أنطون الخوري حرب
بعد انتهاء اجتماع كتلة «التغيير والإصلاح» في الرابية، أمس، التقى عدد كبير من نواب التكتل وقادة في «التيار الوطني الحر»، في منزل أحدهم، وأبدوا عدم اقتناعهم بجدوى المشاركة في حوار باريس السبت المقبل، معتبرين هذا اللقاء «مضيعة للوقت، ولا يستحق عناء الذهاب إلى العاصمة الفرنسية ولا شرف مجالسة الفريق الحاكم الذي يفتقر إلى روح الشراكة الوطنية، ويتعامل مع المجتمع والوطن بذهنية الشركة التجارية الفاسدة لا بذهنية القادة المسؤولين».
ويذهب قادة في «التيار» إلى حد اليأس من سياسة «الفريق الحاكم، الذي يبدو واضحاً أن لديه برنامجاً لتقسيم لبنان وضرب مقومات وجوده التي بُني عليها نظامه وميثاق العيش المشترك فيه».
ويرى هؤلاء أن «كل ما جرى حتى الآن من تهميش للمسيحيين على يد فريق 14 آذار بدءاً بقانون الانتخابات عام 2005، يندرج ضمن خطة مبرمجة هادفة إلى استمرار ضرب التوازن الطائفي اللبناني، لأن رحيل الجيش السوري من لبنان، بنظر هؤلاء، حرّرهم من سطوة رئيس الجمهورية الذي كان يحوز الدعم الأقوى من سوريا إبّان وجود جيشها في لبنان. أمّا بالنسبة إلى التعاطي مع المسيحيين اللبنانيين ضمن معادلة الذمّية السياسية فإن هذا الأمر لم يكن سلوكاً سورياً بقدر ما كان توريطاً لسوريا في هذا السلوك من جانب الرئيس رفيق الحريري والنائب وليد جنبلاط عبر غازي كنعان وعبد الحليم
خدام».
ويعتقد اصحاب هذا الراي بأن هدف فريق 14 آذار من التجاوب مع الدعوة الفرنسية إلى لقاء كل الأطراف اللبنانيين في فرنسا والذي حرّكه العماد ميشال عون خلال زيارته الأخيرة إليها، هو استغلال هذه الدعوة وتحويلها «مناسبة لشن حملة تضليلية على الرأي العام المعارض من خلال اتهام المعارضة بإفشال اللقاء الذي ولد فاشلاً في الأصل، وتحميلها مسؤولية هذا الفشل ونتائجه». وإذ يبدو على قادة التيار اتّعاظهم من درس مبادرة الأمين العام لجامعة العربية عمرو موسى والوفد العربي الأخيرة، فإنهم لا يعترضون على المشاركة في اجتماع فرنسا من باب المكابرة، كما لا يعترضون على مبدأ استنفاد كل الإيجابيات، بل لأنهم يدركون نتائج هذا الاجتماع سلفاً.
والرأي نفسه ينسحب على اللقاء المرتقب للنائب سعد الحريري بالعماد عون، فهم يعرفون أن باب دارة العماد عون «مشرّع أمام كل اللبنانيين لما فيه خير المصلحة العامة»، لكنهم يرتابون بهذا اللقاء المحتمل الذي قد يكون هدفه إحداث شرخ في صفوف المعارضة من جهة، وتلميع صورة تيار «المستقبل» من جهة ثانية، بعدما كان الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله والرئيس نبيه بري قد رفضا اللقاء به ومحاورته ما لم يكن يحمل شيئاً جديداً، إن على صعيد تأليف حكومة اتحاد وطني أو لجهة الانتخابات النيابية المبكرة.
وفي النهاية، يرتاح قادة التيار لثقتهم بإدراك العماد عون لكل ما يفكرون فيه بعدما فاتحه العديد منهم بهذا الأمر، لكنهم في أعماقهم يعيشون جوّاً تشاؤمياً بالنسبة إلى احتمال الاتفاق مع فريق 14 آذار ويصرّون على هذا التشاؤم الذي بات السمة العامة للبلد هذه الأيام.