صيدا ــ خالد الغربي
شهد أحد اجتماعات الهيئة العامة لجمعية المقاصد الخيرية الإسلامية في صيدا مناقشات حادة حول تحكم تيار سياسي بالرسالة التربوية والأكاديمية التي يؤديها هذا الصرح الذي يرفد لبنان بطاقات وقيادات سياسية واجتماعية وفكرية
برزت، منذ أكثر من ثلاثة أشهر، أصوات تدعو إلى تصحيح المسار في جمعية المقاصد الخيرية الإسلامية في صيدا، فظهر بعض المعترضين ممن يتبوّأون مراكز في التيار السياسي الذي بات يتحكّم بمفاصل الحياة المقاصدية. وفيما يصف القيّمون على المقاصد العلاقة بهذا التيار بالمشروعة لتكفّله تقديم الدعم المالي والمعنوي للجمعية، لا يتنكّر المعترضون لهذا الدعم لكنهم يرفضون الانصياع لفريق سياسي على حد قول أحد المداخلين في الجلسة الشهيرة. وقد أسف مشارك آخر لتحوّل الجمعية العريقة إلى هيئة تنظم الاحتفالات والمعارض، داعياً إلى أن «لا نُساق كالنعاج». وكان لافتاً في الاجتماع قيام المستقلين والمعترضين وبينهم عضو مجلس الأمناء المهندس عمر الدندشلي بتوزيع بيان باسم «أبناء المقاصد» يتضمن تساؤلات عن المغزى الحقيقي لرفع قيمة الانتساب.
أما اليوم فتعقد مجموعات مقاصدية معترضة على الأداء المقاصدي اجتماعات بعيداً من الأضواء بغية وضع تصورات مستقبلية. ويوضّح أحد الناشطين المقاصديين ممن شغلوا مواقع قيادية، ولا سيما في مجلس الأمناء، أنّ قرار رفع رسم اشتراك الانتساب من خمسة وعشرين ألف ليرة لبنانية إلى مئة ألف ليرة لبنانية يطغى على الاجتماعات. وفيما يرى رئيس الجمعية المهندس محمد راجي البساط أنّ الزيادة تساهم في رفع الإيرادات، يعتبر المجتمعون أنّ الأمر قد يتحوّل إلى «طبقية» مقنّعة تحرم شرائح اجتماعية معينة من الدخول وتبقي على الميسورين، ما يعكس تناقضاً مع رسالة المقاصد التي تسعى إلى توسيع العلاقة بين المقاصد والمجتمع الصيداوي. ويتساءل المقاصديون المعترضون عما إذا كانت خطوة رفع الاشتراك هي بمثابة تقليص عدد الهيئة العامة، ويكشفون عن حالات فصل لعدد من أعضاء الهيئة وتوجيه ما يشبه الإنذارات إلى العشرات. في المقابل، تؤكد مصادر الجمعية لـ«الأخبار» أنّ حالات محددة لا تتجاوز أصابع اليد أُسقطت عضويتها لتخلّفها عن تسديد اشتراكاتها وتراكمها، فاستخدم مجلس الأمناء النظام الأساسي ومارس ذلك. أما بشأن ما سمي إنذارات فهو لا يعدو كونه تذكيراً لبعض من تراكمت عليهم رسوم الاشتراكات السنوية.
من جهة ثانية، تحدث المعترضون عن صرف عدد من المعلمات في مدرستيْ الدوحة وعائشة أم المؤمنين التابعتين للجمعية، واستُعمل مع بعضهن أسلوب الترهيب والترغيب للقبول بالاستقالة، الأمر الذي تنفيه إدارة الجمعية، مؤكدة أنّ الفصل جرى في سياق عملية أكاديمية و«أعطينا المصروفين كل الحقوق».
ويقول ناشط مقاصدي: «إذا كانت حجة رئاسة الجمعية الحرص على عدم تبديد الأموال، فمن حقنا أن نسأل عن البذخ الذي رافق حفلات تكريم بعض المقاصديين الذين عُيّنوا أخيراً في مراكز تربوية في الدولة أو من فازوا في انتخابات مهنية». ويرى أنّ التسييس الفاضح للمقاصد قد تستفيد منه الجمعية لفترة معينة، ولكن لن يكون بالتأكيد لمصلحة هذه المؤسسة التي يزيد عمرها على قرن وربع قرن.
وتعتبر جمعية المقاصد الخيرية الإسلامية في صيدا من الجمعيات التاريخية في المدينة التي لم تؤدِّ دوراً بارزاً على المستوى التربوي فحسب، بل أيضاً على المستوى السياسي والاجتماعي والثقافي، وفيها تخرّج الزعماء والوزراء والشخصيات اللبنانية وحتى العربية، ويقارب عدد المنتسبين إلى هيئتها العامة ألفاً. أما شرط الانتساب إليها فهو أن يكون العضو المنتسب صيداوياً مسلماً من حملة الإجازات الجامعية (وليس بالضرورة أن يكون متخرجاً في مدارس الجمعية)، وقبل عام اتُّخذ قرار تاريخي بالسماح للصيداويات من حملة الإجازات بالانتساب إلى المقاصد بعدما كان الأمر حكراً على فئة الرجال، وقد دخلت نساء كثيرات إلى الهيئة العامة.