بابت من بعبدا: ساركوزي يرغب في إقامة علاقات مع مختلف الأفرقاء
أعرب رئيس الجمهورية إميل لحود عن أمله أن يتمكن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي «من تصحيح الخلل الذي اعترى العلاقات اللبنانية ـــــ الفرنسية في عهد الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك نتيجة المواقف الشخصية التي اتخذها والتي لا تعكس تجذر العلاقة بين الشعبين اللبناني والفرنسي الصديقين».
كلام لحود جاء خلال استقباله أمس النائب الاشتراكي الفرنسي نائب رئيس جمعية الصداقة اللبنانية ـــــ الفرنسية في البرلمان الفرنسي جيرار بابت، وقال: «إن فرنسا كانت دائماً بجانب لبنان الواحد ودافعت عن حقوق جميع اللبنانيين، ولم تميز بين فئة وأخرى»، داعياً الرئيس ساركوزي «إلى المضي في هذا النهج، والمبادرة الفرنسية في الدعوة إلى عقد خلوة بين ممثلي القيادات اللبنانية، خطوة على طريق التغيير المنشود في السياسة الفرنسية تجاه لبنان».
وأطلع لحود بابت على الأوضاع الراهنة في لبنان وعلى الحلول التي يراها مناسبة للخروج من الوضع السياسي المأزوم، مشيراً إلى أن المخرج الوحيد يكون من خلال تشكيل حكومة وحدة وطنية يتمثل فيها جميع اللبنانيين وتجسد المشاركة الحقيقية في صنع القرار الوطني. ولفت إلى «أن الحكومة غير الشرعية وغير الدستورية وغير الميثاقية ماضية في مخالفة الدستور وانتهاك اتفاق الطائف، ما يشكل خطراً مباشراً على الوحدة الوطنية وعلى ميثاق العيش المشترك الذي نصت عليه مقدمة الدستور».
وأشار إلى أنه ناشد مراراً، ولا يزال، القيادات اللبنانية التلاقي على تشكيل حكومة وحدة وطنية قبل فوات الأوان، «وها هي الأحداث المتسارعة تدفع مرة جديدة إلى الإسراع في الاتفاق ليتم عبر طاولة مجلس الوزراء طرح المواضيع التي تتباين وجهات النظر حيالها، وصولاً إلى الحل الذي يعكس إرادة اللبنانيين مجتمعين»، مجدداً التأكيد على أنه راغب في تسليم الأمانة في موعدها الدستوري في مناخ من التوافق الوطني الذي يحمي لبنان ويمكنه من مواجهة التحديات بمواقف واحدة.
ووصف بـ«المغامرة الخطرة» أي محاولة من الموالاة بتجاوز النصوص الدستورية في مقاربة الاستحقاق الرئاسي، مؤكداً أن أي تفرد في هذا الاتجاه ستكون له انعكاسات سلبية تضر بجميع اللبنانيين، ولبنان بغنى عن حصولها.
ورأى لحود أن الرهان على الخارج يشكل ضربة موجعة للوحدة الداخلية، ولا سيما أن «أجندة» هذا الخارج تتناقض ومصلحة لبنان، «وعلى اللبنانيين أن يعوا أن ما من أحد يمكن أن يؤمن مصلحتهم إذا لم يتمسكوا هم بحقوقهم وبالمبادئ التي تحفظ كرامتهم ووحدة وطنهم وقوتهم».
من جهته أشار بابت إلى أن زيارته لقصر بعبدا هدفها تقويم الاتصالات التي أجراها في بيروت والاطلاع على وجهة نظر الرئيس لحود قبل مغادرته بيروت عائداً إلى باريس.
وبعد اللقاء قال بابت «إن وجود رئيس جديد للجمهورية الفرنسية، الرئيس ساركوزي، ووزير جديد للخارجية هو الوزير( برنار) كوشنير من شأنه أن يفسح في المجال أمام فرنسا لتكون مجدداً على اتصال مباشر بمختلف الأفرقاء اللبنانيين، وخصوصاً في هذه المرحلة الدقيقة حيث شارفت ولاية رئيس الجمهورية اللبنانية على نهايتها، الأمر الذي سيضع لبنان في مسار دستوري دقيق»، موضحاً أنه «ليس هناك من تغيير جذري في موقف فرنسا الداعم للبنان، وأن فرنسا لا تعدّ لبنان ورقة تستخدمها للمقايضة لمصلحتها، تبعاً لتبدل المصالح. لكنّ هناك تغييراً في الشخصيات التي تتعامل مع لبنان».
وأكد بابت دعمه «بشدة الخطوات التي اتخذها الوزير كوشنير الهادفة إلى إعادة إطلاق الحوار الوطني بين الأفرقاء اللبنانيين. ولقد تبلغت بسرور أن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي يرغب في إقامة علاقات مع مختلف الأفرقاء اللبنانيين. وهو أكد، على أي حال، في رسالة رسمية إلى الرئيس لحود تمسكه بالثوابت الفرنسية المتعلقة بلبنان».
والتقى لحود الوزير السابق ميشال سماحة ثم النائب السابق نجاح واكيم الذي أبدى تقديره الكبير لمواقف الرئيس لحود الوطنية، «التي تشكل ضماناً للحفاظ على الوطن في الوقت الذي يحاول فيه عدد من الأفرقاء، بتوجيه خارجي، زج البلاد في أزمة، ليست فقط سياسية، بل أمنية أيضاً».
من جهته استنكر النائب السابق الدكتور أنطوان حداد بعد لقائه لحود «التطاول المشين» على رئيس الجمهورية من مفتي جبل لبنان محمد علي الجوزو، مشيراً إلى أن الدستور قد حظر مثل هذا المس بموقع رئاسة الجمهورية لما يمثله من رمز لوحدة البلاد، مشيراً إلى أن «مثل هذا الإسفاف يشكل سبباً للفتنة بين اللبنانيين».
وأضاف حداد: «إن الكيل قد طفح من المتطاولين الصغار على شخص رئيس الجمهورية»، داعياً النيابات العامة، وخصوصاً النيابة العامة التمييزية «إلى التحرك على جناح السرعة لحسم هذا الموضوع قبل فوات الأوان».
ورأى حداد أنه «لا يجوز لأي كان أن يتطاول على رئيس الجمهورية. وهذا الكلام أضعه برسم القادة المسلمين قبل المسيحيين في لبنان». ودعا إلى إقالة المفتي الجوزو فوراً من منصبه، «وخصوصاً أن تاريخه حافل بإثارة النعرات الطائفية والمذهبية».
واستقبل لحود أيضاً النائب السابق غسان الأشقر، ورئيس «تجمع الإصلاح والتقدم» خالد الداعوق .
على صعيد آخر، أرسلت المديرية العامة لرئاسة الجمهورية كتاباً إلى الأمانة العامة لمجلس الوزراء أبلغتها فيه موقف رئيس الجمهورية باعتباره سبعة مراسيم نافذة غير موقعة نشرت في الجريدة الرسمية، لا تؤسس لأي نتائج قانونية «لأنها صدرت عن حكومة فقدت شرعيتها الدستورية والميثاقية بعد 11/11/2006، وكل ما يصدر عنها من إجراءات تنفيذية هي منعدمة الوجود انعداماً كلياً اعتباراً من التاريخ المذكور».
(وطنية)