strong>علي عطوي
  • مستثمرو الخيم يحلمون بموسم يعوّض خسائر الصيف الفائت

  • لا يملك مستثمرو الاستراحات البحرية على شاطئ صور
    أكثر من تمنّي موسم ناجح في وضع لا ينذر بالخير. هم يحلمون
    بموسم يعوّض عليهم بعض ما خسروه الصيف الفائت، وخصوصاً
    أنهم التزموا المعايير التي طلبتها منهم البلدية كعادتهم منذ بدء تطبيق القانون 708 الذي أعلن شاطئ صور محميّة بحرية

    «أستاذ تفضّل، الأسعار رخيصة وتشريفك غالٍ»، بهذه الكلمات يستقبلكَ صاحب إحدى الاستراحات المنتشرة على الشـاطئ الجنوبيّ لمدينة صور. وما إن ينـهي ترديد عباراته الترحيبيّة المتكرّرة، حتى يبادر زميلٌ له في استراحة مجاورة إلى تكرار عبارة الترحيب نفـسـها في محاولة لجذبكَ إلى طاولاته التي بدت خالية في انتظار مَنْ يملأ الفراغ، إذ لا يبدو إلى اليوم، أن المياه الزرقاء نجحت في استقطاب الكثيرين إلى أحد أجمل شواطئ لبنان.
    فالشاطئ لا يشهد الازدحام الذي تعوّده كل صيف. غالبية الاستراحات خالية من الروّاد، وغالبية الشباب الموجودين على الشاطئ هم ممن ينتظرون فصل الصيف لإيجاد عمل يدرّ عليهم مصروفاً خاصاً.
    غير أن الموسم لا يـــــــــزال في بدايته، ولا يزال أصحاب الاستراحات الخمسين يأملون صيفاً مثمراً، يعوّض عليهم خسارتهم الصيف الماضي أو يُعيد لهم جزءاً منها. فيتمنّى سليمان نجدي أن «يعمّ هدوء البال والاستقرار، لأن عملنا يعتمد بالدرجة الأولى على السيّاح والمغــــــــــتربين» مبدياً تفاؤله بهذا الموسم «فالناس زهقت من الحروب والأوضاع السياسية المتشنّجة».
    هذا ما يأمله حسن زين أيضاً لكنّه يستدرك: «البوادر لا توحي بالخير والتفاؤل» في إشارة إلى الأزمة السياسيّة التي تعانيها البلاد.

    الدين ممنوع

    يشير محمد حسن بإصبعه إلى البحر: «البحر فاضي ما تعوّدنا عليه بهالصورة» مبدياً خشيته من تأزّم الوضع الداخلي، قائلاً: «انشالله ما يصير شي ويهدّوها شوي ويرجع المغتربين».
    ويكشف محمد صعوبات العمل هذا الموسم، ومنها أن الشركات التي يتعامل معها ترفض البيع بالدين كالمعتاد: «كنا ندفع الفاتورة القديمة ونأتي ببضائع جديدة»، عازياً ذلك إلى «فقدان عاملَيْ الطمأنينة والاستقرار».
    وينسحب فقدان هذين العاملين على أصحاب الاستراحات أنفسهم الذين خفّفوا كمية البضائع التي اعتادوا شرائها كل موسم. ويؤكد خليل بدوي هذا الأمر من خلال جولة في مستودع مطبخه يرافقنا أثناءها مستعرضاً بعض المنتجات وعاقداً مقارنة بين عددها هذا الموسم والموسم الفائت، ويبرر ذلك قائلاً: «مش عارفين شو بدّو يصير. الموسم الماضي راح بخسارةويقدّر طاهر شرف الدين خسارته بنحو ستة آلاف دولار، ويردّ ارتفاع هذا المبلغ إلى التحسينات التي أجراها أصحاب الاستراحات في الموسم الفائت، وذلك وفقاً للمواصفات التي حددتها بلديّة صور لجهة التقيّد بنوع الخشب ولونه وشكل الخيمة الهندسيّ. ويشير إلى أنّه ما زال حتّى اليوم يسدّد ديون تكاليف الأخشاب التي ابتاعها، ويتحدّث عن اجتماع تمّ بينَ أصحاب الاستراحات ولجنة من وزارة السياحة لدرس إمكانيّة التعويض «لكن لغاية اليوم ما شفنا شي».
    التساهل الوحيد الذي حظي به أصحاب الاستراحات هو سماح بلديّة صور لهم بإبقاء الأكــــــــــــواخ الخشبيّة على الشاطئ طوال فصل الشتاء بسبب «انعدام السيولــــــــة لدينا وتخفيفاً للخسائر التي حلّت بنا»، ذلك أن أعمال الفك والتركيب تكلّف مبالغ كبيرة لم يكن بوسع المستـــــــــــــثمرين تسديدها بعد كلّ ما تكبدوه من خسائر. غير أن علي محيي الدين لا يرى أن هذا التساهل حصل «كرمى لعيون» أصحاب الاستراحات بل «خوفاً من قيام القوّات الإيطاليّة بطلب هذا المكان الرائع لبناء قاعدة بحريّة». هذا الرأي يشاركه فيه حسن البرعي ويوضح أنّ «البلديّة قامت بإشغال الشاطئ لكي لا تكون محرَجةً إذا ما طلبت قوّات اليونيفيل أن تقيم معسكراً على هذه البقعة».
    ويشكّ حسن في وجود مخطط للتخفيف من عدد الاستراحات الموجودة وصولاً إلى إلغائها بالكامل «وإلّا ما العبرة من تقليصها من 110 عام 2002 إلى 50 في هذا العام، وارتفاع قيمة الاستثمار إلى مليون ليرة شهريّاً»، ويلفت إلى: «رفع سعر خدمة المياه والصرف الصحي مئة ألف ليرة زيادة على العام الماضي».

    الاستراحات ضرورة

    يوضح رئيس لجنة إدارة محميّة صور محمود حلاوي، وهي اللجنة التي تشرف على حماية المحميّة التي يشكّل الشاطئ الجنوبيّ جزءاً منها، أنّ «البلديّة ساهمت وتعاونت مع أصحاب الاستراحات لتخفيف الخسائر الماديّة التي أصابتهم، على الرغم من أنّها ليست المرجع الصالح للتعويض، لكنها وافقت على الطلب الذي تقدّموا به لجهة إبقاء الأكواخ الخشبيّة على الشاطئ طوال فصل الشتاء».
    ويشير إلى أنّ «وزارة البيئة اعترضت على هذا الأمر خطيّاً، بموجب كتاب وجّهته إلى لجنة المحميّة والبلديّة، لكنّ البلديّة وافقت على إبقاء الأكواخ تحت ضغط أصحابها الذين قاموا بعدّة اعـــــــــتصامات احتجاجية». ويعترف أن «بقاء الخيم كان خطأً يتحمّل مسؤوليته كلّ من أصحاب الاستراحات الذين طالبوا بإبقائها والبلـــــــديّة التي وافقت وقامت بخطوة عاطفيّة للوقوف إلى جانبهم، بعد تكبّدهم خسائر كبيرة الموسم الفائتويرى حلاوي أنّ «بلديّة صور، بالتعاون مع المحميّة، حرصت على استمرار إقامة الاستراحات في كلّ موسم صيفي لأنها تشكّل مورد رزق أساسياً منذ سنوات طويلة، وقد سعت إلى تطوير الاستثمار من النواحي الإداريّة والفنيّة والبيئيّة لتوفير أفضل الخدمات وللحفاظ على صورة المدينة السياحيّة».
    ويتابع: «رُفع مستوى الخدمات التي تُقدّم على الشاطئ، كي يكون مقصداً للناس من مختلف المناطق والمستويات وقد أحدثت هذه الخطوة تحوّلاً كبيراً في طريقة استخدام الشاطئ وأدخلَت إليه تحسينات لم تكن موجودة من قبل كتوفير مياه الشرب العذبة، ومولّدات الكهرباء لتوليد الطاقة وإنشاء شبكة صرف صحّي بشروط بيئيّة تفادياً لتلوّث رمال الشاطئ».
    وعن تقليص أعداد الاستراحات يقول: «إنّ هناك كثراً لم يواكبوا التطوّر نتيجة عدم قدرتهم على توفير المواصفات المطلوبة التي فرضتها بلدية صور ولجنة المحميّة لتحسين شروط الاستثمار، وبالتالي مَنْ لم يستوفِ الشروط المطلوبة سقطَ حقّه في الاستثمار»، ويشير إلى أنّ «اعتبارات وزارة البيئة المتعلّقة بالأثر البيئي للشاطئ لا تسمح بأكثر من 40 استراحة».
    وعن ارتفاع قيمة الاستثمار يقول إنّ «خدمات البلديّة على الشاطئ مكلفة، وخصوصاً أنّه بحاجة إلى عمليّة تأهيل بعدَ كلّ موسم»، ولا يربط ذلك بالحديث عن إلغاء الاستثمار «لأنّ وجود الاستراحات صيفاً أصبح مطلب الجميع، ولا يمكن إلغاء استثمارها من دون إيجاد البديل لأكثر من 500 عائلة تعتاش منها».