أجراها كمال شعيتو تصوير: مروان طحطح


ألغت منظمة «هيومن رايتس ووتش» المؤتمر الصحافي الذي كانت قد اعتزمت عقده أمس لإطلاق تقريرها «مدنيون تحت الهجوم: هجمات حزب الله الصاروخية على إسرائيل أثناء حرب 2006» الذي ينتقد تجاوز المقاومة للقانون الدولي الإنساني. زارت المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المنظمة سارة ليا ويتسون مكاتب «الأخبار» وطرحنا عليها بعض الأسئلة


  • ما هو موقفكم من «حزب الله»؟

  • أنا أتحدث كممثلة لـ«هيومن رايتس ووتش»، لذا لا أتحدث خارج إطار قانون الحقوق الإنسانية، لكنني أعلم أن «حزب الله» يقدّم العديد من الخدمات الخيرية للمواطنين اللبنانيين. فلحزب الله مستوصفات تقدّم الخدمات الطبية للناس، كما أن لديه مدارس تعلّم آلاف الطلبة، وللحزب مشاريع إعمار.
    نحن لا نتحدث عن قضايا ديموقراطية، لكن دعني أقول إنه لا مشكلة لدينا مع تمثيل حزب الله في البرلمان والحكومة اللبنانية. وفي تقريرنا، نقول إن حزب الله يتمتع بشعبية كبيرة في لبنان وفي المنطقة، وبخاصة بعد حرب تموز. لن نصف حزب الله بأنه منظمة إرهابية. قد نصف بعض الأعمال بأنها إرهابية لأن هذا ما نصف به كل الأعمال التي تستهدف مدنيين لغايات سياسية، لكن الإرهاب لا يقتصر على جهات غير حكومية، فيمكن لدول وحكومات أن تقوم بأعمال إرهابية. «هيومن رايتس ووتش» لا تعتبر حزب الله منظمة إرهابية ولا توافق على التصنيف الأميركي لحزب الله.

  • في التقرير عرّفتم عن الجيش الإسرائيلي بـ«جيش الدفاع الإسرائيلي» وهو ما يقولونه عن أنفسهم، في حين أنكم لم تتبنّوا تسمية «المقاومة» أو «المقاومة الإسلامية» للحديث عن «حزب الله»، لماذا التفريق؟

  • في الحقيقة، لا أعتقد أن قول «جيش الدفاع الإسرائيلي» يؤشر على حالة دفاعية، بل هو التعبير الرائج عن الجيش الإسرائيلي. وبالتالي لا أتصوّر أن أحداً يعتقد بأنه تعبير عن دفاع.
    وفي التقرير السابق عن الهجوم الإسرائيلي، كنا قد ميزنا بين حزب الله والمقاومة الإسلامية لأننا أردنا التمييز بين حزب الله كبنية مدنية واجتماعية، والمقاومة الإسلامية كجناح عسكري تابع لحزب الله.

  • لكن الاسم الرسمي لـ«حزب الله» هو «المقاومة الإسلامية في لبنان»، فلماذا تميّزون بالتعامل مع التسميات؟

  • ليست لدينا أية أهداف تتعلّق باختيار التسميات. وإذا كان الاسم الرسمي لـ«حزب الله» هو «المقاومة الإسلامية في لبنان» فسنعتمده في التقارير المقبلة وسنصحّح المنهجية اللغوية بهذا الخصوص.

  • الولايات المتحدة وإسرائيل وغيرها من الدول تخرق القانون الدولي الإنساني، أليس كذلك؟

  • إذا كان هناك العديد من منتهكي قوانين الحرب، فذلك لا يعني أن الأمر يصبح عرفاً وأن الانتهاكات تصبح مقبولة. إن التحدي الأساسي الذي نشدد عليه هو حفظ المدنيين حتى لو كانت المقاومة لتحرير الأرض، فمن أجل الدفاع عن قضيتك وللحفاظ على تضحياتك من أجل أرضك لا بد أن تحترم قوانين الحرب.
    لقد طلبنا في تقاريرنا السابقة من الولايات المتحدة تعليق مدّ إسرائيل بالأسلحة، ونشدد على هذا أكثر في تقريرنا التالي لأن إسرائيل تستمر في خرق القانون الدولي الإنساني، وأعتقد أن هذا الأمر سيستقطب اهتماماً أكبر من أي شيء قلناه عن حزب الله.

  • «مدنيون تحت الهجوم» هو عنوان تقريركم الحالي، في حين أن عنوان التقرير الذي سبقه وتحدث عن الإسرائيليين كان «لماذا ماتوا؟
  • »، ألا تعتقدين أن العنوان الأخير ينحاز إلى طرف ضد آخر وأنه يتناول مسؤولية قتل المدنيين من جهة واحدة؟
    كلا، لا أعتقد ذلك لأنه في كلتا الحالتين انتقينا عنواناً يتجاوب تحديداً مع ادّعاءات كل من الطرفين. وفي الحقيقة أعتقد أن العنوان الذي اتخذه التقرير عن إسرائيل هو بالمنطق أكثر تحدياً. لأن «لماذا ماتوا» هو رد على الادعاءات الحكومية الإسرائيلية بأن سبب مقتل المدنيين في لبنان هو استمرار «حزب الله» بإطلاق النار. ولذلك سوف تجد في المقطعين الأولين في هذا التقرير أننا، بطريقة ما، رفضنا عبث الدعاية الإسرائيلية القائلة بأن السبب في مقتل المدنيين هو استمرار حزب الله بقصف إسرائيل.
    لم يوثق أحد ما وثّقناه، وفي الحقيقة أن الحالات الـ 600 التي أودت بحياة المدنيين اللبنانيين خلال النزاع، والتي حققنا فيها، لم يكن هناك من وجود لعناصر حزب الله.

  • هل هناك أي تصريح من قبل حزب الله يهدد فيه بقصف المدنيين الإسرائيليين؟

  • للأسف، أجل وقد ذكرنا ذلك في التقرير. منها مثلاً عند مطالبة المدنيين العرب في حيفا مغادرتها، بعد مقتل 3 منهم، كي لا يصابوا بفعل الصواريخ وعدم توجيه الطلب نفسه إلى المدنيين الإسرائيليين،

  • ألا تعتقدين أن التحذيرات التي أطلقها حزب الله بوجوب إخلاء المستوطنات من المدنيين هي علامة جيدة من منظمة يعتبرها الأميركيون إرهابية؟

  • هذا ليس موضوع البحث، بل الأساس هو: في حال تم اتخاذ قرار التورط في أي حرب، كيف ستتم هذه الحرب؟ لذلك نحن نركّز على المدنيين. إن إطلاق تحذيرات الإخلاء لأي طرف لا يعفي الجهة المقابلة من احترام المدنيين وحفظ حقهم بالحياة.

  • ألم يركّز المقاومون في حزب الله خلال حرب تموز الماضية على إصابة أهداف عسكرية إسرائيلية؟

  • ما ضمّنّاه في التقرير هو أن «حزب الله» أصاب أهدافاً عسكرية، وفي بعض الحالات التي أصيب فيها مدنيون إسرائيليون فإن بعض هؤلاء كانوا قريبين من مواقع عسكرية إسرائيلية. ما فعلناه هو التركيز على مقتل المدنيين في الجانبين وعلى ظروف مقتلهم.

  • ما هي المسافة التي كان يبعد فيها المدنيون الإسرائيليون عن المواقع العسكرية الإسرائيلية التي استهدفتها المقاومة؟

  • معلوماتنا أنهم كانوا يبعدون أمتاراً، ومقتلهم يُعاد إلى عدم دقة الصواريخ التي استعملها حزب الله، أي أن المشكلة هنا كانت في الجانب التقني.

  • هل اتصل بكم رئيس الحكومة فؤاد السنيورة أو أحد من قبله؟

  • كلا، إنما نحن من اتصل به ولم نستطع التواصل معه.

  • لكنه قدم تصريحاً إلى وسائل الإعلام. هل قرأ التقرير؟

  • لقد قرأنا تصريحه، ولكنه أدلى به دون أن يقرأ تقرير «هيومن رايتس ووتش» لأننا لم نكن قد نشرناه بعد. وفي هذا الإطار أيضاً، إن قناة المنار لم تسمح لنا بالتعبير عن موقفنا للرأي العام من خلال برنامج «الحدث». فمتلقّي الاتصال لم يسمح لنا بالحديث «على الهواء»، بينما كانت اتصالات المواطنين تتهافت على القناة للتنديد بالمؤتمر وبـ«هيومن رايتس ووتش».

  • بالنسبة إلى توقيت عقد المؤتمر للإعلان عن هذا التقرير، ألا تعتقدين أنه كان من الأنسب لو كان المؤتمر يهدف إلى الإعلان عن التقريرين في آن واحد؟

  • إذا نظرت إلى كل التقارير التي وضعناها، تستطيع ملاحظة أننا بحثنا دائماً في فضائح الحروب وغطّينا ارتكابات جميع الجهات في كل النزاعات. مثلاً، في العراق، أصدرنا العديد من التقارير حول خرق الجيش الأميركي للقانون الدولي الإنساني. وفي الحقيقة إننا نهدف الى عزل أفعال وخروق الأطراف، كل على حدة. لكن ليس من منظار التساؤل حول من الذي بدأ بالنزاع أو من الذي قتل أكثر أو من هو الأسوأ، إنما لأجل تحديد مدى فداحة خرق حقوق المدنيين أثناء النزاعات ولإثارة الرأي العام حول ضرورة حماية المدنيين.

  • لكن، لماذا اخترتم البدء بالتقرير المتعلق بالمدنيين الإسرائيليين؟

  • لم نفعل ذلك، فقد نشرنا سابقاً تقريراً متعلقاً بخرق إسرائيل للقانون الدولي الإنساني، وإن التقرير الحالي هو الثاني. عندما وضعنا التقرير المتعلق بالخروق الإسرائيلية تعرّضنا لانتقادات عديدة من قبل جمعيات إسرائيلية وذلك لما تضمنه التقرير المذكور من 50 حالة خرق إسرائيلي للقانون، بينما سجلنا في التقرير نفسه حالتين فقط لخروق حزب الله. لذا، إذا أراد أحد أن يتهمنا، فليراجع الطريقة التي تعاطينا فيها مع الخروق الإسرائيلية أيضاً.

  • هل تواصلتم مع حزب الله بخصوص التقرير؟

  • لقد لخّصنا محتوى التقرير على مدى السنة الماضية، وطلبنا من المسؤولين في حزب الله إبداء وجهة نظرهم لضمّها إلى التقرير، لكن الأبواب كانت موصدة رغم المراسلات الرسمية التي جرت معهم.
    شعوري هو أن حزب الله يتصرف على قاعدة أنه من الممنوع على أحد أن ينتقده، وهذا التصرف يشبه تصرّف مجموعات إسرائيلية ترفض انتقاد إسرائيل.

  • لماذا لم يذكر التقرير ما توصّلت إليه لجنة فينوغراد الاسرائيلية؟
  • ولماذا لم يتطرّق إلى كرونولوجيا الحرب؟
    نحن لا نتدخل بمن حدد بدء الحرب، فمهمات لجنة فينوغراد هي تحديد الطرف الإسرائيلي الذي قرر الحرب. لكننا كنا قد طلبنا من اللجنة معلومات في مجال بحثنا في موضوع التعرّض لحياة المدنيين.

  • في نهاية التقرير، تحدثتم عن الأسلحة التي استخدمها حزب الله وطرحتم استخدام سلاح القنّاصة، هل تعتقدين أنكم تستطيعون إقناع الرأي العام باستخدام هذا السلاح مقابل أرتال الدبابات والطائرات وأحدث الأسلحة؟

  • ما أردنا التشديد عليه هو الأهداف التي يريد أي طرف قصفها، يجب أن تتحدد هذه الأهداف مع احترام القانون الدولي لأنه في حال الإخلال به وعدم وجوده، فإن ذلك لم يمنع حينها من استخدام السلاح النووي أو الكيميائي، أو القنابل العنقودية. ونحن ندين ونرفض كل هذه الأسلحة. لهذا، فإن المبدأ هو عدم استهداف المدنيين، وبالتالي عندما تريد إطلاق النار، عليك أن تعرف على من تطلقها، هل هو مدني أم عسكري؟ وهنا، فإن «جيش الدفاع الإسرائيلي» يقول دوماً لنا: «ماذا تريدوننا أن نفعل إذا اختبئ عناصر حزب الله بين المدنيين والمنازل المدنية، ومن ثَمّ يطلقون علينا النار؟ كيف لنا أن نحدد المدنيين من العسكريين؟».

  • لكن إسرائيل هي التي تملك تكنولوجيا المراقبة المتطورة التي تمكّنها من تحديد من هم العسكريون والمدنيون على عكس المقاومة؟

  • الإسرائيليون يتحدثون عن تمازج العسكريين بالمدنيين، لكنني أريد القول هنا إن قانون الحرب لا يتحدث عن إمكانية استخدام الطرف الأضعف سلاحاً نووياً لقصف المدنيين من الطرف الآخر كي يُحدث التوازن. وهذا القانون هو الدليل الذي نتّبعه، وهو لا يتحدث عن مساعدة الطرف الأضعف أو مساعدة الطرف الذي أخطأ. لذلك، ليس مهماً أن حزب الله يملك أسلحة أضعف مما تملكه إسرائيل. إن تركيزي هو حماية المدنيين بحسب القانون الدولي.

  • لماذا ألغيتم المؤتمر؟
  • هل ضُغط عليكم؟
    كلا، بل سبب ذلك هو أن فندق الـ«كراون بلازا» قد ألغى حجز القاعة بناءً على توجيهات الإدارة حسبما قالوا.

  • ماذا بعد إلغاء مؤتمركم الصحافي أمس الأوّل؟

  • نحن نريد بدء حوار مع المسؤولين في «حزب الله». وأنا أعتقد أننا لسنا منحازين لأحد، الجميع يكرهنا ويتهمنا بأننا نخدم جهة على حساب أخرى. الإسرائيليون يعتبروننا عنصريين معادين للسامية، والعرب والمسلمون يعتبروننا صهاينة. والجهتان تستخدمان تقاريرنا عندما يناسبهما مضمونها لإدانة الجهة المقابلة، ويهاجموننا عندما نضع تقريراً عن خرقهما للقانون الدولي الإنساني.




    هآرتس تتحدّث عن «تهديدات» وهيومان رايتس ووتش تنفي

    نقلت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية أمس أن حزب الله والحكومة اللبنانية «حاولا إسكات هيومان رايتس ووتش ومنع نشر تقرير يحدّد أن مقاتلي حزب الله وقادته مسؤولون عن جرائم حرب». وأضافت الصحيفة إن حزب الله «هدّد بالقيام بتظاهرات في مقابل الفندق، وشن تلفزيون المنار هجوماً ادّعى خلاله أن التقرير يشوّه الحقائق». ونقلت الصحيفة عن «مصادر غير رسمية في المنظمة» قولها إن نشطاءها في لبنان شعروا بأنهم مهدَّدون ولذلك «قرّروا إلغاء المؤتمر الصحفي في الفندق في بيروت».
    لكن في اتصال مع «الأخبار» نفى مدير مكتب «هيومان رايتس ووتش» في بيروت نديم حوري هذه المعلومات، وقال إن نشطاء المنظمة لم يتعرّضوا لأي تهديد، لكن إلغاء المؤتمر الصحافي تمّ بسبب رفض فندق «كراون بلازا» استضافة المؤتمر بعدما كان قد وافق على ذلك. وأكد حوري لـ«الأخبار» أن نشطاء هيومان رايتس ووتش في بيروت ليس بينهم وبين الصحافيين الإسرائيليين أي اتصال.




    تدّعي الحكومة الاسرائيلية أن الحرب التي شنّتها على لبنان في تموز 2006 قد كبّدتها مقتل 156 إسرائيلياً من بينهم 117 جندياً و «39 إسـرائيلياً من غيـر الجنـود المنظمين». كذلك تدّعي أن 5000 اسرائيلي أصيبوا بجروح مختلفة خلال العملية العدوانية على لبنان. أما عمرانياً فقالت السلطات الاسرائيلية إن 12 ألف منزل أصيبت في مناطق متفرقة جراء صواريخ الكاتيوشا ولا سيما في حيفا وعكا وكريات شمونة.