معركة وقت
في المؤتمر الصحافي الذي عقد في فندق كورال بيتش وحضره سياسيون وإعلاميون، تحدّث وكلاء الضباط الأربعة، النقيب عصام كرم (وكيل اللواء علي الحاج) والوزير السابق ناجي البستاني (وكيل العميدين ريمون عازار ومصطفى حمدان) والمحامي أكرم عازوري والمحامي يوسف فنيانوس (وكيلا اللواء جميل السيد). النقيب كرم، ألقى كلمة باسم وكلاء الدفاع قال فيها إن الضباط الأربعة لا يزالون قيد التوقيف منذ سنتين، «مع أنهم أبرياء من كل ما نسب إليهم وما ادُّعِي به عليهم في جريمة 14 شباط 2005». وأضاف إن القضاء اللبناني «يُرهق بدعاوى ضد المحقق العدلي القاضي الياس عيد، مرّة طلباً لردّه، وقد رُدّ طلب الردّ، ومرّة لنقل الدعوى من تحت يده من دون أن يكون قاضٍ آخر مؤهلاً لأن تُنقل الدعوى إليه». ورأى كرم أن هذا الأمر الذي «يجري على يد جهة الادعاء الشخصي هو بغية تعطيل مسيرة العدالة وعرقلة كل الإجراءات القضائية، ولا سيما بت طلبات إخلاء السبيل المقدمة منذ أكثر من سبعة أشهر». وأكّد كرم في هذا السياق «أن المعركة معركة وقت، ورفع يد القاضي عيد مقصود ومتعمّد لتأخير النظر في الدعوى ريثما تكون تجهيزات المحكمة الدولية قد تمّت».
وأضاف كرم: خلال السنتين الماضيتين طلب وكلاء الدفاع، مرات عديدة، دليلاً على موكليهم. فلم يُقدَّم إليهم أي دليل كان، فضلاً عن أن التحقيق مع الضباط لم يستكمل، لا على صعيد مواجهتهم بالأدلة، ولا على صعيد إجراء المقابلات بينهم. وبعدما حلّ القاضي سيرج براميرتس على رأس لجنة التحقيق الدولية محل القاضي ديتليف ميليس، لم يكرر توصية سلفه بإبقاء الضباط قيد التوقيف، بل كان واضحاً أكثر. فعندما كان وكلاء الدفاع يراجعون المحقق العدلي، السيد الياس عيد، في شأن طلبات إخلاء سبيل موكليهم، كان يجيب بأن التحقيق الدولي يتابع تحقيقاته في أُمور ذات علاقة مباشرة بالضباط. فسأل وكلاء الدفاع القاضي الدولي الذي أجاب شفوياً وخطياًَ بأن التحقيق الدولي أودع القضاء اللبناني كل الملفات المتعلقة بالضباط الأربعة، وبأن القاضي اللبناني هو المرجع الوحيد الحصري ذو الصلاحية لإطلاق الموقوفين أو لإبقائهم قيد التوقيف.
وختم مناشداً «باسم الحقّ والعدالة والقانون، أطلقوا سبيلهم كلّهم لأنهم أبرياء».
فنيانوس: للتوقيف تبعات
بعد كرم، تحدّث المحامي أكرم عازوري قائلاً إن ملف التحقيق يحتوي على 120 ألف صفحة، و1200 إفادة إضافة إلى 1300 تعليق على التحقيقات. وأضاف: بعد ذلك، هل يجوز للقضاء أن يقول لا أريد مواجهتكم بما لدي من معلومات؟. بدوره أكّد وكيل العميدين ريمون عازار ومصطفى حمدان الوزير السابق ناجي البستاني أن لجنة التحقيق الدولية أكّدت مرات عدة، وفي رسائل رسمية خطية إلى وكلاء الموقوفين أنها سلّمت سلطات التحقيق اللبنانية كلها المستندات المتعلّقة بالتحقيقات، وبالتالي، فلا مبرر لدى القضاء للتحدّث عن ملفات ناقصة.
أما عضو فريق الدفاع عن اللواء جميل السيد المحامي يوسف فنيانوس، فذكر أن التوقيف منذ سنتين جاء «بسبب بونات البنزين التي يتهمون القاضي عيد بها»، وأضاف: لا نخجل من هذا السجن لأننا أبرياء، وفي النظام السابق الذي كنا أحد أركانه، كنا نساعد الناس ولم نقم يوماً بتلفيق ملف لأحد. وحذّر فنيانوس من أن «الاستمرار بهذا التوقيف له تبعات قانونية»، معتبراً أنه لا يجوز توقيف أبرياء، كأن يوقف من باع خط هاتف من دون هوية لمدة سنتين.
بدورها، قالت سمر الحاج، زوجة اللواء علي الحاج: اليوم، يقال للإرهابيين الذين يقاتلون الجيش في نهر البارد أن يسلّموا أنفسهم ليلقوا محاكمة عادلة، في حين أن الدولة لا تعدل مع المظلومين الموقوفين لديها، فكيف سيثق الناس بهذه الدولة؟

ردّ طلب ردّ عيد للمرة الثانية
أصدر وكيل اللواء الركن جميل السيد المحامي أكرم عازوري، بعد ظهر أمس، بياناً ذكر فيه أن محكمة استئناف بيروت، برئاسة القاضي شربل رزق، ردّت بتاريخ 8/8/2007 الطلب الثاني لرد قاضي التحقيق العدلي الياس عيد الذي يحقق في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، لعدم الاختصاص.
ويأتي هذا القرار، بعد قرار سابق لمحكمة الاستئناف، غرفة القاضي سامي منصور، ردّت فيه طلباً مماثلاً لعدم الاختصاص.
وأضاف عازوري أن التحقيق في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري لا يزال متوقفاً بقرار من محكمة التمييز التي تنظر في طلب ثالث لكف يد القاضي عيد عن التحقيق.
وذكّر عازوري بما أدلى به سابقاً لجهة أن طلبات الرد المتتالية التي يتعرض لها القاضي عيد من قبل الادّعاء الشخصي غايتها خلق فراغ قضائي لاستمرار توقيف اللواء السيد وتجنيب السلطة اللبنانية الحرج أمام الأمم المتحدة.
وتوقع «استمرار المناورة القضائية لخلق الفراغ عن طريق تقديم طلبات أخرى لكف يد القاضي عيد، إمعاناً في لعبة الفراغ».