نهر البارد ـ نزيه الصديق
تراجعت، يوم أمس، نسبياً حدّة الاشتباكات التي كان قد شهدها مخيم نهر البارد، ليل أول من أمس، بعد الهجوم المفاجئ الذي شنه مسلحو حركة فتح الإسلام على مواقع الجيش اللبناني عند المحور الجنوبي من المخيم. وتصاحب الهجوم المعاكس للمسلحين بقصف مدفعي عنيف واشتباكات ضارية، أدت إلى سقوط ثلاثة قتلى في صفوف المسلحين، تمكن الجيش اللبناني من سحب جثثهم في وقت لاحق.
وكان المحور الجنوبي قد شهد اشتباكات متقطعة امتدت إلى ما بعد ظهر أمس، استخدمت فيها الأسلحة الرشاشة الخفيفة والمتوسطة، فضلاً عن القصف المدفعي العنيف من مواقع الجيش اللبناني، مستهدفاً من خلاله مواقع ونقاط تمركز المسلحين في أحياء سعسع وصفوري والمغاربة، وفي حارة غنيم ومحيط مسجد الحاووز، ما أدى إلى إصابة مواقع القناصة تحديداً إصابات مباشرة.
في موازاة ذلك، شهد المحور الشرقي قصفاً مدفعياً عنيفاً، وشوهدت أعمدة الغبار والدخان تعلو في محيط المخيم القديم، وعند تخومه الشمالية، وتحديداً في حي المهجرين الواقع بين مثلث التعاونية ومركز ناجي العلي الطبي ومدارس الأونروا، وقد اتسعت المعارك لاحقاً لتشمل حدود ما بات يعرف بالمربع الآمن داخل المخيم، والواجهة البحرية، نظراً للاشتباه بعمليات تسلل إلى خارج حدود المخيم، الأمر الذي أدى إلى رفع حدة الاشتباكات على كل المحاور في فترة بعد ظهر أمس.
وكان لافتا أيضاً أن بعض المباني التي سبق للجيش اللبناني أن رفع العلم فوقها، بعدما انتزعها من أيدي المسلحين في أوقات سابقة، قد تعرضت لقصف مدفعي عنيف، ودارت في محيطها اشتباكات متقطعة.
في مقابل ذلك، ما يزال الحديث عن القوة الأمنية الفلسطينية المشتركة يراوح مكانه، بسبب الخلاف والانقسام الكبير الذي ما يزال قائماً بين الفصائل الفلسطينية على تشكيلها وآلية عملها، فضلاً عن عدم وصول رد واضح بعد من الجيش والحكومة اللبنانية على المبادرة الأخيرة التي طرحها مسؤول ميليشيا حركة فتح في مخيم عين الحلوة منير المقدح، وهو ما تبدّى من خلال ما أعلنه مصدر مسؤول في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ـــــ القيادة العامة من توجيهه تحذيراً إلى حركة فتح من «مغبة تفردها بتشكيل القوة الأمنية المزمعة في مخيم نهر البارد، الأمر الذي سيؤدي إلى تقاتل فلسطيني داخلي».
في هذا الوقت، أكدت متحدثة باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر اللبناني فيرجينيا دي لا غارديا أنه لم يتمّ إدخال أي مساعدات الى مخيم نهر البارد منذ العشرين من حزيران، مشيرةً إلى أن «المحادثات مستمرة مع الجيش اللبناني» لهذا الغرض. وكانت المنظمات الإنسانية قد أدخلت في 20 حزيران 760 كيلوغراماً من الموادّ الغذائية الى نهر البارد. وإذا كان متوسط الحصة الغذائية المخصصة لكل شخص يومياً يصل الى 500 غرام، فإن تلك الكمية تسمح لأكثر من مئة شخص بالاستمرار لمدة أسبوعين تقريباً. ولا يزال هناك أقل من ألف مدنيّ داخل مخيم نهر البارد، بحسب مصادر مختلفة من داخل المخيم.