strong>راجانا حميّة ـ خالد الغربي
انطلقت أمس الامتحانات الرسمية لطلاب التاسع أساسي (البريفيه)، فامتحن التلامذة بمادتي الكيمياء واللغة العربية وسط ارتياح عام ساد مراكز الامتحانات، ما عدا بعض الشكاوى الناجمة من عدم الاستعداد الكافي

نجحت توقّعات التلميذ في مدرسة العامليّة سيف الدين الصبّاغ في شأن امتحانات الشهادة المتوسّطة، فمسابقات اليوم الأوّل، في مركز ثانوية رمل الظريف، كانت سهلة كما كان متوقّعاً و«متل ما أكّد الوزير قبّاني». «آمن» سيف الدين بكلمات وزير التربية والتعليم العالي خالد قبّاني بأنّ الامتحانات لن تخرج عن إطارها المعقول، مع الأخذ بعين الاعتبار الظروف الأمنيّة التي مرّت بها البلاد، طوال العام الدراسي. وفيما وجد سيف ورفاقه في اليوم الأوّل من الامتحان فرصة للاطمئنان إلى الأيّام المقبلة، كانت مايا أكثر حذراً في الحديث عن «اللغة العربية». فمايا، التي «تعبت» من التحضير للامتحان، كانت «راضية مبدئياً عن المسابقة، بس كان فيها بعض الألغاز». ارتبكت مايا في أحد الأسئلة عن دور التكنولوجيا في «بث السموم»، ولا سيّما أنّه «كان أقرب إلى التحليل، وقد فسرته متل ما فهمت». لغز مايا لم يمنع رفاقها في المركز من التسليم بسهولة الأسئلة، رغم بعض المطبّات «في الإعراب»، كما تقول التلميذة في مدرسة حيفا فاطمة أبو شلّاح. خشيت فاطمة من إلغاء الامتحانات بسبب الأوضاع الأمنية المتردّية في الشمال، إلاّ أنّ تطمينات الوزير خففّت الكثير من الضغوط. أمّا في «الكيمياء»، فكانت الآراء متباينة، فبين «السهل إلى أقصى الحدود» و«الصعب»، ضاع «الرفاق»، وفيما أكّدت التلميذة ميساء خاتون أنّ «المسابقة كانت صعبة بعض الشيء، ولم أتمكّن من حلّ سؤاليْن فيها، وسؤال ثالث أجبت عنه كما أعرف»، وجدت ملاك يوسف أنّ أسئلة الكيمياء «كانت أسهل من المتوقّع، وكل ما تحتاج إليه هو التركيز».
وفي متوسطة البزري الرسمية في صيدا، كان «المانوكان» الذي أعده الطلاب في سياق أنشطتهم المدرسية وألبسوه قبعة التخرج شاهداً أمس على انطلاقة امتحانات الشهادة المتوسطة، على الرغم من كونه «صمّ، بكم، عمي» وينطبق عليه «شاهد ما شفش حاجة»، إلاّ أنّ الغرفة التي وضع في داخلها كانت مطبخاً لانطلاق صافرة الامتحانات.
وبلغ عدد المرشحين في قضاءي صيدا وصور 8194 طالباً تغيّب منهم 147 مرشحاً توزّعوا على تسعة عشر مركزاً (12 في صيدا و7 في صور) وفي صيدا ترشح للامتحانات 4757 طالباً غاب منهم 81 مرشحاً. وتميزت الامتحانات بتخصيص غرفة للمكفوفين وتحويل 20 طالباً من جبل لبنان إلى مراكز صيدا لدواعٍ مختلفة.
واستضافت الغرفة الرقم 21 أربع فتيات مكفوفات أصرَرْن على مواجهة «ظلمة» فقدانهنّ نعمة البصر، ففتحن بصيرتهن وشرعن في الإجابة عن أسئلة الامتحانات وهنّ حنان محمود حطب ورواند خالد الأمين وغنوة قاسم مطر وإحسان عماد حطب (تعاني ضعفاً كبيراً جداً وتحتاج إلى تكبير 36 درجة). واستبدلت الممتحنات أقلامهن بآلات خاصة بالمكفوفين، فرحن يضربن بأصابعهن على الآلة لتخرج منها ورقة مثقوبة ونقاط هي في الحقيقة إجابات يعرف أهل الاختصاص فك رموزها.
وترفض المرشحات أن يحظين باهتمام خاص عن باقي الطلاب والطالبات «متلنا متل الزملاء الباقين، ما حدا أحسن من حدا..كلنا طلاب» تقول رواند التي تبدي ارتياحها للأسئلة، متمنيةً أن يكون النجاح حليفها لتكمل مشوار أحلامها. وتتلمّس غنوة مطر ورقة الأسئلة فتبدو علامات الرضى بادية على وجهها، وسرعان ما تنكبّ على ترجمة أجوبتها على الآلة الخاصة بالمكفوفين، ولا تجد غنوة حرجاً في استيضاح بعض الأمور من العاملات في الحقل الاجتماعي وأهل الاختصاص الذين يواكبون الطالبات بإشراف جمعية الشبيبة للمكفوفين. وتقول الاختصاصية إحسان عجمي «إننا نواكبهن ونقوم بتوفير دعم معنوي يؤازرهن ونقدم إليهنّ إيضاحات لأي نقطة استفسار يرِدنها».
في الخارج، عيون الأهالي تشخص باتجاه ما يدور في الغرف المقفلة، ومع الاستراحة الفاصلة بين المادتين وعند بوابات الحديد ومن خلف القضبان تمكنوا من أخذ جرعة اطمئنان «طمنونا كيف عملتوا» تتداخل الأصوات الآتية من البعيد «كتير منيح ..وتوفقنا..وأدعوا لنا أن تكون المادة التانية سهلة».
وكان وزير التربية والتعليم العالي خالد قباني قد تفقّد مركز ثانوية فرن الشبّاك الرسمية للبنات (مدام عون)، يرافقه المدير العام للتربية فادي يرق ورئيس المنطقة التربوية في جبل لبنان غابي قسطون ومدير المصلحة الإدارية المشتركة خليل أرزوني. ولدى وصوله إلى المدخل الخارجي للمركز، توجّه إلى أهالي التلامذة قائلاً: «إنّنا حريصون على أمن أولادكم، وأطمئنكم إلى أنّ الوزارة، بالتعاون ومشاركة القوى الأمنية اتّخذت الإجراءات الكفيلة بأمنهم وسلامتهم». وأثنى قباني على دور القوى الأمنية في الحفاظ على سلامة التلامذة من خلال تسيير دورياتها المتواصلة في محيط مراكز الامتحانات في كل المناطق. وأكّد قبّاني «أننا سنُنهي الامتحانات بالطريقة التي بدأناها، فالتأجيل لم يكن في دائرة الحسبان نهائياً، لأننا لا نريد لأيّ جهة من الجهات أن تتحكّم في مصير العام الدراسي». وانتقل بعد ذلك والوفد المرافق إلى مركز ثانوية الشيّاح للبنين (شفيق سعيد)، كما جال على بعض المراكز في كسروان.