strong> ثائر غندور
أخيراً، أقرّ «محبو الحياة» بأنّ الشهادة جزء من حبّها، وإن كان هناك فرق بين من يستشهد في سبيل «الحرية والسيادة والاستقلال» ومن يستشهد دفاعاً عن الأنظمة الشمولية.
فنهار أمس، التقى «محبّو الحياة» في أوتيل البريستول، الذي اعتاد أن يجمع «السياديين الجدد»، ليؤكّدوا تميّزهم عن «الشموليين». يدفع المشهد في القاعة إلى التعلق الجدّي بالحياة. فـ«السياديون» منزّهون عن كل ما أصاب الوطن من مآسٍ اقتصادية وسياسية، وهم لا يتحملون مسؤولية القتل أبداً، فأيديهم لم تحمل السلاح قط. وحدهم «الآخرون» أي «حزب الله»، الذي لم يسمّوه، مسؤول عمّا حلّ بالإنسان في لبنان».
أما المؤسف، فهو غياب قادة «حب الحياة» عن مؤتمرهم. فالنائب وليد جنبلاط أرسل النائب وائل أبو فاعور ممثلاً عنه، والوزير مروان حمادة انتدب أخاه علي حمادة، فيما غابت النائبة بهية الحريري دون مبرر.
في المقابل، رأى رئيس منتدى الفكر التقدمي أنور ضو أنّ «ثقافة الحياة هي ثقافة المستقبـــــل بكل ما يرمز إليه من تجديد وتطوير وبناء وتقدم حضاري، في مواجهة ثقافة الماضي بكل ما ترمز إليه من رجعية وجمود». وذكّر فاعور في الافتتاح بمسلمات 14 آذار: «نحب الحياة ونكره الموت، فالحياة كلمة تقال فلا تُقمع، ونهار يطلع فلا يُذبـح، وقـــــلم يكتب فلا يُكسر، وصوت يعلو فلا يُخنق، وقـــــــامة تشمخ فلا تُقطف».
ثم عُُقدت الجلسة الأولى تحت عنوان «السياسة وثقافة الحياة»، فتميّزت بمحاولة «استعطاف» الجنوبيين بتصويرهم ضحايا لـ«همجية حزب الله». ونقل علي حمادة عن النائب مروان حمادة قوله إنّه «يستحيل علينا أن نتجاهل حقيقة أنّ لبنان استُدرج إلى هذه الحرب، وأنّ فريقاً مدفوعاً بأجندة خارجية سياسية ـــــ عقائدية وبالتالي ثقافية، اتّخذ وحده قراراً منفرداً، أدى في ما أدى إلى منح العدو ذريعة ثمينة، واستشهاد 1300 لبناني، وتدمير بنى البلاد التحتية التي هي ملك كل لبناني من دون تمييز». وزعم حمادة أنّ لبنان يعيش مرحلة صراع بين ثقافتي الحياة والموت، وقد يكون أخطر ما في هذا الصراع أنّه ثقافي.
واللافت كان إعلان المفكر كريم مروّة «شيعيته» إذ قال: «أنا شيعي وضد غيري من الشيعة وأتميّز عنهم». واستفاض مروّة في شرح وتفسير الدين الإسلامي لتأكيد رفض الدين للعمليات «الانتحارية». ورأى أنّ المقاومة فقدت شرعيتها وعليها تسليم سلاحها. وقال رداً على سؤال لـ«لأخبار» عن تحوّله من مفكر ماركسي يناضل في وجه الطبقة السياسية اللبنانية، إلى منظّر لأحزاب غير ديموقراطية: «أنا لا أنكر أنّ الحزب الاشتراكي غير ديموقراطي، لكن بين الديموقراطية والموقف السياسي أختار الموقف السياسي... وأنا مع موقف الحزب الحالي». لكنّ أحد شباب تيار المستقبل تبرّع بالردّ وبتأكيد ديموقراطية حزبه والحزب الاشتراكي بالقول: «لو ما نحنا ديموقراطيين ما كانت «الأخبار» بيننا».
بدوره، تحوّل الكاتب في جريدة «المستقبل» نصير الأسعد إلى مُنظّر جديد للأديان، فتحدّث عن «معنى الحياة التي وهبنا الله إياها وأمرنا بأن نجعل لها معنى ونعطيها المعنى الذي تستحقه». وهنا يبدو أنّ المؤتمر الصحافي الأخير لقائد القوات اللبنانية سمير جعجع كان مفيداً لجهة إعادة الماركسيين القدامى إلى رشدهم الديني.
من جهته، تناول الزميل وليد عبود دور الإعلام في تعزيز «ثقافة الحياة»، معتبراً «أنّ اللغة المستعملة في وسائل الإعلام لغة خشبية تنتمي إلى ثقافات شمولية انقرضت».
وختامها مسكٌ، مع إبراهيم عيد باسم حملة «أحب الحياة»، الذي ميّز بين «البروباغندا» والإعلام ـــــ الإعلان، فأشار إلى أنّ «البروباغندا» عبارة عن إعلام موجّه لصنع رأي عامٍ موجّه، ثم عرض لآلية عمل حملته، عبر فهم كيف يفكر الشعب، وكيف أريده أن يفكر مستقبلاً. فالحملة عملت على ثلاث مراحل: لفت النظر، رفع مستوى الاهتمام ثم تحفيز قوى التغيير. كلام عيد جاء مطابقاً لآليات عمل «البروباغندا»، ثم أعلن أنّ تحرك «أوعا» والتظاهرات النسائية الرافضة للحرب جزء من حملة «أحب
الحياة».
أنهى «محبو الحياة» مؤتمرهم، ووعدوا المواطنين بنشر ما توصّلوا إليه، في ملحق يصدر لاحقاً مع جريدة «النهار» التي أعلنت تبنّيها لحب الحياة.