أنطوان سعد
«قيل لي إن جنبلاط مسافر والحريري لم يحدّد لي موعداً... وتوقيف السيد أقرب إلى الاعتقال السياسي»

قال النائب الاشتراكي الفرنسي جيرار بابت، نائب رئيس جمعية الصداقة اللبنانية ــ الفرنسية في البرلمان الفرنسي، إن المناخ السياسي السائد حالياً في لبنان يذكّره بالوضع الذي شهده نهاية الثمانينيات عندما كان يقوم بحركة مكوكية بين شطريْ بيروت متنقلاً بين بعبدا حيث حكومة الجنرال ميشال عون والسرايا حيث حكومة الرئيس سليم الحص. وأعرب في حديث لـ«الأخبار» عن أمله في ألا تتكرر هذه التجربة «لأن من شأن الانقسام السياسي هذه المرة أن ينجم منه أمر واقع تقسيمي على المستوى الجغرافي، كما هو حاصل في غزة».
وفي تقويمه للسياسة الفرنسية حيال لبنان بعد الانتخابات الرئاسية الفرنسية، رأى بابت أن انتخاب الرئيس نيكولا ساركوزي لم يحصل إلا من فترة وجيزة، «لكن يمكن التقاط بعض الإشارات التي تشير إلى حدوث تغيير في السياسة الفرنسية، وبخاصة قبوله بإسناد وزارة الخارجية إلى برنار كوشنير الذي أخذ مبادرة الدعوة إلى عقد اجتماع لمختلف الأطراف بمن فيهم حزب الله في باريس، والذي شجعني قبل مجيئي على الاجتماع بجميع الفرقاء في لبنان، وتتجلّى هذه الإشارات في الرسالة الجوابية لساركوزي عن برقية التهنئة التي أرسلها إليه الرئيس إميل لحود الذي كان الرئيس جاك شيراك يقاطعه». وتابع: «إن هناك بالفعل مرحلة جديدة قد بدأت، وثمة احتمالات جديدة متاحة ولكن تبقى الحاجة إلى الوسيلة التي تجعلها تأخذ طريق التطبيق العملي».
وعما يقال عن أن ميول الرئيس ساركوزي الأميركية ستجعل المعارضة تترحّم على أيام الرئيس جاك شيراك، وخصوصاً بعد إرجاء موعد انعقاد مؤتمر باريس بسبب ما قيل عن عدم موافقة واشنطن على استضافة فرنسا ممثلين عن «حزب الله»، قال بابت: «أعتقد أن بإمكان ساركوزي أن يفاجئ. لقد سبق أن فاجأ في مسائل وسياسات ومواقف عدة، لا أستطيع أن أفهم ما الذي يحمل هذا البعض على هذا القول. علمت في الواقع أن الولايات المتحدة لم تكن مرتاحة إلى المبادرة الفرنسية التي أطلقها برنار كوشنير بموافقة ساركوزي لكن المبادرة قائمة وحزب الله سيكون مدعواً إليها».
أما تقويمه للمرحلة السابقة فهو أن «سياسة الرئيس شيراك تجاه لبنان كانت وفية إلى أبعد الحدود، ولكن من خلال مدخل واحد هو رفيق الحريري، كانت سياسة نوعاً ما مقفلة ومقتصرة على طائفة واحدة. وفي بعض الأحيان، طغت العلاقات الشخصية على العلاقات من دولة إلى دولة وعلى الاعتبارات الجيو ــ سياسية». ورداً على موقف بعض أركان المعارضة الذي يتهم فرنسا بالوقوف وراء الأكثرية ودفعها نحو التصلّب ضدها، قال: «أعتقد أن هذا البعض يتهم بعض ممثلي فرنسا لا فرنسا بذلك، في أية حال لن يكون الأمر على هذا الشكل مع إدارة برنار كوشنير الجديدة».
ولفت بابت إلى الدعوة التي وجّهتها وزارة الخارجية الفرنسية لمختلف الأطراف إلى باريس للتحاور، آملاً أن تحصل وأن تشكل العاصمة الفرنسية مكاناً مناسباً وهادئاً أكثر من لبنان، معتبراً أنها «مبادرة إيجابية في حد ذاتها وأن مجرد انعقادها وقبول الفرقاء بالجلوس معاً للتحاور أمر إيجابي على مستوى التقارب بين المتنازعين وفي الوقت نفسه على مستوى عودة فرنسا إلى مقاربة من زاوية أوسع لعلاقاتها مع جميع الأطراف في لبنان وبخاصة مع حزب الله».
ولمس النائب الاشتراكي الفرنسي ارتياح العماد ميشال عون الذي اجتمع معه الجمعة الماضي «إلى الاستقبال المختلف» الذي حظي به في وزارة الخارجية الفرنسية أثناء الزيارة الأخيرة التي قام بها لباريس. ونقل عنه استغرابه أن «بعض كبار الموظفين في الكي دورسيه لا يتمتعون بمعرفة عميقة وكافية بالواقع اللبناني ويتبنون مقاربة قائمة على رؤية لهذا الواقع من منظار أحادي». فيما لاحظ أن البطريرك الماروني مار نصر الله بطرس صفير قلق من جراء إصرار طرفي الأزمة، الموالاة والمعارضة، على مواقف غير قابلة للتوفيق في ما بينها.
وعن سبب اجتماعه فقط مع الوزير ميشال فرعون من فريق الأكثرية، قال بابت إن رئيس الحكومة فؤاد السنيورة موجود خارج لبنان «وقيل لي إن النائب وليد جنبلاط مسافر أيضاً، أما النائب سعد الحريري فأنا لا أعرفه، وسبق لي أن طلبت موعداً منه من غير أن أحصل على جواب».
وقال في ختام الحديث إنه يود التعبير عن أمرين يشغلان باله في لبنان: «الأنباء عن مصادر تمويل التنظيمات الأصولية التي تضم غرباء من غير الفلسطينيين، والأمر الثاني السجالات حول استمرار اعتقال المدير العام السابق للأمن العام اللواء جميل السيد الذي لم يبق المحقق الدولي سيرج براميريتس اتهاماً ضده ما يجعل الأمر يبدو أقرب إلى الاعتقال السياسي منه إلى الاعتقال المبني على معطيات قضائية».
وعندما قيل له إنه يشبه رجال السياسة في لبنان من حيث معرفته بالتفاصيل الدقيقة للحياة السياسية اللبنانية، يجيب النائب الفرنسي: «من هذه الزاوية يمكن القبول بهذا التشبيه أما من غيرها فإنه أشبه بإهانة تُوجّه إليّ».
إلى ذلك، التقى بابت أمس مسؤول العلاقات الدولية في «حزب الله» نواف الموسوي، وأعرب النائب الفرنسي عن «تأثره العميق بما آلت إليه الأوضاع في لبنان على الصعد كافة»، مؤكداً «بدء تغيير في السياسة الفرنسية تجاه لبنان». فيما أكد الموسوي «أن المدخل الأساسي للخروج من الأوضاع المتأزمة، يكون بتشكيل حكومة وحدة وطنية تكون تجسيداً لميثاق العيش المشترك ولمفهوم المشاركة الشاملة في صناعة القرار السياسي».