مهدي السيّد
في المعتقد اليهودي نبوءة تقول أن «رياح الشر تأتي من الشمال».في 12 تموز 2006، كانت إسرائيل تستعد لحرب جديدة في الجنوب. لكن «رياح الشر» هبت من جديد من الشمال. «رياح الشر» الآتية من لبنان، شكلت، رغم قساوتها، فرصة لإسرائيل ومن خلفها الولايات المتحدة، لتصفية الحساب الشاملة مع حزب الله. يُسلط التقرير التالي الضوء على النقاشات التي حسمت طبيعة الخيار العدواني الإسرائيلي، ويعكس حالة الارتباك التي عاشتها القيادة الإسرائيلية من جهة، والإجماع السياسي العسكري على قرار الحرب من جهة ثانية

صبيحة الثاني عشر من تموز 2006، اجتمع كبار قادة المؤسسة الأمنية في مكتب وزير الدفاع لمناقشة الأوضاع في غزة. بدأت أجهزة البيجر بالرنين حاملة أنباءً أولية عن اشتباكات على الحدود مع لبنان.
جميع من كان حاضراً يُعد من أهل الخبرة والاختصاص. وحده عامير بيرتس، المسؤول الأول عن هذه المؤسسة، كان خارجاً عن المألوف. رجل يفتقر إلى الماضي العسكري وتنقصه الخبرة في اتخاذ القرارات في أوضـاع مشابهة.
في هذا الوقت، كان رئيس الأركان دان حالوتس مجتمعاً بقائد سلاح البر اللواء بني غينتس. اقتحم الغرفة رئيس مكتب حالوتس وأفاده بحصول تبادل للنيران في الشمال، فسارع حالوتس الى مكتب وزير الدفاع، الذي يبعد أمتاراً عن مكتبه في الطابق الـ14 في مقر الوزراة بتل أبيب، فيما كان يتلقى في هذه الأثناء تقارير جارية عن المكان الدقيق للاشتباكات.
المعلومات الأولية كانت غامضة، ما أدى إلى تغيير وجهة النقاش الذي كان مقرراً لبحث الأوضاع في غزة، والتركيز على ما يحصل على الحدود مع لبنان.
قرابة الساعة العاشرة، خرج رئيس شعبة العمليات، غادي آيزنكوت، لبعض الوقت للاستعلام عبر الهاتف ثم عاد مسرعاً إلى الطاولة مع الإعلان الدراماتيكي: الأمر الأخطر الآن هو أننا فقدنا الاتصال بـ«اللبنة». سأل بيرتس: ماذا تعني «لبنة»؟ أجاب آيزنكوت بيرتس مثل أستاذ يجيب تلميذاً «عادة يتعلق الأمر بدبابة أو آلية مصفحة». فسأله بيرتس كم من الجنود تضم؟ فأجابه آيزنكوت «بين ثمانية وعشرة».
وسأل بيرتس: «هل هذا وقت محتمل لعملية خطف؟» فكان الجواب بنعم.
السؤال الذي طرحه بريتس دخل الفولكلور الإسرائيلي وعُدّ دليلاً على أن إسرائيل دخلت في 12 تموز في وضع يوجد لإسرائيل فيه «منتخب من الدرجة الثانية»، بحسب تعبير عدد من الجنرالات الإسرائيليين، في إشارة إلى رئيس حكومة عديم الخبرة، رئيس أركان من سلاح الجو، ووزير دفاع لا يعرف عدد أفراد طاقم الدبابة.
سارع رئيس الأركان ورئيس شعبة العمليات وقائد سلاح الجو، اللواء إليعيزر شيكدي، إلى خندق قيادة الأركان العامة، تحت الأرض، وأمر حالوتس الجيش بتنفيذ خطة «هنبيعل»، التي بموجبها يعمل الجيش، في حالة عملية خطف جنود، على إغلاق طرق انسحاب الخاطفين عبر النيران الجوية، ويحاول تعقبهم.
تابع بيرتس من مكتبه التطورات الميدانية عبر شاشة «بلازما» تُبث عليها الصور التي تلتقطها طائرات الاستطلاع والتي تُعرض أيضاً في الوقت نفسه في خندق هيئة الأركان، ومقر قيادة المنطقة الشمالية في صفدوعلى الفور أجرى بيرتس اتصاله الأول بأولمرت حيث اتفق الاثنان على أن يقوم بيرتس بإدارة المباحثات مع قادة الجيش على أن يُقدم مساءً خيارات العمل خلال جلسة الحكومة الخاصة. وتجدر الإشارة إلى أن أولمرت تلقى نبأ خطف الجنديين عندما كان في لقائه الأول مع والدي الجندي جلعاد شاليط الذي خُطف في غزة قبل أسـبوعــين ونصـف في 25 حـــزيران.
وبينما كان بيرتس يتابع من مكتبه تطور الأوضاع، دخل عليه مستشاره العسكري ناقلاً إليه طلب الجيش تنفيذ خطة «البعد الرابع»، كما جرت العادة في مثل هذه الأوضاع، وهي خطة تتضمّن قصف كامل منطقة العمليات، وضرب أهداف حزب الله، وتدمير الطرقات المؤدية شمالاً وكذلك الجسور على نهر الليطاني، وذلك بهدف تهريب الأسرى إلى عمق لبنان.
عندها تحدث بيرتس هاتفياً مع حالوتس الذي أوضح له أن هناك «ساعة ذهبية» ربما يكون ممكناً خلالها وقف الخاطفين، وإلا فسيختفون بعدها.
وفيما كان حالوتس يشرح لبيرتس طبيعة الخطوات الواجب اتخاذها ومخاطر الامتناع عنها، شاهد الرجلان على شاشات «البلازما» وبالبث الحي صورة «جمّدت الدم في عروقهما»، صورة انفجار دبابة «ميركافا» كانت تتعقب منفذي عملية الأسر، جراء صعودها على عبوة ناسفة ضخمة. وكان واضحاً للجميع من الصورة، ومن انفصال برج الدبابة عن جسدها ووقوعه على مسافة بعيدة، أن مصير من بداخلها لا يُبشر بالخير أبداً.
ضاعف هذا الانفجار عدد القتلى في صفوف الجيش الإسرائيلي، وورط الفرقة 91 في عملية إنقاذ معقدة داخل الأراضي اللبنانية. إثر ذلك، أعطى بيرتس الضوء الأخضر لخطة «البعد الرابع»، لكن «الساعة الذهبية» كانت قد انقضت، وعملية الأسر أصبحت حقيقـة ناجزة.
يشير تسلسل الأحداث إلى أن الخطط السابقة للجيش الإسرائيلي المتعلقة بحالة حرب في لبنان كانت مختلفة: فقد اشتملت على مهاجمة أهداف بنى تحتية من أجل إجبار الحكومة اللبنانية على العمل بشدة ضد حزب الله، وكذلك عملية برية لإبعاد الكاتيوشا عن الحدود. إلا أن هذه الخطط المسبّقة أُجهضت: أولاً، من قبل المستوى السياسي الذي لم يصادق على استهداف البنى التحتية بشكل واسع ومدمر، وثانياً من قبل رئيس الأركان الذي استبعد كلياً احتمال العملية البرية من دون أن يقدم خطة بديلة.
جنرالات الجيش ورئيس الأركان، ووزير الدفاع ورئيس الحكومة والوزراء ـــــ لم يعلم أيّ منهم ماذا ستكون المرحلة الثانية بعد مهاجمة «صواريخ الفجربعد نحو ساعتين على وقوع عملية الأسر، اتصل عضو الكنيست عن حزب العمل، عامي أيالون، بوزير الدفاع عمير بيرتس. وكعضو سابق في هيئة الأركان العامة وكرئيس سابق للشاباك، أدرك أيالون جيداً مستوى الضغط الذي يتعرض له وزير الدفاع الجديد والعديم الخبرة. وقد أراد أيالون تهدئة روع زميله في الحزب من خلال تقديم نصيحة له للمساهمة في شيء ما خلال الأزمة.
خلال المحادثة توجه بيرتس بسؤال الى أيالون قائلاً له «ماذا نفعل؟»، فأجابه أيالون: «لديّ نصيحة لك. اطلب من رئيس الحكومة عقد مؤتمر صحافي يعلن فيه أنه يمنح حزب الله والحكومة اللبنانية ثلاثة أيام من أجل إعادة الأسرى من دون شرط. في المقابل، تعلنون تجنيد الاحتياط على نطاق كبير واستعداد الجيش للهجوم».
فسأله بيرتس: «ألا تعتقد أنه يجب الرد»؛ جواب أيالون كان «يمكن الرد بعد ثلاثة أيام أيضاً. لن نخسر أي شيء في هذه الفترة الزمنية». وأمام إصرار بيرتس على توجيه الأسئلة البسيطة مثل قوله «هل تعتقد حقاً أن هذا سيعيد الأسيرين؟»، توجه إليه ايالون قائلاً «أنت لا تفهم. ليس حـــزب الله من يحتاج إلى الأيام الثلاثة، بل أنت مــن يحتاج إليــها».
بيد أن نصيحة أيالون وقــعت على آذان صــمّــاء.
بالعودة إلى أجواء هيئة الأركان، كان السؤال المطروح بقوة هو: ما العمل. وفي أول تشاور عملي له، سأل حالوتس: «ماذا نفعل؟». أجابه رئيس شعبة التخطيط، اللواء إسحاق هارئيل «نهاجم بيروت. منذ عام ونحن نقول إننا سنحمّل مسؤولية ما يجري على الحدود للحكومة اللبنانية، وقد حان الوقت لتنفيذ ذلكأجاب حالوتس: «حسناً، فهمت»، وحدّد الساعة 14:00 موعداً لمداولات في إمكانات الرد أمام الجيش. ثم صعد إلى مكتبه حيث أجرى بعض الاتصالات الهاتفية، من بينها ما تم الكشف عنه في «معاريف» حول بيعه الأسهم في البورصة.
أولمرت، خلال استقباله لرئيس الحكومة اليابانية، وقف أمام الكاميرات في باحة مكتب رئاسة الحكومة في القدس وحمّل الحكومة اللبنانية وسوريا المسؤولية، خلافاً للنهج الذي سيلتزم به لاحقاً.
بدورها أجرت وزيرة الخارجية تسيفي ليفني، بعد انتهاء مشاركتها في اللقاء مع الضيف الياباني، مشاورات أولية مع المسؤولين في وزارتها، إلا أن ذلك لم يكن ذا أهمية. ذلك أن عملية صناعة القرار كانت قد وضعت على سكة واحدة، هي السكة الأمنية. تقرر عقد جلسة للحكومة عند الثامنة مساءً، وكان من المقرر أن تجري قبلها سلسلة مشاورات أمنية.
المشاورات الأولى كانت مقلصة بين وزير الدفاع ورئيس الأركان. في المشاورات المقلصة، شارك أيضاً المساعدون الشخصيون لكل من بيرتس وحالوتس.
كان واضحاً لدى الجميع أن الجيش ليس أمام نسخة مكررة لمهاجمة أهداف موضعية في جنوب لبنان فقط، كما كان قد حصل في جولتين سابقتين مع حزب الله: الأولى محاولة الخطف في الغجر في تشرين الثاني 2005، والثانية في 28 أيار 2006 بعد قصف وحدة الرقابة الجوية في ميرون.
وقد أسهمت في ذلك حقيقة أن المهانة في لبنان جاءت بعد تدهور مستمر في غزة: تأليف حكومة حماس، وابل من القسام على النقب الغربي، وأخيراً اختطاف شاليط. في أعقاب الحدث الجديد في الشمال، كان الشعور أن الردع الإسرائيلي إزاء الجيران تحطم، وتحول إلى غبار.
قال حالوتس لبيرتس: «نعلم حتى الآن بسقوط 7 قتلى. منذ خروجنا من لبنان حتى الآن لم يحصل شيء كهذا. هناك تراكمات لشهرين أو ثلاثة أشهر. نحن في نقطة معاكسة، علينا أن نعمل». حالوتس كان متحمساً لإلحاق ضرر اقتصادي كبير بلبنان، وقال: «أوصي بأن نضع الحكومة اللبنانية على المرمى ومعالجتها. يجب ضربهم بأقصى قوة. يمكن أن نسبّب لهم أضراراً بالمليارات وأن نقطع الكهرباء عنهم ليبقوا ســـنة في الظلام». ولكي يوضح ما يعنيه أضاف «يمكن أيضاً أن نستهدف مطار بيروت أو قصر الرئاسة في بعبدا، وهكذا تفهم الحكومة اللبنانية أن هناك ثمناً لعدم مكافحتها حزب الله». ورغم ذلك أوضح حالوتس «من ناحيتنا أيضاً سيكون هناك ثمن، لأن الرد سيكون كاتيوشا وصواريخ فجر».
سأل بيرتس «ما هي قدراتنا على شل صواريخ حزب الله باتجاه الخضيرة وحيفا؟». فأجابه حالوتس بأن لدينا القدرة، وتحدث عن خطتين معدتين لدى الجيش لتدمير المنصات الصاروخية المتوسطة المدى، 45 إلى 70 كلم، الموجودة بحوزة حزب الله. «وزن نوعي»، هي عملية لتدمير المنصات الثابتة المتموضعة داخل البيوت في القرى، وخطة أخرى لمهاجمة المنصات المتحركة من خلال اصطيادها على الشاحنات خلال تنقلها. وقال حالوتس «في هذه المرحلة، لا أقترح مهاجمة صواريخ الفجر».

برغم التصميم، لم يتناغم بيرتس مع رأس حالوتس. وقال له «معالجة صواريخ الفجر التي يمكن أن تسبّب أضراراً لنا أكثر منطقية من استهداف المطار».
موقف بيرتس أثار موضوعاً حرجاً آخر هو «السؤال عن الهدف الذي سيــــــــــحدد للعملية، هل هو استعادة الجنـــــــــديين؟ هذا الهدف يمكن أن يورّطنا بشكــــــــــل متطرف. لا يتوقع أحد أن يؤدي الضغط فقط إلى استعــــــــــادتهما». وأجابه حالوتس «بالتأكيد، لدينا تجربة سيئة مع رون أراد».
وقال بيرتس «يجب أن نفكر كيف نوجه ضربة كما ينبغي وننهي القصة. هذه مشكلة»، وكرر «كيف ننهيها».
في المشاورات الأولى أثيرت مسألة تجنيد الاحتياط. المستشار العسكري لبيرتس، العميد إيتان دانغوت، قال إن تجنيد الاحتياط برأيه ضروري في ضوء احتمال توسع المواجهة. حالوتس أوحى بلغة الجسد أنه لا يحب تدخل دانغوت وقال مقاطعاً «لقد أعطيت الأوامر بعدم تجنيد أي فرد».
في هذا الوقت كانت قيادة الجيش الإسرائيلي غارقة في خططها التي وضعتها مسبقاً. ذلك أن خطط مواجهة حالة اشتعال مع حزب الله كانت معروفة جيداً في الجيش. فقد عملوا عليها لسنين. حدَّثوا، غيروا، واءموا وفقاً لدروس من المناورات وأحداث مختلفة. قبل عملية الخطف بشهر فقط أجريت مناورة «دمج الأذرع»، التي بدأت، بتنبّؤ مثير للقشعريرة لدى الإسرائيليين، وهو سيناريو خطف جنود في غزة يتواصل مع خطف إضافي في الشمال أدى إلى حرب مع لبنان.
وخلال المناورة نُفذت خطة «مياه الأعالي»، التي وفقاً لها يقصف الجيش بالمدفعية والطائرات أهدافاً في لبنان لعدة أيام، ثم ينتقل إلى عملية برية تخوضها من 3 فرق. وكانت خطة «مياه الأعالي» في مراحل البلورة النهائية. وفي مصادفة ظرفية، أرسل حاسوب قيادة المنطقة الشمالية في يوم عملية الخطف نسخة معدلة عن الخطة إلى الوحدات المختلفة ضمن إطار تحويلها إلى خطة عملانية. إضافة إلى «مياه الأعالي» كانت هناك خطة نافذة سبقتها وهي شبيهة بها، هي خطة «درع البلاد».
في كل الأحوال، حتى ساعات الظهيرة لم تُدرس أي خطة. قائد المنطقة الشمالية، أودي آدم، أجرى تقديراً للوضع في مقر القيادة في صفد، وأمر بتعزيز موقع «أسترا» في جبل حرمون، خشية أن ينفذ السوريون عملة خاطفة ويحتلوه.
كما أمر وحدات المنطقة بأن تكون جاهزة بعد يومين لتنفيذ خطة «مياه الأعالي» أو خطة «المجرفة المناسبة» التي يقوم الجيش بمقتضاها بدفع حزب الله تدريجاً عن الحدود باتجاه الشمال، أو على الأقل خطة «الجلسات الصائبة» التي تشمل تسوية خط الحدود عن طريق تدمير مواقع حزب الله عليه.
في الساعة الثانية ظهراً، اجتمعت قيادة الجيش الإسرائيلي في غرفة الاجتماعات داخل مكتب رئيس الأركان.
واصل حالوتس عكس الثقة بالنفس من دون حدود. قال إن المدى الزمني القريب سيسمح لإسرائيل بالعمل في لبنان من دون قيود جوهرية. وقدر، من دون أن يوضح إلى ماذا يستند، أن «نافذة الوقت التي سيمنحها العالم لـلجيش للــرد لن تطول أكثر من أســـــــبوع».
(غداً حلقة ثانية)




قائدان بلا خبرة... بلا أي شيء آخر!

إيهودا أولمرت صرخ في مجلس الوزراء بأن «إسرائيل ملزمة بسحق حزب الله». رفض طلب كوندوليزا رايس ضبط النفس: «نحن سنحطّمهم، ولن يكون هناك أي ضبط للنفس».
من بعده قال وزير الدفاع عمير بيرتس: «أنا رجل سلام، ولكن مع كل الاحترام ــــ أنا أعتقد أن صنع السلام يستوجب ضربهم ضربة قاسية لم يشهدوا لها مثيلاً من قبل»، ثم يحوّل المسألة الى صراع شخصي ويحذّر قائد حزب الله: «حسن نصر الله سيتلقّى ضربة تجعله لا ينسى اسم عمير بيرتس».
بعد جلسة الحكومة التي صادقت على الهجمة، واصل بيرتس النهج عينه «فلتعلموا أن من يقود كل العمليات التي ستسمعون عنها في صبيحة الغد، هو أنا». ليس من الغريب مع النابليونات الثلاثة (أولمرت وبيرتس ومعهما دان حلوتس) هؤلاء أن نرى في الصحف عناوين مزركشة مثل «نصر الله بدأ يتصبّب عرقاً»، «بيروت تحترق»، «زعيم حزب الله يعرف أن رأسه مطلوبة»، وما إلى ذلك.
هو لم يتمالك نفسه، وأطلق بعض الانتقادات على من سبقوه في المنصب. هو لا يفهم لماذا ترك أولئك الجنرالات السابقون في وزارة الدفاع حبة البطاطا اللبنانية الملتهبة على أعتابه تحديداً. «تعاظم قوة حزب الله لم يبدأ مع وصول عمير بيرتس الى الوزارة، وكذلك الصواريخ البعيدة المدى ووجودها عند الجدار، كل هذا تراكم في عهد كل من يوجّهون لنا النصائح الآن»، قال بيرتس.
بيرتس يتحدث بصورة صريحة مباشرة، فهو لا يتفلسف، وهو لم يتفحّص بعد قاموس المصطلحات العسكرية المبهمة. «ما يحدث في غزة لا يشبه ما يحدث في لبنان»، يقول بيرتس، «في غزة كان الأمر سينتهي لو جاء وسيط وسلّم الجندي وأوقف صواريخ القسام، أما في لبنان فمن المحظور علينا أن نتحدث مع أي وسيط كان، من المحظور علينا أن نقبل وضعاً يضربنا فيه حزب الله بهذه الصورة من دون أن نغيّر المعادلة».
العبارات الرهيبة المستخدمة في الساعات الأولى كانت ظالمة بحق العملية المطلوبة منذ مدة من الزمن، والتي لم يجرؤ أي قائد أو حكومة في إسرائيل على القيام بها بسبب الخوف المزمن من إطلاق الكاتيوشا على التجمّعات الشمالية، وبسبب أسطورة الخوف من احتراق أصابع كل من يدسّ يده في لبنان.
(يديعوت أحرونوت)


الجزء الأول | الجزء الثاني