طرابلس ـ عبد الكافي الصمدنهر البارد ـ نزيه الصديق

حرب مواقع في البارد والطائرات الإسرائيلية تحلّق فوقه والعلماء يتوقّعون حلاً قريباً


في أول لقاء من نوعه ضمّ مروحة واسعة من ممثلي التنظيمات والهيئات الإسلامية اللبنانية والفلسطينية في طرابلس والشمال، منذ اندلاع الاشتباكات في مخيّم نهر البارد بين الجيش اللبناني ومسلحي حركة «فتح الإسلام» في 20 أيّار الفائت، عُقد اجتماع موسع في مقر حركة «التوحيد الإسلامي» في طرابلس، بدعوة من أمينها العام الشيخ بلال شعبان، نوقشت فيه القضايا والتطورات الأخيرة.
وكان لافتاً في الاجتماع، مشاركة واسعة للتنظيمات والتيّارات الإسلامية في الشمال، كان لها أكثر من دلالة ومغزى. حيث حضر ممثلو كل من رابطة علماء فلسطين، حركة حماس، جبهة العمل الإسلامي، تجمّع العلماء المسلمين في لبنان، حزب التحرير، جمعية الاتحاد، لقاء العلماء والدعاة في المنية، ندوة علماء عكار، لجنة إحياء المساجد والشؤون الدينية في مخيّم البدّاوي والمنتدى الإسلامي للدعوة والحوار.
وكان البيان الختامي الذي تلاه شعبان، قد شدّد على «رفض كلّ أشكال الفتنة والاقتتال الداخلي، سواء كان هذا الاقتتال لبنانياً ـــــ لبنانياً أو فلسطينياً ـــــ فلسطينياً أو فلسطينياً ـــــ لبنانياً»، وكذلك «رفض مشروع الفتنة المستنسخ والمصطنع بين اللبنانيين والفلسطينيين، ورفض تحميل الفلسطينيين مسؤولية ما قامت وتقوم به «فتح الإسلام». ودعا البيان إلى «الوقف الفوري لإطلاق النار»، وإلى «البحث الجدّي عن حلّ حقيقي ذي وجهة سياسية، يضمن إنهاء هذه الأزمة ووأد كل مشروع فتنة وصراع داخلي»، معرباً عن ترحيبه بمواقف قيادة الجيش «الداعية إلى التعاطي مع السلاح اللبناني والفلسطيني «المقاوم» بالحوار»، مثنياً على «تحميله السياسيين مسؤولية المشكلة التي يعيشها لبنان، عندما دعاهم إلى الشعور بالمسؤولية والتنازل لحلّ الانسداد الحاصل في الواقع السياسي».
وأكّد البيان «ضرورة العودة إلى مخيّم نهر البارد فور إعلان الجيش انتهاء العمليات العسكرية، مع الأخذ بأسباب السلامة والشروع في إعادة بنائه من جديد في مكانه، دحضاً للشائعات التي تتحدث عن إزالة المخيم»، داعياً في الوقت نفسه إلى إجراء «تحقيق جدّي فيمن هيّأ الجو السياسي والشحن الطائفي لقدوم هذه المجموعات، ومن حاول استغلالها، ومن هي الجهات التي واكبت تحركها»، رافضاً «النظر إلى المتدينين على أساس أنهم متهمون حتى تظهر براءتهم، ورفض تصوير الشمال على أنّه بؤرة عنف وإرهاب».
ودعا البيان «السلطات السورية إلى إعادة فتح معبري العبّودية والعريضة في الشمال، حتى لا يجمع على أهلنا في الشمال مشقتين: مشقة الفتنة المشتعلة في الشمال، ومشقة إغلاق الحدود، ففي ذلك ضرب للعلاقات الأخوية والأسرية والتجارية التي تربط أهلنا في كلا البلدين، ولأنّه لا يجوز أن تتحمّل الشعوب مسؤولية الخلافات السياسية الحاصلة بين الدول، أيّاً كان المسؤول عنها».
اميدانياً، ستمرت الاشتباكات بين الجيش اللبناني ومسلحي حركة فتح الإسلام على وتيرتها المرتفعة طوال يوم أمس تقريباً، وإن كانت متقطعة بعض الفترات، بعد ليلة من القصف المتواصل والاشتباكات العنيفة سجلتها محاور مخيم نهر البارد في اليوم الواحد والخمسين من اندلاعها.
وتركز قصف الجيش من مرابضه لتحصينات المسلحين داخل المخيم، ودكها بالقذائف الصاروخية والمدفعية، إضافة إلى استهدافه الملاجئ التي يتحصنون فيها، وتحديداً في أحياء المغاربة وصفوري وسعسع الفوقاني، إضافة إلى حي المهجرين ومحيط موقع جبهة النضال ومبنى عارف. وتعرض مجرى نهر البارد لقصف مدفعي مركز، كما دارت مواجهات عنيفة على الجهة الجنوبية الشرقية للمخيم القريبة من مجرى النهر، وعلى المحور الشرقي لمخيم نهر البارد باتجاه مفرق المحمرة، حيث سقطت قبل ظهر أمس أربع قذائف هاون، مصدرها المخيم القديم، على تلة بحنين والجهة الجنوبية لبلدة المحمرة، من دون الإفادة بوقوع إصابات، ما دفع الجيش إلى الرد بعنف على مصادر النيران بواسطة مدفعية الميدان البعيدة المدى. وبدا من المعارك الأخيرة أن الحرب بين الجيش والمسلحين اتخذت في الآونة الأخيرة طابع حرب المواقع، حيث يعمد الجيش إلى محاولته إحكام سيطرته شيئاً فشيئاً على الأرض، وسط معطيات لا تدل على أن الجيش، أقله حتى الآن، قد اتخذ قراراً بتصعيد الأمور أكثر، إذ لم يسجل أكثر من استبدال الجنود والألوية، وتغيير مواقع مرابضه، معتمداً أسلوب القصف المركز لمواقع المسلحين ودكها بهدف تهديمها وإزالتها من أمام تقدمه، أو سيطرته بالنار على مواقع المسلحين.
وسجل يوم أمس تطور أمني بارز تمثل في تحليق للطائرات الإسرائيلية قبل ظهر أمس على علو متوسط فوق عكار مروراً بأجواء مخيم نهر البارد في اتجاه البحر.
في مقابل ذلك، أعلن عضو رابطة علماء فلسطين الشيخ محمد الحاج، في تصريح له أن «اتصالات أجريت مع بعض المسؤولين على مستويات عليا من أجل حل الأزمة في مخيم نهر البارد، وهي مستمرة، حيث سيكون اليوم مفصلياً من أجل إنهاء الأزمة القائمة منذ ما يزيد على خمسين يوماً، بشكل سياسي»، موضحاً أن «الرابطة بعد تعليق مبادرتها ومساعيها، تلقت العديد من الاتصالات من المعنيين من أجل استمرار تحركها، وطلبت بدورها بعض المعطيات الجديدة وخصوصاً من الحكومة اللبنانية».
في موازاة ذلك،أعلنت إدارة المشروع الإماراتي لدعم وإعمار لبنان تسليم قافلة الإغاثة والمساعدات الإماراتية السابعة إلى النازحين. وقد تكونت القافلة السابعة من 8 شاحنات محمّلة مساعدات إنسانية متنوعة وتم تسليم هذه المساعدات بالتنسيق مع الهيئة العليا للإغاثة.