البدّاوي ــ عبد الكافي الصمد نهر البارد ــ نزيه الصديق

سيطر الهدوء الحذر يوم أمس على أجواء المخيم، قطعته مناوشات بالأسلحة الرشاشة في عمق المخيم، وتحديداً على المحورين الشمالي والجنوبي، في ظل استمرار مسلحي تنظيم فتح الإسلام في إطلاق رصاص القنص على مواقع الجيش اللبناني، الذي أدى إلى استشهاد جنديين.
ونعت قيادة الجيش ـــــ مديرية التوجيه، العريف الشهيد خالد حسن خلف من بلدة الفاكهة ـــــ البقاع والعريف الشهيد علي محمد هوشر من بلدة برقايل ـــــ عكار.
وكانت المروحيات العسكرية التابعة للجيش اللبناني قد نفذت ابتداءً من الساعة الرابعة والنصف من صباح أمس سبع غارات متتالية، مستهدفة ما بقي من الملاجئ التي يتحصن فيها المسلحون.
كما أن تقدماً كان قد أحرزه الجيش أمس أيضاً انطلاقاً من أطراف حي المهجرين عند المحور الشمالي، باتجاه ملجأ أبو عمار الذي بات على بعد أقل من 30 متراً حسب مصادر أمنية، إلا أن هذا الملجأ الأهم والأكبر في مخيم نهر البارد ما زالت تحوطه أبنية عدة باتت مدمرة بشكل تام.
على صعيد آخر، أكد عضو رابطة علماء فلسطين الشيخ محمد الحاج «استمرار الاتصالات بين الرابطة وقيادة الجيش اللبناني، من جهة، وعناصر تنظيم «فتح الإسلام» من جهة أخرى، لإنهاء الترتيبات المتعلقة بعملية إجلاء الجرحى بنجاح».
وفي مخيم البداوي، لم يكتب للقاء الشعبي الأول الذي أراد المدير العام للأونروا في لبنان ريتشارد كوك عقده مع نازحي مخيم نهر البارد المقيمين في مخيم البداوي أن يصل إلى نتيجته المأمولة، إذ أدت الإشكالات والمواقف المتشجنة والمتوترة إلى توقفه في منتصفه، بعدما تطور الأمر إلى صراخ وارتفاع أصوات وعراك فتضارب بالإيدي والكراسي، قبل أن تعمد القوة الأمنية الفلسطينية المشتركة المولجة إلى تغطية خروج كوك والوفد المرافق من المخيم وسط إجراءات أمنية مشددة، قبل أن يعقد لقاء آخر كان مقرراً مع عدد محدود من النازحين المقيمين في مدرسة البداوي الرسمية للبنات.
وكانت مبادرة كوك لعقد مثل لقاء كهذا قد قوبلت بتحفظ أغلب مسؤولي اللجان الشعبية والفصائل الفلسطينية في مخيمي البداوي ونهر البارد؛ وذلك، حسب ما أوضحت مصادر فلسطينية مطلعة لـ«الأخبار»، بسبب «أجواء الاحتقان السائدة في أوساط النازحين، الأمر الذي قد يؤدي إلى ضياع كل الجهود التي بذلت لاحتواء الأزمة، وحصول مضاعفات خطيرة قد لا يمكن السيطرة عليها لاحقاً».
غير أن هذه المصادر لفتت إلى تشكيكها في «نية كوك الحقيقية عقد هذا اللقاء، ومن الذي دفعه لذلك، إضافة إلى السؤال عن الغاية من مجيء زياد الصايغ مستشار رئيس لجنة الحوار اللبناني ـــــ الفلسطيني السفير خليل مكاوي للمشاركة في اللقاء، لا الهيئة العليا للإغاثة المعنية بعد الأونروا مباشرة بالموضوع، وخصوصاً أن السفير مكاوي ولجنة الحوار ليسا الهيئة الصالحة التي نراها مؤهلة لنتعاطى معها بهذه الأمور، فضلاً عن أن الصايغ أدلى بمواقف وتصريحات أثناء اللقاء أدت إلى توتير الأجواء وإفشال اللقاء، ما يجعلنا نتساءل عن خلفيات حضوره وكلامه أيضاً».
وترافق هذا الجو المتوتر مع نبأ عثور أحد المواطنين بعد ظهر أمس على جنين لم يبلغ اليوم الرابع من عمره، وجد جثة هامدة ومرمياً في مكب للنفايات في أطراف مخيم البداوي، بعدما لف بغلاف من النايلون، نُقل فوراً إلى مستشفى صفد التابع للهلال الأحمر الفلسطيني داخل المخيم.
وكان كوك قد قال إنه ينتهز فرصة وجوده لإطلاع النازحين على «آخر التطورات والتحضيرات التي تقوم بها الأونروا، إلا أن أهم شيء في اجتماعنا اليوم هو أنني أتيت لأستمع منكم للنقاط التي تثير قلقكم، وانتقاداتكم ومخاوفكم، وكل النقاط التي تريدون الاستفسار عنها حتى نجيب عنها».
وأضاف: «غالباً ما يوجه إلى الأونروا السؤال التالي: هل هي ملتزمة بإعادة اللاجئين إلى مخيم نهر البارد، وملتزمة بإعادة إعماره؟ مرة جديدة أقول وأكرر أن الأونروا ملتزمة بإعادتكم إلى مخيم نهر البارد وإعادة إعماره بأسرع وقت ممكن، لكن ما نتمناه هو تعاونكم وفسح المجال لنا لتأمين عودة آمنة لكم إلى المخيم».
بعد ذلك ألقى الصايغ كلمة شدد فيها على اللبنانيين والفلسطينيين «شركاء في المعاناة وبمسؤولية تجاوزها، ويجب أن تعرفوا أنه منذ عام 2005 وحتى الآن اللبنانيون مثلكم لم يرتاحوا، وهناك صعوبات واجهناها ولم نزل نواجهها من اغتيالات وصولاً إلى حرب تموز الماضية، ووصولاً إلى 20 أيار الماضي، حيث كان هناك محاولة لافتعال مشكلة لبنانية ـــــ فلسطينية، هذا الموضوع لم ينجح وسنقول لكل من يحاول افتعالها إنه لن ينجح».
تلى ذلك مداخلة للمسؤول السابق في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أبو الطيب، وسببت اندلاع شرارة الإشكال، عندما أشار إلى أنه «كان يمكن محاربة الإرهاب من غير ذبحنا وتهجيرنا، وإخراجنا شبه حفاة وشبه عراة من المخيم».