داني الأمين
«خربة قطمون» الواقعة قبالة رميش (قضاء بنت جبيل) هي من المعالم الصليبية المهملة والمجهول أمرها من قبل السلطات المحلية. لكن الجيش الإسرائيلي يعرفها جيداً، فقد عملت قذائفه على تدميرها خلال حرب تموز الأخيرة، عدا عما كانت سببته لها فترة احتلاله الطويلة لجنوب لبنان.
هذا الواقع جعل من الصعوبة بمكان إيجاد معلومات علمية تصف «آثار» قطمون، وقد يكون الأب شكر الله شوفاني هو أول من حاول تأريخ الموقع في كتابه «تاريخ رميش». فكتب أن «قرية قطمون تعود الى أيام الرومان الذين حوّلوها إلى مركز عسكري وأقاموا فيها معسكراً لحمايتها، وحفروا حولها خنادق تصونها من العدو». ولكن لم يبق أي أثر لهذه الأبنية الرومانية.
وبحسب الأب شوفاني «فقد شيّد الصليبيون في الموقع مبنى ضخماً على شكل عقد حجري، بجانبه غرفتان كبيرتان مربعتان وكنيسة صغيرة. ورمّم الصليبيون السور الروماني فأصبحت القرية مركزاً للسكن والدفاع». ولكن ما يبقى لغزاً هو ما حلّ بها منذ القرون الوسطى حتى القرن التاسع عشر. من المعروف أن «الخربة» عادت إلى الحياة بعدما امتلكها الخوري يعقوب غانم البكاسيني وسكنها أفراد من عائلته فتحول الموقع حينها إلى قرية صغيرة عرفت بـ«قلعة آل غانم».
يقول طوني غانم عن هذه القرية المنسية اليوم إنها «كانت تتألف من 13 منزلاً سكنياً، قطنها آل غانم منذ 1867 إلى 1916. حينها (أي خلال الحرب العالمية الأولى) ظهر خطر تحوّل المنطقة إلى نقطة صراع بين الحلفاء والعثمانيين ومن ثم بدأت المجاعة فهجر آل غانم قطمون عائدين إلى بلدتهم بكاسين في جبل لبنان. ومع انتهاء الحرب حاولوا العودة إلى منازلهم ولكن البدو الرحّل هاجموهم وأجبروهم على المغادرة بعدما سلبوا منهم كل أموالهم». فبدأت حينها رحلة تحوّل قطمون إلى أطلال وخراب، وموقع أثري مجهول تتوزع في أرجائه مزرعة وكنيسة من حولها أكثر من ثلاثين بئر ماء محفورة بالصخر، يصل عمق بعضها إلى 15 متراً.
رحلة «زوال» قطمون لم تنتهِ في ذلك الوقت. فبعد حرب 1948، ضمّت إسرائيل الآلاف من الأراضي الزراعية التي كانت تابعة لها وشوّهت معالمها القديمة حينما جرفت عام 1978 المنازل المجاورة للكنيسة وسرقت حجارتها. أما اليوم فهي معزولة بأسلاك حديد ومصنّفة منطقة عسكرية بسبب الوضع الأمني السيئ على الحدود.