strong> ثائر غندور
يلتقي غداً المسؤولون الشبابيون في الكتائب اللبنانية، التيار الوطني الحرّ، حزب الوطنيين الأحرار وحزب الاتحاد في مخيّم اتحاد الشباب الديموقراطي اللبناني المركزي في بلدة المروج في المتن الشمالي، حيث دارت المعركة الأشرس بين العونيين والكتائبيين. فالاتحاديون يرون أنّ العمل الشبابي لا يمكن أن يتوقف بسبب الظروف السياسية، ولا ينبغي للشباب الذين يُفترض أن يكونوا تواقين للتغيير أن يستسلموا لخيارات زعمائهم السياسيين وينقطع التواصل بينهم. لكنّ المشاركين لا يراهنون على قلب المعادلات في البلد في لقاء الغد، إنما هو تأكيد لخيار الانفتاح على الجميع، وأفضل اختتام لمخيم جمع عشرات الشباب والصبايا من مختلف المناطق اللبنانية.
«شباب مشارك علماني» هو مخيم حواري مركزي، يأتي ضمن الخطة الصيفية التي تستكمل بمخيم للفنانين الهواة والمخيّم التطوعي الدولي في منتصف أيلول بمشاركة وفود عربية وأوروبية وأميركية لاتينية، وذلك للتضامن مع الشعب اللبناني.
بدأ المخيم الثلاثاء الماضي، في منطقة تتميّز بمناخٍ معتدل يعزل الشباب عن «القرف» من السياسة اللبنانية التي لا يجدون موقعاً لهم فيها. فهم مقتنعون بأنّ السياسة تفرض عليهم أولويات تبعدهم عن همهم الأساسي الذي هو الهمّ الاقتصادي ـ الاجتماعي، لذا تجدهم يسألون: «لماذا لا يتجاوب المواطن اللبناني مع التحركات المطلبية ويتهافت للمشاركة في التظاهرات السياسية؟». سؤال مشروع، لم يجدوا جواباً نهائياً له في المخيّم، «فالجواب يأتي عبر التجربة المستمرّة» يقول حليم.
ويحاول اتحاد الشباب في هذا المخيّم تأكيد استخدام آليته الجديدة في العمل التي لا تقوم على اتخاذ قرار من القيادة يطبّقه الأعضاء، لكنها تتشكّل مجموعات عمل تبحث في كل القضايا، وخصوصاً القضايا الاجتماعية. فتجد أنّ النقاش في عقوبة الإعدام، ما زال يدور بين مؤيّد ومعارض، رغم وجود أكثرية معارضة. «وهذا الاختلاف هو ما يميّز اليساريين بقدرتهم على إبداء الرأي في كل القضايا والدفاع المنطقي عن آرائهم»، يقول عضو اللجنة التنظيمية في المخيّم حسان زيتوني، ويضيف: «لكننا نتفق على السياسة العامة التي ينتهجها الاتحاد في القضايا الوطنية والاقتصادية».
وبحث الاتحاديون علاقة المجتمع بالدين، من خلال طرحهم للزواج المدني ونقاشهم في التعطيل يوم الجمعة في الدوائر الرسمية، وأكّدوا توقهم لقانون مدني للأحوال الشخصية، بينما رأوا في موضوع التعطيل، «مجرّد عطلة من العمل للاستراحة، لا عطلة أسبوعية للطوائف».
واستقطب المخيّم عدداً من الضيوف، فوصّف الدكتور حسان حمدان النظام الاقتصادي اللبناني وارتهانه إلى الخارج. ولفت إلى أن التعليم في لبنان بدأ بشكل إرساليات تسعى إلى نشر أفكارها الدينية أو مؤسسات تجارية، في حين أن المؤسسة الرسمية في التعليم لم تأتِ إلّا بعد نضالات كبيرة للبنانيين. ورأى أنّ هذه المؤسسات تعيد إنتاج النظام الطبقي ـــــ الطائفي اللبناني. بدوره، تحدّث الدكتور فوّاز طرابلسي عن واقع اليسار في المرحلة الراحنة، فدعا إلى إعادة تحديد أولويات هذا اليسار بعيداً عن طروحات الطوائف اللبنانية.
ويرى المشاركون أنّ ورشات العمل كانت أكثر إفادة من الندوات، إذ وجدوا مساحة أوسع للنقاش بسبب صغر عدد المجموعات. ويشير عادل سعيد من صاليما إلى أنّ الورشة الأولى التي تناولت التمييز الجندري وطالت قضايا مثل المساكنة والجنس قبل الزواج... والورشة التربوية كانت الأكثر إفادةً بالنسبة إليهم.
تشارك حنين من راشيا في البقاع الغربي لأول مرّة في مخيم اتحادي، «وأحببت ورش العمل كثيراً، وتحديداً مفاهيم العلمنة والمبادئ اليسارية». وتجد الندوة عن العولمة واحدة من أهم ما اكتسبته، لأنها كانت تسمع عنها من دون أن تدركها بالكامل.
بالأمس، قام الاتحاديون، «بمسير» المخيم، لمدة ساعاتين، وصولاً إلى أحد المطاعم حيث شبكوا أياديهم بالدبك والرقص قبل أن يستكملوا نقاشهم عن أزمة اليسار ودوره في هذه المرحلة. يُمكن القول إن المكان ساعدهم كثيراً على تحمّل ستة أيام من النقاش المكثّف، كما أنّ قرارهم الداخلي باستعادة دور اليسار من أجل إنقاذ هذا البلد من أزماته الطائفية ـــــ الطبقية المتكررة. شباب طموحون يستحقون أن يحلموا ويعملوا من أجل التغيير.