وفيق قانصوه
«الانتخابات الرئاسية ستحصل في موعدها ولا صحة للكلام عن دعوتي لزيارة باريس»

إطلالة رئيس المجلس النيابي نبيه بري، أول من أمس، في الذكرى الأولى لرحيل الرئيس السابق الياس الهراوي، هي الأولى له منذ فترة طويلة خارج جدران قصر عين التينة، حيث يتمترس «أبو مصطفى» منذ شهور عدة، بسبب الاعتبارات الأمنية التي أملت عليه إرجاء إعطاء الموافقة النهائية على حضور الاحتفال الى ربع الساعة الأخير، والانسحاب فور القاء كلمته، وقبل إلقاء رئيس الحكومة فؤاد السنيورة كلمته المتلفزة.
لا يخفي رئيس المجلس أمام مجالسيه امتعاضه الشديد من كلام «الرئيس الفرنسي لما وراء البحار» برنار ايمييه في احتفال المختارة أول من أمس، «وانحيازه الفاضح الى فريق 14 آذار، وكنا نتمنى أن نودّعه كما ودّعه وليد جنبلاط، إلا أنه اختار أن يودّعنا بهذه الطريقة، لذلك الله والنبي مع دواليبو»، معتبراً ان أفضل القراءات لهذا الموقف هي انه ضد لقاء الحوار الذي سيعقد في باريس نهاية هذا الاسبوع، وأن أفضل جواب عليه «اننا سنصر على حضور المؤتمر وتلبية الدعوة الفرنسية مشكورة»، وإن كانت الآمال غير كبيرة الا انه «إن لم ينفع فلن يضرّ». ومن هنا فإن ما نقل عنه أخيراً عن تفاؤله بقرب الخروج من الأزمة يأتي من باب «فليسعد النطق ان لم يسعف الحال».
أما ما تردد عن دعوة ستوجّه اليه لزيارة فرنسا قريباً، فينفي رئيس المجلس «وجود أي أثر لهذا الكلام»، ممازحاً بـ «أننا، ربما، على الطريق الى أن نُدرج في قائمة الممنوعين من السفر».
ولدى سؤاله عن الالتباس الذي يسود علاقته مع رئيس الجمهورية العماد اميل لحود وانقطاع التواصل بينهما، يؤكد بري ان «انعدام التواصل مردّه الاعتبارات الأمنية»، مشيراً الى «انني أول من دعم طرح حكومة الانقاذ عندما بحثها فخامة الرئيس مع غبطة البطريرك (نصر الله بطرس صفير)»، من دون أن ينفي وجود اختلاف في وجهات النظر، أحياناً، كما حدث بالنسبة الى اقتراح «تأليف حكومة ثانية منتصف تموز الجاري، وهو ما لم أقبل به لأنه لا يزال لدينا متسع من الوقت للوصول الى توافق قبل موعد الاستحقاق الرئاسي، وأي خطوة من هذا النوع يمكن اللجوء اليها لاحقاً، خصوصاً اذا ما أصرت الأكثرية على انتخاب رئيس بالأكثرية المطلقة، أما الآن فإنها محرقة للبنان، وأنا الذي نجحت في ادارة الصراع السياسي مع اسرائيل إبان عدوان تموز، لن أسمح بأن تفشل المعارضة في معركة سياسية أديرها».
ما هي خطة «الأكثرية» في المرحلة المقبلة؟
«خذوا أسرارهم من الطامحين الى الرئاسة»، يجيب بري، مشيراً الى «أنني أبلغت بعض المرشحين استعدادي للبدء فوراً في فتح البازار الرئاسي، وتجاوز مسألة حكومة الوحدة الوطنية، ولكن شرط أن يقولوا بكلمة واحدة وصوت واحد انهم لا يريدون مثل هذه الحكومة. وأنا أذكّرهم بأنه بعد البيان الشهير لـ 14 آذار عقب إقرار المحكمة الدولية بساعات، تجاوز النائب سعد الحريري هذا البيان بأشواط في إطلالته التلفزيونية، وبعد 24 ساعة ذهب رئيس الحكومة فؤاد السنيورة أبعد من ذلك بطرحه صيغة 17/13، فمن نصدّق؟»، خالصاً الى ما «طالما ردّدته، وهو أنهم لم يكونوا يريدون المحكمة بل يريدون التحكم، ولا يزالون يريدون ذلك».
وكان بري أكد خلال استقباله نقيب المحررين ملحم كرم أن «الانتخابات الرئاسية ستحصل في موعدها وستكون مفتاح الفرج».
وبعد كلمة لكرم قال بري رداً على سؤال عن سبب تفاؤله: «أليس كافياً الجو القائم في البلد؟ على الأقل لنوجد هذا الجو التفاؤلي، وإن شاء الله فإننا لا نوجد هذا الجو بمجرد القول فقط، يعني ما بتكبر إلا لتصغر»، لافتاً إلى أنه «لا أحد يساعد على جو استرضائي في البلد، وهناك جو ضاغط أكثر فأكثر».
أضاف: «أولاً، أنا أعرف أن اللبناني يكابر ولا يكبر على لبنان. ثانياً، رضوا أو أبوا، نحن محكومون بالتوافق. ثالثاً، ليس المطلوب أكثر من تطبيق الدستور والقوانين المرعية الإجراء، وهي وحدها كفيلة بإعادة اللحمة بين اللبنانيين، والمثال الأكبر على ذلك النصاب المطلوب توافره لانتخاب رئيس الجمهورية، وهو الثلثان. رابعاً، أثبتت كل دهماء أو مصيبة تحيق بلبنان أن اللبنانيين يتناسون كل خلافاتهم ويتضامنون. بالأمس في حرب إسرائيل ضد لبنان، واليوم في مخيم نهر البارد، وغداً في كل استحقاق، هذا الكلام ليس لإشاعة أجواء خيالية في التفاؤل، بل هو استقراء واقعي لتاريخ لبنان ولطبيعة اللبناني».
وكرر: «لا مشكلة بين اللبنانيين عند عدم مخالفة الدستور»، مشيراً إلى أن «مجلس النواب لا يسأل لماذا أقفلت أبوابك»، وقال: «المجلس بقي مشرع الأبواب لكل الندوات ولكل الاجتماعات ولكل اللجان، لكنه موصد ولا يزال بوجه حكومة غير ميثاقية وغير شرعية وغير دستورية، ولو أخذت هذه الحكومة آلاف الشهادات على غرار الشهادة التي قدمها الرئيس، عفواً، السفير الفرنسي البارحة».
ورداً على سؤال أكد بري أن «الانتخابات الرئاسية ستحصل في موعدها وستكون مفتاح الفرج، من دون أن نقفل أبداً أبواب إمكان قيام حكومة إنقاذية قبل انتخابات الرئاسة».
وشدد على «رمزية الجيش للوحدة، وضرورة التكاتف والتضامن معه، وهو الذي يتصرف بحكمة حتى في قتاله»، مؤكداً أن «الحكومة البتراء لم تقدم الدعم اللازم للجيش في العديد ولا في العتاد».
واستقبل بري النائب بطرس حرب وعرض معه التطورات ثم الأرشمندريت الدكتور شربل حكيم.