ما زالت الكلمة ـــ القنبلة التي ألقاها عضو التكتل الطرابلسي النائب محمد عبد اللطيف كبارة في مؤتمر «سان كلو»، معلناً تمسك التكتل بأكثرية الثلثين لالتئام جلسة انتخاب رئيس الجمهورية، تتردد اصداؤها داخل فريق 14 آذار وعلى الساحة السياسية في طرابلس والشمال مع توقعات بحصول المزيد من المفاجآت والتبدلات. لكن لماذا اختار التكتل الطرابلسي فرنسا للإعلان عن موقفه المذكور ولم يفعل ذلك في لبنان؟ سؤال طرحته «الأخبار» على النائب كبارة في مستهل حديثها معه فكان جوابه: « كنا نتمنى أن يكون الحوار في لبنان ونطرح مبادرتنا هنا ومن خلال مؤسساتنا الدستورية، لكن مؤتمر الحوار حدد مكان انعقاده في فرنسا بدعوة من دولة صديقة لجميع الأطراف. وهنا لا بد من توجيه الشكر إلى الحكومة الفرنسية لما تبذله من مساع جادة لمساعدة لبنان».
ويتحدث كبارة عن ردة فعل المشاركين في مؤتمر «سان كلو» على كلمته فيقول بأنها «كانت إيجابية جداً وجرى التباحث في محتواها من جميع الأطراف، وكان الرأي متجانساً بين الجميع إن لم أقل الاتفاق حول مضمونها. وحين بدأ البحث في موضوع الضمانات التي يجب أن تواكب إقرار بنودها، أي عدم الاستقالة والمشاركة في جلسة الانتخاب، طلبت الأطراف ضرورة مراجعة القيادات في بيروت بشأنها. ومن المؤكد أن الموضوع سيطرح مجدداً في لبنان مع تجدد الوساطة الفرنسية».
وأكد كبارة ما سبق أن كشفه الوزير محمد الصفدي من أن التكتل «أخفى» موقفه لأكثر من شهر، موضحاً أن «عدم الإعلان عنه كان للأسباب التي ذكرناها» لافتاً الى أن «الموقف من انتخاب الرئيس بنصاب الثلثين يندرج ضمن مبادرة متكاملة للتوصل إلى حلول متزامنة للأزمة: من تأليف حكومة وحدة وطنية، وانتخاب رئيس للجمهورية، واتفاق على الانتخابات النيابية وفقاً لقانون عصري يضمن صحة تمثيل جميع اللبنانيين. فليس المهم تأجيل طرح المبادرة بل ماذا تحتوي والى ماذا تهدف». وأضاف: «نحن نؤمن بأن انتخاب رئيس جديد للجمهورية يمثل أكثرية اللبنانيين واجب وطني، وذلك للمخاطر المحتملة في حال عدم انتخاب أي رئيس، أو لانتخاب رئيس لا يمثل سوى نصف اللبنانيين، وما يمكن أن يسببه ذلك من مضاعفات على صيعد مركز الرئاسة وما هو مطلوب منها في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ الوطن. ليس المطلوب اليوم فقط أن يقرر اللبنانيون أي لبنان نريد بل هل حقاً نريد جميعاً هذا الوطن».
وتساءل: «ما نفع قوى 14 آذار أو 8 آذار بزوال وحدة الوطن وغياب المؤسسات الشرعية؟. وما هو مصير المواطن الذي تحمل وما زال، المزيد من الأعباء في حال تطور الأزمة وتصاعد حدتها، وخاصة في مناطقنا المحرومة أصلاً؟».
ولدى سؤاله اذا كان التكتل في صدد الابتعاد عن 14 آذار ولو خطوة خطوة كما ذكر البعض، يرد قائلاً: «لا بد من التساؤل أولاً ماذا تعني بـ 14 آذار. إذا كنت تعني انتفاضة الشعب اللبناني في يوم 14 آذار عام 2005 لمعرفة الحقيقة ورفض الوصاية السورية والمطالبة بالحرية والسيادة والاستقلال وبناء الدولة العادلة والقادرة على بسط سلطتها على كل الأرض اللبنانية وتأمين حقوق المواطن فنحن، وأعني أبناء طرابلس والشمال، في صلب 14 آذار ونمثّل الركيزة الأساسية لها، ولا يمكن بأي حال من الاحوال الابتعاد عن مبادئها. أما إذا كان المقصود التمايز في المواقف من القضايا المطروحة بين القوى التي تألفت وتبنت هذه الأهداف فهذا طبيعي. إذاً أعتقد أنه لا أحد في 14 آذار يمكن أن يدعي حصرية التمثيل والقرار. فالمعركة الأساسية لقوى 14 آذار كانت معرفة الحقيقة وخروج الجيش السوري من لبنان، وهنا لا مجال للاجتهاد بين هذه القوى. أما اليوم وقد تم الانسحاب السوري وأقر مجلس الأمن المحكمة الدولية وبدأت مرحلة بناء دولة الحرية والسيادة والاستقلال، دولة العدالة والديموقراطية، دولة المساواة في الحقوق والواجبات،... فإن مبادرة التكتل وتمايزها في الموقف لا يمكن أن يهدفا الى الابتعاد عن هذه القوى. فنحن طرف أساسي فيها وسنبقى طرفاً أساسياً، وسنستمر بطرح ما نراه مناسباً من حلول للمأزق السياسي الحالي والحد من معاناة اللبنانيين، فهذا واجب والتزام بما نؤمن به».
ويرى كبارة «فتح الاسلام» اكثر من ظاهرة، فهي بنظره «حركة إرهابية ذات أبعاد وارتباطات دولية تهدف الى تقويض الدولة اللبنانية وبناء دولة تسميها الدولة الإسلامية تنطلق من إمارة شمالية في طرابلس». كذلك يرفض «اتهام أي فريق لبناني بدعم هذا التحرك الإرهابي أو تأييده».
وفيما يستغرب الحديث عن أن هناك من زج الجيش في معركة «نهر البارد» فإنه يؤكد أن «واجب الجيش الدفاع عن الوطن وبسط سلطة الدولة والقضاء على أي عمل يهدد أمنها» معتبراً أن الجيش «يقوم بواجبه ودوره على أكمل وجه ولا يجوز لأي طرف كان أن يشكك في ذلك وهو يقدم الشهداء ويضحي بأبنائه فداء للبنان». أما حل المشكلة من وجهة نظر كبارة المعروف عنه مقاطعته لجلسة العفو عن رئيس الهيئة التنفيذية لـ «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع فيكمن «في ما أعلنته القيادة العسكرية، أي إما استسلام المجرمين أو القضاء عليهم. فكل لبنان هو مع الجيش».
وفي مؤتمر صحافي عقده في مكتبه في طرابلس امس، أشار كبارة الى أن الوزير الصفدي أطلعه على «دراسة منذ عام 2005 وحتى الآن تفيد بأن هناك نحو 900000 مواطن لبناني أي بنسبة 70 في المئة تركوا لبنان وأكثريتهم دون سن الثلاثين، وهذا مؤشر خطير».
(الأخبار)