البصّ - بهيّة العينين
يقف علاء أبو صهيون الفلسطيني القصير القامة عملاقاً هذه المرة في مواجهة غول المطالب الحياتية والمعيشية وإيجاد فرصة للعيش كإنسان بكامل حقوقه في لبنان.
يقطن أبو صهيون (24 عاماً) في مخيم البص في صور، يعيل أسرة تتكون من أب ضرير و8 إخوة؛ فقد نزل علاء إلى ساح المواجهة للحصول على الرغيف بعد أن ترك المدرسة باكراً وتخصص في الإلكترونيات، وكان محط رحال مقهى صغير يحاول من خلاله أن يتصالح مع الواقع تحت عيون المشاهدين الذين يعتبرونه خارجاً على المألوف، وهو لا يعرف مكاناً للخروج من مخيم البص.
يعتبر أبو صهيون «أن مشكلته الأساس، وقبل كل شيء، أنه قصير وليس باستطاعته ركوب سيارة أو الصعود إليها أو المشي في الشارع لأنه يكون محط الأنظار وأحياناً «السخرية من الأطفال، والكبار أيضاً». ويضيف أنه محروم هذه الأيام من ممارسة حقوقه، على الرغم من أنه يقوم بكامل واجباته كمقيم على الأراضي اللبنانية؛ فلا المهندس ولا الطبيب ولا المحامي الفلسطيني قادر على ممارسة عمله في لبنان في ظل قوانين الحرمان التي تطال معظم المهن التي تمارس في هذا البلد.
ويتابع: «كيف يمكنني أن أقوم بعمل يوفر لي قوت يومي وخبز عائلتي؟ سؤال رفعته إلى هيئات إنسانية دولية كانت قد زارتني في المقهى خلال جولة في المخيم، لإعداد تقارير عن الأصحّاء والمرضى في المخيم. وشرحت لهم حالي وتلقيت سلسلة من الوعود «بالجنة الموعودة»، لكن هذه الوعود بقيت حبراً على ورق وما زلت حتى الآن من دون أي رعاية من أي هيئة محلية أو دولية».
يتنهد علاء ويردد بحسرة «لو كنت أعيش في أي دولة أوروبية لكنت قد عدت إلى الحياة الطبيعية التي يعيشها أي رجل حتى ولو كان طوله مترين».
ويضيف «إنني أسأل، لا عن مستقبلي، بل عن مستقبل بقية أفراد أسرتي التي يوجد فيها والد كفيف أتولّى يومياً توفير غذائه ودوائه، وذلك في ظل غياب أي مساعدة من الصديق والجار والمجتمع الخارجي».
ويشير إلى «غياب كامل للمؤسسات التي تدّعي أنها تسهم في رفع المعاناة عن الشعب الفلسطيني؛ وقد وصل معظمها إلى الأراضي اللبنانية بعد العدوان الإسرائيلي في تموز الماضي تحت لافتات تحمل عناوين إنسانية، لكنها لا تمتّ إلى الإنسان بصلة. تخيّلوا لو كنت «كلباً» في دولة أوروبية، هل تتصوروا أن تتركني جمعية الرفق بالحيوان إلا وتقوم بتوفير كل ما يلزمني من بناء المستقبل الذي أحيا به كإنسان له حقوق معترف بها، بشريعة القوانين والأعراف الدولية؟».
ويختم: «لعل حلمي يتحقق بعد قيام الدولة الفلسطينية وأحمل جواز سفر وأعود إلى أرضي وفق القرار 194 الذي يضمن لي أن أعود عملاقاً، لا قزماً هذه المرة».