كثر الحديث عن سجال تحوّل انقساماً تدور رحاه حول مسألة انضمام لبنان الى «عهد حقوق الطفل في الإسلام» باعتبار البعض أنه يتعارض مع المادة التاسعة من الدستور لجهة حرية الاعتقاد واحترام جميع الأديان والمذاهب. لكن جرائم اغتصاب الأطفال تتكرّر ولم توضع خطّة أمنية واجتماعية للوقاية وحماية القاصرين من التعنيف والاغتصاب
بين تصديق لبنان على اتفاقية حقوق الطفل في 14 أيار 1991 من دون إبداء أي تحفظات، وموافقة مجلس الـوزراء في جلسته بتاريخ 3 نيسان 2007 على طلب وزارة الخارجية والمغتربين الموافقة على التصديق على عهد حقوق الطفل في الإسلام مع تحفظ بعض الوزارات، وما رافقها من سجالات حول مرسوم الانضمام إلى العهد الذي قابله تمسّك الحكومة بالمرسوم وتوقيعه، تبقى المسألة المحورية حول قيمة الإنسان دون تفرقة وتمييز، ولا سيما الطفولة اللبنانية بحيث يعمّ الخوف من «تدنيس براءتها بمفهوم الطائفية». وفي غياب الاهتمام بأوضاع الطفل اللبناني، فإن الحق بالتعليم والرعاية الصحية وعمالة الأطفال المستشرية والتسول والعنف في الأسرة والمدرسة والاعتداءات الجنسية وغيرها ، تبقى محور السؤال حول مدى التزام لبنان باتفاقية حقوق الطفل. ومن ناحية أخرى، فإن انضمام لبنان الى الاتفاقيتين المذكورتين لا يخفي تقصير القانون اللبناني في تعريف الطفولة. ففي تقرير سابق للمجلس الأعلى للطفولة، الموكلة إليه مهمة السهر على متابعة الالتزام باتفاقية حقوق الطفل، فإنه لا نصاً قانونياً مستقلاً يعرف الطفولة في التشريع اللبناني غير قانون الموجبات والعقود (القانون المدني) وقانون العقوبات من خلال تعريف الطفل غير المباشر عبر تحديد سن الأهلية لالتزام العقود بسن الـ18.
والى أن يصار الى إبعاد حقوق الإنسان وقيمته الوجودية عن السجالات الداخلية، يجدي نفعاً أن يبادر المعنيون الى معالجة الخطر الذي يلف حياة العديد من الأطفال اللبنانيين، إذ إن عدد حالات الاعتداء الجنسي المسجلة على القاصرين بين شهري أيار وحزيران الماضيين، وصل الى عشرة. فكثيراً ما يقع الأطفال ضحية الجهل والعنف وغياب رقابة الأهل والثقة المطلقة ببعض المقربين. ويلاحظ تلاحق أحداث كهذه بشكل متكرّر في الآونة الأخيرة. ففي 25 حزيران، نشرت «الأخبار» حادثة الاعتداء على طفل يبلغ من العمر 11 عاماً وجد مذبوحاً لأنه رفض الرضوخ لأوامر مغتصبه، علماً أن المغتصب هو ابن عمته. وإذا نجا الضحية من الموت فعلى الأغلب لن ينجو من الصدمة النفسية التي يخلّفها الاغتصاب.
قاصران: من السباحة، إلى الاغتصاب
ويوم الأحد 27/5/2007 استغل المدعى عليهما أسامة ح. و شخص آخر تبين في التحقيق أنه يدعى كامل وملقب بـ«أبو أحمد»، وجود القاصرين محمد ج. (9 سنوات) ومحمد ط. (11 سنة) بمفردهما في محلة الرملة البيضاء في بيروت فاقتادوهما إلى منزل أسامة ومارسوا أعمالاً منافية للحشمة تجاههما. وفي التفاصيل أن القاصرين كانا يسبحان في الرملة البيضاء حيث التقيا أسامة وشخصاً آخر كان برفقته، وبسبب معرفتهما بأسامة الذي يعمل كميكانيكي سيارات والذي كانت والدة محمد ج. تصلح سيارتها لديه، أخذا يلعبان معهما في الماء، ثم عرض أسامة على محمد ج. أن يحتسي معه مشروباً فرفض الأخير وقرر مع صديقه مغادرة المكان، فلحق بهما المدعى عليهما حيث استقلا سيارة أجرة وأصعدا القاصرين معهما فأركب أسامة محمد ج. في المقعد الأمامي طالباً منه التدخين غير أنه رفض، ثم راح أسامة يلامسه بطريقة جنسية. وانطلقوا باتجاه منزل أسامة الذي كسر قفل الباب لأنه لا يملك المفتاح، حيث تعاون أسامة وأبو أحمد على اغتصاب محمد ج. و عندما حاولا الاعتداء على محمد ط. تمكن الأخير من الدفاع عن نفسه، وبعد انتهاء المعتديين من عملهما عرضا على محمد ج. مبلغ خمسين ألف ليرة لبنانية مقابل أن لا يبوح بما جرى له. وبعد هرب القاصرين، لجآ إلى ذويهما حيث اتخذت والدة محمد ج. ووالد محمد ط. صفة الادعاء الشخصي ضد أسامة ح. وكل من يظهره التحقيق. وجاء تقرير الطبيب الشرعي ليؤكد تعرض القاصر محمد ج. لاعتداء جنسي. أما القاصر محمد ط. فلم يتعرض لاعتداء جنسي. إضافةً إلى ذلك اعترف أسامة باغتصاب محمد ج.
وبما أن أسامة ح. أقدم على مجامعة محمد ج. القاصر بالإكراه والعنف، وبما أنه حاول اغتصاب محمد ط.، فقد قررت الهيئة الاتهامية في بيروت اتهام أسامة ح. وإصدار مذكرة للقبض عليه ومحاكمته، وتضمينه الرسوم والنفقات القانونية. كما أصدرت مذكرة تحرّ دائم بحق المدعو كامل لمعرفة كل هويته إذ إنه أقدم،حسب إفادة القاصرين، على التحرش بهما.