بسام القنطار
التقى أمس، في فندق كراون بلازا، ما يزيد على 250 ممثلاً عن منظمات المجتمع المدني اللبنانية والدولية والهيئات المانحة والقطاع العام في مؤتمر وطني بهدف البحث في مشاركة المجتمع المدني في جهود إعادة التأهيل والتنمية وتحديداً نقاش المخرجات التي صدرت عن سبع ورش عمل مناطقية في مختلف الأقضية اللبنانية

منذ ما قبل عدوان تموز خططت شبكة المنظمات العربية للتنمية بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والصندوق الكندي للتنمية الاجتماعية لتنفيذ برنامج عن دور المجتمع المدني في تنمية وتأهيل لبنان. ويستهدف البرنامج وضع تصور، من وجهة نظر المجتمع المدني، لاستراتيجية وطنية لمحاربة الفقر في لبنان ومن أجل تحقيق المساواة الجندرية ومشاركة الشباب. إلا أن عدوان تموز أدى إلى تعديل توجهات البرنامج وتطوير أهدافه استجابةً للتحديات المستجدّة. ليشمل متابعة جهود إعادة التأهيل انطلاقاً من مجموعة من التحديات القطاعية أهمّها: البنية التحتية بما في ذلك المياه والصرف الصحي، الأحوال المعيشية من جانب التنمية الاقتصادية، الأحوال المعيشية من جانب التنمية الزراعية، الخدمات الاجتماعية الأساسية مع التركيز على قطاعي الصحة والتعليم، الاندماج الاجتماعي والمصالحة والمساعدة في عملية إزالة الألغام، إضافة إلى التخطيط المدني والبيئة.
ولقد عُرضت في المؤتمر المخرجات التي صدرت عن سبع ورش عمل مناطقية في مختلف الأقضية اللبنانية: مرجعيون، حاصبيا، النبطية، صور، بنت جبيل، بعلبك، الهرمل، عكار إضافة إلى الضاحية الجنوبية لبيروت. وتم التوصل من خلال هذه المشاورات التي شاركت فيها البلديات والجمعيات والهيئات الحكومية والجهات المانحة إلى وضع أسس لخريطة الجهات الفاعلة وأدوار كل من هذه الجهات، كما وضعت أفكار لآلية تنسيق تهدف إلى خفض التكرارية والاستفادة القصوى من الموارد المتوافرة، وتأكيد وجود تأسيس إطار عمل لمراقبة عمليتي التأهيل والإعمار.
لكنّ هذا لا يعني أن المنظمات الأهلية راضية عن آلية العمل، وأن الشراكة بين مختلف الفاعلين والفاعلات في قضايا التنمية وإعادة التأهيل والإعمار وصلت إلى المستوى الذي تبتغيه. وهذا ما عبر عنه المنسق العام لـ«تجمع الهيئات الأهلية التطوعية في لبنان» جوزف فرح، الذي رأى أن الهيئات الأهلية «سبّاقة لنجدة الناس في الحرب» أما السلطة والحكومات فلاهثة للحاق بركب الإغاثة وعياً لواجب أحياناً و«غالباً توسلاً للمحافظة على غنيمة القيادة». ويسأل فرح «كيف المشاركة في التأهيل والإنماء بعد الحرب؟ ولكن أي حرب»، في إشارة إلى الانقسامات السياسية والأحداث الخطيرة التي توالت بعد حرب تموز وما يتوجسه اللبنانيون من اندلاع حرب أهلية جديدة.
المدير التنفيذي لشبكة المنظمات العربية للتنمية زياد عبد الصمد عرض لأهم التوصيات الصادرة عن مراحل المشروع الثلاث. وشدد عبد الصمد في حديث لـ«الأخبار» على أن الأولوية تكمن في تطبيق التوصيات العامة وخصوصاً خطة التنسيق الثلاثية بين البلديات والمنظمات الأهلية والقطاعين العام والخاص والتي تهدف إلى ضمان كفاءة الجهود المبذولة في التنمية المستدامة وفعاليتها، للحيلولة دون حدوث التكرار والتجاوزات بالاستناد إلى تحديد الجهات الناشطة في كل القطاعات المعنية وقائمة المشروعات الجاري تنفيذها والتي تم التوصل إلى رصدها من خلال تنفيذ المرحلة الأولى من البرنامج. ويركز عبد الصمد على «الشراكة من خلال تنفيذ استراتيجية لبناء القدرات ومواجهة التحديات البنيوية والتمويلية، والتدريب على وضع آلية عمل تمكّن المجتمع المدني من تجاوز هذه التحديات، وتبنّي اللامركزية في توزيع الثروات وتبنّي مقاربة تحترم مبادئ حقوق الإنسان أثناء رسم وإقرار الاستراتيجيات التنموية».
وتضمنت الجلسة الافتتاحية للمؤتمر كلمات لكل من: نائب رئيس مجلس الإنماء والإعمار آلان قرداحي، الممثلة المقيمة للـUNDP الدكتورة منى همام، وذكّرت «بالدور الأساسي الذي أدّته منظمات الأمم المتحدة المختلفة». سفير كندا لويس دو لوريمييه، الذي دعا إلى «الارتكاز على النجاح الذي تحقق الى الآن للمضي قدماً في إشراك المجتمع المدني في عملية إعادة التأهيل». وأعلن أن كندا ستواصل دعم إعادة الإعمار في لبنان من خلال برنامج مساعدة تصل قيمته الى 20 مليون دولار كندي ويشمل مساعدة تقنية في المجال الاجتماعي والتنمية الاجتماعية ـــــ الاقتصادية بما في ذلك مساعدة اللاجئين الفلسطينيين.
أما ممثلة «أوكسفام كيبيك» ماري بارادي فشدّدت على «ضرورة إيجاد السبل الكفيلة بالحد من الهجرة الداخلية والخارجية التي تؤثر سلباً على قطاع الزراعة والصناعات الصغيرة».
كما عُرضت خلال المؤتمر توصيات ورش العمل المناطقية التي ألقت الضوء على الاحتياجات التنموية لهذه المناطق ومراقبة البرامج القائمة فيها وتقويمها والأولويات المطلوبة في عملية إعادة التأهيل.
ويستكمل المؤتمر أعماله اليوم عبر استخلاص النقاشات التي ستخرج بها ورش عمل موازية تبحث دور مختلف الجهات (بلديات، منظمات أهلية، قطاع عام) وربط الاحتياجات والأولويات المناطقية بالاستراتيجية والخطط الوطنية للتنمية، إضافةً إلى مناقشة دور القطاع الخاص في عملية إعادة التأهيل والتنمية واقتراح خطة تحرك مستقبلية.