strong> راجانا حميّة
روزانا خليل، فتاة ثانوية فخر الدين المثالية، هي الفتاة نفسها التي حملت بالأمس اللقب الثاني، بعد فوزها بالمركز الأوّل في لبنان في شهادة الاجتماع والاقتصاد. روزانا، «المشاغبة» في أحلامها وطموحاتها، تسكنها المثالية بتفاصيلها المملّة، ربّما لأنّها اعتادت الإبحار في تيّارها الخاص... المعاكس لـ«طموح البلد»، لكن «المنظّم بطريقة ما». تحلم روزانا، التي لم تخرج بعد من صدمة ما بعد المركز الأوّل، بصدمةٍ أخرى قد تغيّر واقع البلد، وتخرجه من قوقعة الطائفيّة واللامكان.
لم يكن غريباً على ابنة السابعة عشرة، أن تستسلم للأحلام، فهي «الطفلة» التي استبدلت ألعابها بالكتب منذ عامها الخامس، فكانت ابنة العاشرة التي قرأت أمين معلوف وابنة الرابعة عشرة التي آمنت بـ«اللبنان» الآخر، بـ«الوطن الذي يتخلّص فيه أبناؤه من حقيبة السفر»، ومقولة عمّها الكاتب والصحافي ربيع خليل: «من لا يمتلك فكرة الانتماء تكن طريقه التهلكة».
اقتنعت الفتاة المثالية بكل شيء يساعدها في طموحها، لكنّها في الوقت نفسه آمنت بأنّ الطموحات والأحلام «يجب أن تبقى سرّاً كي لا تفشل»، لذا حرصت روزانا، طوال فترة التحضير لامتحاناتها، على «سجن» طموحها بالحصول على المركز الأوّل، مكتفية، لدى سؤال أحدهم عن استعداداتها بالقول: «محضّرة شي مهم». إلاّ أنّها، رغم إيمانها بقدراتها، فوجئت بنجاحها بالنتيجة.
تروي روزانا تفاصيل ذاك اليوم حيث كانت تستعدّ للذهاب إلى تدريب فرقة الدبكة في قصر الأونيسكو، حين اتّصلت بها عمّتها لتخبرها بأنّ «النتيجة عم تطلع»، لم تكترث روزانا للفكرة لأنّها تعرف مسبقاً بأنّها ستنجح. عمّتها التي عرفت من ثانويّة فخر الدين والرفاق بأنّها نالت المركز الأوّل، أصرّت خلال اتّصالها بروزانا على أن تعود فوراً إلى البيت لأنّها لا تريد إخبارها عبر الهاتف خوفاً من حدوث أي شيء لها، لكنّها لم تعد وخرجت مع صديقتها إلى السوق. بعد ساعة من الاتّصال الأوّل، عاودت العمّة الاتّصال بصديقة روزانا وأخبرتها بأنّ «روزانا طلعت الأولى بلبنان، وخليها ترجع على البيت».
سقط الخبر كالصاعقة، لم تصدّق روزانا ما سمعت، رغم أنّها كانت تدرس 20 ساعة من 24، ورغم سجن نفسها في غرفـــــتـــــــها طوال عشرة أشهر، فكانت أولى كلماتها بعد الاتّصال: «لا، لا، بعرف إنه نجحت بس مش الأولى، ما ممكن أطلع الأولى». روزانا، اليوم، بعد النتيجة، أنجزت اثنين من طموحاتها «المركز الأوّل في لبنان والمنحة»، وبقي الكثير منها، ولعلّ أهمّها اختصاص الصحافة المرئية والمسموعة، فهي تحبّ الأضواء والشهرة، وقد اتّخذت قرارها بالتخصّص في مجال الصحافة المرئية والمسموعة، إضافة إلى اختصاص العلوم الاقتصاديّة. وهي لن تكتفي باختصـــــــاصين، بـــــــل تطمـــــــح بعد الانتهاء من العلوم الاقتصادية للتخصّص في قسم المسرح في معهد الفنون الجميلة، «وأي شي بقدر حقّق فيه أحلامي».