strong>حسن عليق
منذ توقيفه قبل أكثر من شهر، اعتبر المشتبه فيه أحمد مرعي الموقوف الأبرز بين عناصر «فتح الإسلام»، لما تناقلته الأوساط الأمنية والقضائية عن عمله كضابط ارتباط بين «فتح الإسلام» و«القاعدة» حيناً، وبين التنظيمين المذكورين والاستخبارات السورية أحياناً أخرى. ورغم تناقض المعلومات الإعلامية المنسوبة إلى مصادر قضائية وأمنية بين وسيلة إعلامية وأخرى من جهة، وتناقض مجملها مع ما يتناقله المواطنون الذين يعرفون أحمد مرعي وعائلته من جهة ثانية، أكّدت مصادر مطلعة على سير التحقيقات القضائية لـ«الأخبار» أن مرعي، الذي كان مطلوباً للقضاء اللبناني، كان قبل عام 2005 يتمتّع بتغطية سورية سمحت له بالبقاء حراً، بسبب علاقته ووالده بالمخابرات السورية في الشمال.
وأضافت المصادر أنه، بداية عام 2006، وبعد وقوع أعمال الشغب التي استهدفت مقر القنصلية الدانمركية في الأشرفية، وهي الأعمال التي قام بها أشخاص لبّوا دعوة دار الفتوى وجمعيات ومنظمات وأحزاب اسلامية، بعضها أصولي، كان مرعي في إحدى دول أوروبا الشرقية، فجرى تجنيده من قبل المخابرات الدانمركية التي أرادت منه تحديد الجهات الإسلامية التي كانت تقف خلف الاعتداء على مقر دبلوماسيتها في لبنان. كذلك، تضيف المصادر، أرادت المخابرات الدانمركية جمع معلومات عن إمكان تعرض مصالحها أو بعثاتها الدبلوماسية لاعتداءات مستقبلاً على خلفية الرسوم التي اعتبرت مسيئة للنبي محمد، والتي نشرت في صحف دانمركية.
وذكرت المصادر أنه من هذا المنطلق، استطاع أحمد نسج علاقة بالمنظمات الأصولية، وتمكن بعد ذلك من الوصول إلى قياديين في تنظيم «القاعدة». وبعد الإعلان عن ولادة تنظيم «فتح الإسلام»، كُلف مرعي بفتح خطوط اتصال مع هذا التنظيم. وعندما حصل اتفاق بين «القاعدة» و«فتح الإسلام» على العمل المشترك في بعض المجالات، صار أحمد ينقل أموالاً من «القاعدة» إلى «فتح الإسلام»، ويتولى إدخال عناصر التنظيم الأول بطرق غير شرعية إلى لبنان، تمهيداً لانضمامهم إلى التنظيم الثاني. وتابعت المصادر أنه في هذا الوقت، دخل على «خطّ» مرعي جهازان أمنيان جديدان، لكنهما هذه المرة لبنانيان. فخلال هذه الفترة، ومع ازدياد الحديث عن تنظيم «القاعدة» في لبنان، عمد اثنان من ضباط «الصف الأول» في جهازين أمنيين لبنانيين إلى إقامة علاقات وثيقة بمرعي، كل على حدة، على أساس أنهما يريدان الاستفادة منه لتحصيل معلومات عن «القاعدة».
وأشارت مصادر إلى أنه بعد توقيف شقيقيه، كان ضباط من الأجهزة الأمنية اللبنانية يعلمون بمكان وجود أحمد مرعي، إلا أن أحد الأجهزة الأمنية «قطف» إعلامياً عمليةَ التوقيف في الأشرفية وصوّرها على أنها إنجاز. وخلال التحقيق مع الشقيقين محمد وخضر مرعي، أدلى محمد بمعلومات مفادها أن أحمد على علاقة برئيس جهاز الاستخبارات العسكرية السورية اللواء آصف شوكت، ومع مسؤولين أمنيين سوريين رفيعين. كذلك قال مصدر مطّلع لـ«الأخبار» إن إفادة محمد التي أدلى بها أمام فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي تشير إلى أن أحمد كان يستخدم في سوريا سيارات تابعة للقصر الجمهوري السوري. لكن أحمد، رغم اعترافه بعلاقته بالاستخبارات السورية قبل انسحاب السوريين من لبنان، وبعلاقته بالاستخبارات الدانمركية وبعلاقته بتنظيمي «القاعدة» و«فتح الإسلام»، لم يعترف بأية علاقة بالاستخبارات السورية، رغم كل الضغوط التي قيل إنها مورست عليه أثناء التحقيق.
وفي هذا الإطار، تناقلت أوساط مطلعة على التحقيقات أن أحمد نقل إلى مستشفى ضهر الباشق للمعالجة من آثار التعذيب الذي تعرّض له لدى فرع المعلومات، والذي أصابه بنزف حاد، لم يتمكّن بنتيجته من المثول أمام القضاء العسكري حتى نهاية الأسبوع الفائت، باستثناء المرة الأولى التي صدرت فيها مذكرة توقيف وجاهية بحقه.