strong> بسام القنطار ــ عفيف دياب
يتأثر لبنان في فصوله المناخية الأربعة بمنخفضات جوية ثلاثة وبمرتفع جوي واحد. وهو في قلب المتغيّر المناخي العالمي الذي أحدث خللاً لم يعتده لبنان، فالاحتباس الحراري، أو المعرّف عنه في التقارير العلمية بـ«الدفيئة» نتج منه في السنوات الأخيرة تأثير على المناخ العالمي، ولبنان بالطبع ليس جزيرة معزولة أو بمنأى عن تأثيرات «الاحتباس الحراري».
وفي الوقت الذي شهد فيه لبنان الأسبوع الفائت جوّاً حاراً غير اعتيادي وصلت فيه درجة الحرارة إلى 35 في بعض المناطق كما امتاز الجوّ بأنه لم يتحول إلى معتدل ليلاً بل استمرت درجات الحرارة مرتفعة طيلة فترة المساء.
وفيما لم يعلن عن أي خطة طوارئ حكومية لمواجهة موجة الحر المقبلة، تبقى مشكلة الإفراط في استخدام الطاقة الكهربائية أساسية، ومع الانقطاع الحاد للتيار الكهربائي والمستمر منذ أسبوعين يُتوقع أن تزداد تأثيرات موجات الحر على المواطنين اللبنانيين هذا الصيف. كما أن وزارة الصحة لم تصدر حتى اللحظة أي توجيهات للمواطنين لجهة عدم الإفراط في التعرض للشمس التي تؤدي إلى مخاطر صحية جسيمة أخطرها سرطان الجلد.
ومن الملاحظ أن شهر أيار 2007 شهد تقلبات حادة في درجات الحارة ليس بين يوم وآخر بل في اليوم نفسه ولقد بقيت درجات الحرارة أعلى من معدلها بكثير مقارنةً بالسنوات الماضية حيث وصلت على الساحل إلى 35 درجة الأمر الذي يؤشر إلى صيف ساخن جداً وارتفاع حاد في درجات الحرارة خلال شهري تموز وآب يُتوقع أن يلامس الـ 45 درجة مئوية على الساحل.
ويقول الدكتور فادي كرم، الأستاذ المحاضر في كلية الزراعة في الجامعة اللبنانية، ورئيس فرع الري والأرصاد الجوية في مصلحة الأبحاث العلمية والزراعية في تل عمارة (رياق) إنه لا يمكن إجراء دراسة في شأن التغيير المناخي في منطقة واحدة من دون دراسة الحالة العامة التي تتأثر بها الكرة الأرضية، و«لاحظنا في الفترة الأخيرة انحسار كميات الأمطار المتساقطة وهو ترافق مع انحباس في الحرارة».
ويركّز كرم على أهمية «الغطاء النباتي»، فنسبة الرقعة الخضراء في لبنان لا تتجاوز 8% من إجمالي مساحته، وهذا سيؤثر على جوّنا ومناخنا، فمع انحسار الرقعة الخضراء ستتراجع الرطوبة ولا إمكان عندئذ لاستقطابها».
ويتمتع لبنان بنظام مناخي متوسطي معتدل، فكل الرطوبة التي تأتي إليه أغلبية مصدرها من أوروبا الغربية، او التي تسمّى الرياح الغربية، وبالتالي فإن لبنان لا يتأثر بمنخفضات جوية من خارج أوروبا الغربية. ويوضح الدكتور كرم أن لبنان يتأثر بـ3 منخفضات جوية نتيجة موقعه الاستراتيجي، فهو يعدّ النقطة الأخيرة على الطرف الغربي لقارة آسيا ويجاور الطرف الشرقي لقارة أفريقيا. ويرى الدكتور فادي كرم أن لبنان سيبقى يتأثر بهذه المنخفضات وإن كانت هناك بعض التغييرات، فعندما تنحبس الحرارة يصبح عندنا ارتفاعات، فحين ترتفع درجة الحرارة درجة واحدة شهرياً عن المعدل التاريخي لها فإن هناك تغييراً، أو حين ينخفض معدل الأمطار في شهر واحد 10 أو 15 ملم فهذا أيضاً مؤشر إلى التغيير المناخي.
ويشير كرم إلى أن السنة المطرية في لبنان تبدأ عادة في شهر أيلول وتنتهي مع نهاية شهر أيار تقريباً، وكمؤشر إلى التغيّر فإننا نأخذ منطقة القاع الأوسط لأنها تعدّ ممثلة للبنان لأنها ليست منطقة جافة ولا شبه جافة، فهي تشهد هطل كميات أمطار وزراعة وتمدّداً عمرانياً وحركة سكانية، ومعدّلات كميات الأمطار في هذه المنطقة منذ 1954 حتى اليوم هو 600 ملم، وخلال الدراسات التي أجريناها في تل عمارة تبيّن لنا أن هذا المعدل أصبح 592 ملم، ونحن في الميزانية المائية نقول إن كل ملم من الأمطار له قيمة قصوى للبنان، فكل ملم اذ يمكن يمكن أن يعطينا ملايين الأمتار من المياه المكعبة، ومع خسارتنا لكل ملم فإننا في لبنان نفقد نحو عشرة ملايين متر مكعب.