strong> اشتباكات خفيفة في مخيم نهر البارد و85 شهيداً للجيش منذ بدء المعارك
لم تسفر الاتصالات العديدة التي أجراها مسؤولو الفصائل الفلسطينية في الشّمال (عبد الكافي الصمد)، طوال يوم أمس، عن معرفة مصير المبادرة التي أعلنها بشكل مفاجئ للبعض، المسؤول العسكري في حركة «فتح» في مخيّم عين الحلوة العقيد منير المقدح، والتي تنصّ على انتشار قوة أمنية فلسطينية قوامها 300 عنصر، خلال فترة زمنية لا تتجاوز 24 ساعة، في مخيّم نهر البارد، من أجل «ضبط الوضع الأمني في كل المخيّم، بشكل يرضي اللبنانيين والفلسطينيين، ويحفظ للجيش اللبناني كرامته».
وعلى الرغم من الانطباع الإيجابي العام الذي تركته مبادرة المقدح في صفوف مسؤولي الفصائل والمواطنين الفلسطينيين على السواء، نظراً لقبول البعض دخوله على خطّ المساعي من جهة، أو أقله عدم الاعتراض على هذا الدخول، فإنّ خطوة المقدح لقيت في أوساط فلسطينيي الشمال ارتياحاً مزدوجاً، الأول لكون المبادرة أتت بعدما علّقت «رابطة علماء فلسطين» مساعيها بسبب «الأفق المسدود» الذي لقيته أمامها، والثاني يرتكز على خلفية أن «القوة الأمنية الفلسطينية التي ستأتي، حسب المبادرة المقترحة، من خارج الشمال، سيتاح لها العمل بحرية في مخيّم نهر البارد، أوسع من تلك التي ستمنح إلى قوة أمنية، كان قد اقتُرح سابقاً تشكيلها من فصائل الشمال»، حسب ما أوضح مصدر فلسطيني مطلع في مخيّم البدّاوي لـ«الأخبار».
وأشار مسؤول في حركة «فتح» في الشّمال لـ«الأخبار» إلى أنّ القوة الأمنية المشتركة «ستتكون من فصائل منظمة التحرير الفلسطينية، بالتعاون مع تنظيمي «عصبة الأنصار» و«أنصار الله»، وأنّها ستكون برئاسة منير المقدح مباشرة، وستتألّف وفق اتفاق مبدئي مناصفة بين 150 عنصراً من مخيّم عين الحلوة، و150 عنصراً آخر من مخيّم البدّاوي».
ولفت المسؤول الفتحاوي إلى أن «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ـــــ القيادة العامة»، أعلنت «مشاركتها في القوة الأمنية المذكورة، بعد تحفّظ سابق أبدته حيالها، فيما لا تزال تنتظر حركة «الجهاد الإسلامي» ردّ الجيش النهائي على المبادرة، من أجل إعلان موقفها النهائي منها».
وأوضح المسؤول في حركة «فتح» في الشّمال أنّ المبادرة الأخيرة للمقدح تقوم على خمس نقاط، هي: إعلان حركة «فتح الإسلام» حلّ نفسها نهائياً. تسليم عناصر الحركة أسلحتهم إلى حركة «الجهاد الإسلامي» أو إلى القوة الأمنية الفلسطينية المشتركة. بقاء عناصر الحركة في تحركهم داخل مخيّم نهر البارد تحت سلطة ومراقبة القوة الأمنية المشتركة. تسليم عدد من جرحى الحركة إلى الجيش اللبناني، ولو كانوا عشرة، في خطوة رمزية تهدف إلى إيجاد «نقطة» وسطى مشتركة بين مطلب الجيش تسليمه جرحى الحركة كلهم، والذين يناهز عددهم 70 جريحاً، ورفض الحركة المطلق مبدأ تسليم أيّ من عناصرها، سواء أكان جريحاً أم لا. البحث في مستقبل بقية عناصر الحركة، ودراسة إمكان ترحيلهم خارج لبنان في مرحلة لاحقة».
وفي مقابل إبداء أوساط «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ـــــ القيادة العامة» في الشمال استعدادها للمشاركة في القوة الأمنية، وارتياحها لمبادرة المقدح الأخيرة، مؤكّدة أنّ ذلك يُمثّل «خطوة رئيسية ومهمة لناحية الحفاظ على ما بقي من مخيّم نهر البارد، من أجل تسهيل عودة النّازحين إليه»، لم تُخف جهات فلسطينية معنيّة في الشمال «عدم تفاؤلها بجدّية وإمكان أن يكون حظّ المبادرة الأخيرة أفضل من سابقاتها»، لافتةً إلى أنّ المبادرة تهدف إلى «ملء الوقت الضائع، بانتظار إمّا مبادرة أخرى، أو قبل انطلاق جولة جديدة من الاشتباكات ستكون أكثر عنفاً من السابق».
وأكدت هذه الجهات أنّ «الحديث الحالي عن إنشاء قوة أمنية مشتركة لحلّ مشكلة مخيّم نهر البارد ومسلحي حركة «فتح الإسلام»، يشبه الكلام الذي تردّد منذ بداية الأزمة من غير أن يصل إلى نتيجة»، موضحة أنّ «التوافق الفلسطيني الداخلي على هذه المسألة، وكذلك التوافق اللبناني الداخلي، على آلية موحدة ومشتركة، غير موجود، عدا عن أنّ الجيش اللبناني غير مستعد أبداً، بعد التضحيات التي قدمها، والشهداء الذين سقطوا في صفوفه، إلى إهداء أي انتصار قد يحققه إلى أيّ طرف، سواء أكان لبنانياً أم فلسطينياً».
وتشير هذه الجهات إلى أنّه «من حقّ كلّ طرف أن يُعلّق الآمال التي يراها مناسبة على أيّ خطوة، وخصوصاً أنّ الاحتقان والغليان في أوساط نازحي مخيّم نهر البارد وبقية المخيّمات الفلسطينية في لبنان قد بلغ مرحلة خطيرة، إلا أنّ الواقع يدلّ على أنّ الأمور، وتحديداً من ناحية المبادرات ومساعي الحلول، لا تزال تراوح مكانها، وكأنّ مدة الشهر ونصف الشهر التي مضت منذ اندلاع الاشتباكات في مخيّم نهر البارد لم تكن كافية، لا بل يبدو أن الأمور لا تزال تدور حول نفسها عند نقطة الصفر، وكأنّ كلّ ما حدث لم يحدث».
من جهة ثانية، أكد المسؤول السياسي لحركة حماس في لبنان علي بركة أن لا إجماع فلسطينياً داخل مخيم نهر البارد لحل مشكلة فتح الإسلام. وقال «هناك فصائل فلسطينية تتبرع لحسم المعركة عسكرياً»، مضيفاً «هذا شأنها وهذا لا تتفق عليه جميع الفصائل».
وعلى الصعيد العسكري، سجلت اشتباكات خفيفة بالأسلحة الرشاشة
أمس في مخيم نهر البارد بين الجيش اللبناني وحركة فتح الإسلام. وأفاد مراسل «الأخبار» نزيه الصدّيق أن فترات طويلة من الهدوء سادت محاور المخيم منذ الصباح قطعتها اشتباكات بين الحين والآخر. وارتفعت حصيلة شهداء الجيش اللبناني الى 85، بحسب ما ورد على الموقع الإلكتروني للجيش أمس. وأوضح متحدث عسكري أن جندياً في الجيش اللبناني استُشهد في نهاية الأسبوع متأثراً بجروح أصيب بها في معارك نهر البارد.
وفي سياق متصل، ذكر أمين سر حركة فتح في لبنان سلطان أبو العينين لوكالة فرانس برس، أمس، أن أكثر من أربعين سعودياً قاتلوا في صفوف حركة «فتح الإسلام» في مخيم نهر البارد، قتل منهم عشرون.
وأوضح أن 20 سعودياً قتلوا في معارك نهر البارد وأن 21 آخرين لا يزالون يحاربون في المخيم في مواجهة الجيش اللبناني، بينهم ثلاثة جرحى. وأشار إلى أن سعودياً واحداً سلّم نفسه إلى السلطات اللبنانية، ما يعني أن عدد أعضاء المجموعة 42. وكان أبو العينين قد أعلن في تصريحات لصحيفة الشرق الأوسط، أمس الاثنين، أن عدد القتلى السعوديين من حركة فتح الإسلام في لبنان وصل إلى 23.
وذكرت جريدة «الحياة» السعودية، أمس، أن عدد السعوديين الذين قضوا في الاشتباكات بين الجيش وفتح الإسلام في مدينة طرابس وبلدة القلمون في شمال لبنان بلغ 11 قتيلاً، وأن عدد الموقوفين السعوديين ستة.
وأوردت الحياة أسماء سبعة من الذين قتلوا، وهم: نايف بن عايض بن خليفة القراري العنزي وفارس بن سويلم بن صنهات الوريكي وأخوه صنهات بن سويلم الوريكي وعبد الله بن مساعد المنصور المنصوري وسعد بن احمد بن عبد العزيز القعبوري وبدر عوض الجابري عوض، إضافة إلى عاطف بن عبد الله الوهابي الذي قالت الصحيفة إن أهله تسلّموا جثته.
كما أوردت أسماء أربعة من الموقوفين الستة، وبينهم عبد الله البيشي. وقالت إنه أوقف قبل اندلاع الأحداث في نهر البارد أثناء مغادرته لبنان براً، عقب خلاف بينه وبين قائد التنظيم شاكر العبسي.
وذكرت الصحيفة أن بين الموقوفين عايض عبد الله القحطاني الذي سلم نفسه إلى الجيش اللبناني بعدما فر من مخيم نهر البارد، وفهد بن عبد العزيز المغامس الذي قالت إنه كان أميراً لخلية في بر الياس في منطقة البقاع في شرق لبنان.
كما كشفت الحياة عن اسم الشخص الذي قالت إنه كان يؤمّن دعماً لوجستياً (مالاً ومتفجرات) للخلية، وهو السوري عبد الله بركات الملقب بأبو محمد السوري.
(الأخبار، أ ف ب)