برعشيت ــ داني الأمين
ما زالت معالم المواقع الإسرائيلية السابقة قائمة، وهي أكثر ما يذكّر أهالي الجنوب بمآسي الاحتلال والعمليات العسكرية التي كانت تُشنّ دائماً عليها من جانب المقاومة، التي كانت على مرأى المواطنين ومسمعهم، وخاصة في القرى الصامدة مقابل الحزام الأمني، والتي كانت دائماً عرضة للقصف المستمر المنطلق من هذه المواقع.
بعض هذه المواقع أصبحت بعيدة نسبياً عن وجود الإسرائيليين على الحدود، وهي الآن فارغة، تم تدمير بنيتها الأساسية بعد التحرير مباشرةً، لكن الأهالي أحاطوها بمنازلهم الجديدة، رغم أن أغلب الحقول المجاورة لها محاطة بالألغام. فموقع برعشيت الشهير الواقع على إحدى أعلى تلال البلدة، ما زالت معالمه قائمة، ومحاطاً بحقول الألغام المنتشرة يميناً وشمالاً رغم أن بعضها قد تم تنظيفه من جانب قوات اليونيفيل، لكن أهالي برعشيت استهواهم المكان، فقاموا ببناء منازلهم بالقرب منه وهم على قناعة بأن «زمن الاحتلال قد ولّى».
لكن اللاّفت اليوم وبعد حرب تموز الأخيرة، أن بعض هذه المواقع أصبح مواقع للجيش اللبناني وقوات اليونيفيل، لما لها من أهمية عسكرية لكونها تكشف القرى المحيطة بها. مثل موقعي الطيري وحولا. لكن البارز، ورغم الأجواء الأمنية القلقة، أن المواقع الإسرائيلية التي ما زالت على الحدود لم توقف زحف العمران باتجاهها، فموقع «العبّاد» قرب بلدة حولا (قضاء مرجعيون) محاط الآن بالعديد من المنازل، منها ما أنجز بناؤه، ومنها ما لا يزال طور البناء.
كاتيا مزرعاني التي تسكن وزوجها موسى مزرعاني وأولادها الثلاثة قرب موقع العبّاد المحصّن، ترى أنّ ذلك أمر لازم وضروري لمواجهة الإسرائيليين، فتقول «إسرئيل تقيم على أراضي غيرها وتتحدّانا بذلك، فعلينا أن نواجهها بالبقاء واستغلال كل أراضينا، فهذه أرضنا ولن نتركها، وخاصة هذه الجبال الجميلة الخضراء». ولا تخفي مزرعاني خوفها من الأيام المقبلة، «عند سماعنا أصوات الطائرات أو الرصاص نخاف كثيراً، فبعد الحرب الأخيرة ترك حزب الله موقعه القريب من موقع العباد، بعدما كان مصدر حماية واطمئنان للأهالي القابعين هنا، والآن لا ندري في أي وقت يداهمنا الاحتلال؟».
الجدير ذكره أن موقع العبّاد أصبح مزاراً للأهالي والسيّاح بعد التحرير، الذين كانوا يقتربون منه بشكل ملاصق للجنود الإسرائيليين، لكن الحرب الأخيرة جعلت من قوات اليونيفيل والجيش اللبناني يمنعون الزيارات المتكررة، والاقتراب من الموقع وتصويره، حتى إن الإسرائليين حصّنوا الموقع بشكل لافت، وزادوا من ارتفاع بنيانه وأحاطوه بالشرائط الشائكة. واستُحدث موقع جديد ملاصق له لقوات اليونيفيل حيث تقطنه الآن الكتيبة النيبالية.