يونين ـــ علي يزبك
تحافظ بلدة يونين على نظام قديم ودقيق لتقاسم مياه نبع البلدة الذي يعرف برأس العين وذلك لري الأراضي الزراعية والبساتين داخل البلدة ويعرف هذا النظام بالساعة العربية.
ويبدأ النهار وفق الساعة العربية عند غروب الشمس خلال فصل الصيف وبداية فصل الخريف، وتكون الساعة عندئذ الثانية حيث يبدأ توقيت بداية تقاسم المياه وهو ما يعرف بالعدَّان.
ومن أجل المحافظة على هذا التوقيت واحترامه بدقة يقوم الشاوي (ناطور توزيع المياه ومُراقبه) بتقسيم المياه حيث يضبط المزارعون ساعاتهم على ساعته العربية لكي يعرفوا متى يحين دورهم في السقاية وهم يمتلكون لهذه الغاية ساعة يد خاصة إضافية.
ويوضح الشاوي حسن عوض ناصر الدين (70 عاماً) الذي يقيم في خيمة مصنوعة من أوراق الأشجار قرب النبع طوال موسم السقاية، أن العدَّان يبدأ في منتصف أيار وينتهي في الخامس والعشرين من تشرين الثاني، وتقسم المياه كل اثني عشر يوماً على أراضي البلدة بحسب حجم الملكية وهي فترة كافية لري بساتين الكرز والمشمش والجوز خلال فصل الصيف، ذلك أن المزارعين أحجموا عن سقاية الخضروات بمياه النبع لأنها ملوثة نتيجة اختلاطها بمياه الصرف الصحي التي تتسرب من المنازل الواقعة فوق النبع مباشرة.
ويؤكد ناصر الدين أن المزارعين يثقون بعدالته في توزيع المياه ويتقيّدون بالمواعيد التي يحددها لهم وتكون كلمته هي الفصل عند حصول نزاعات بسيطة على تقاسم المياه، وهو لا يغادر مكان عمله الذي يتقاضى عليه أجراً يصل الى 400 ألف ليرة لبنانية شهرياً خلال موسم الري، إلا في حال الضرورة القصوى.
يقول المزارع عبدو الأتات الذي جاء ليسأل الشاوي عن موعد دوره في الري، إن أهالي البلدة جميعاً يتقيّدون بالساعة العربية وهم ورثوا هذا التقسيم عن أجدادهم، وقد حدد لي الوقت بحسب الساعة العربية عند الساعة الثانية أي العاشرة مساء. ويتابع ساخراً: لقد نظّموا لنا منذ مئات السنين كيفية تقاسم المياه، أما دولتنا الكريمة فهي الى اليوم وبعد ستين عاماً على الاستقلال لم تقم بإجراء الضم والفرز لأرضنا التي لا تزال أميرية منذ العهد العثماني.