أُطلق أمس «منتدى استشراف الشرق الأوسط»، كـ«مساحة مفتوحة لطرح الأفكار والنقاشات والاختلافات البنّاءة»، على حدّ ما جاء في كلمة للرئيس نجيب ميقاتي، الذي حدد دور المنتدى وأهدافه بأنه «الأداة الأنسب لفهم ما يحيط بنا وإعادة إحياء روح النقاش العام وثقافته، والمساعدة على إعادة خلق حدود المجال العام المشترك وتوسيعها». وقد مثّلت باكورة أعمال المنتدى، ندوة بعنوان «قراءة متأنّية ورؤية متجددة لاتفاق الطائف»، عقدت أمس في فندق «جفينور روتانا»، في حضور الرئيس سليم الحص وشخصيات سياسية وأكاديمية وفكرية، وتوزّعت مناقشاتها على أربعة محاور هي: الطائف كميثاق، الطائف كدستور، مسألة الطائفية في الطائف بين الميثاق والدستور، الطائف ميثاقاً ودستوراً في خضمّ التغيّرات الإقليمية.وتولّى إدارة النقاشات المسؤول عن المنتدى الدكتور جوزيف باحوط الذي شكر الرئيس ميقاتي على «رعاية هذه التجربة الرائدة في العالم العربي». وقال إن المقصود بعبارة «المنتدى» أنه «مركز يتّسع لكل الاتجاهات والتيارات الفكرية والسياسية»، وبكلمة الاستشراف «تطوير أدوات فهم الواقع واستشراف السياسات المستقبلية التي هي أساس كل عمل ناجح».
وفي كلمة ترحيبية ألقاها للمناسبة، قال الرئيس ميقاتي «إن الحكم هو القدرة على التبصّر، كما تقول حكمة قديمة. وفي ضوء تنامي التعقيدات التي تميز عالم اليوم وتشابكها، أصبحت عملية اتخاذ القرار والإدارة الرشيدة فناًَ يزداد صعوبة. في كل خطوة يخطوها داخل القطاع العام، يلمس المرء الحاجة إلى المعرفة الشاملة، كما يشعر بأهمية وصعوبة دمج مجموعة مختلفة من الحقائق وتحليل منظومات كبيرة من البيانات بهدف استباق التيارات التي ستتكشّف بدورها عن قيود أو فرص في المستقبل».
أضاف: «في منطقة الشرق الأوسط اليوم، تبدو هذه الوقائع أكثر حدة. إذ لم يسبق لنا في هذه المنطقة أن شهدنا هذا الكم الهائل من التغيرات السريعة، والتحديات الملحة، والمخاطر المتنامية، والتهديدات المعقدة. إن المجتمعات والأنظمة السياسية العربية تدخل حقبة من الصراع الوجودي للدفاع عن استمراريتها وسيطرتها، سواء على المستوى الداخلي أو الخارجي. من هنا، لم يسبق أن كانت الحاجة أكثر إلحاحا لإيجاد طريقة سليمة لتقويم بيئتنا السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية بأكبر دقة ممكنة. إن مثل هذا المسعى الطموح يتطلّب أداة مناسبة، أداة تعتمد قدر المستطاع على منهجية البحث العلمي». وتابع: «في المقابل، علمتنا التجربة أنه حين يتعلق الأمر بالحقيقة، يصبح الاحتكار لعبة خطيرة. تبادل الأفكار واختبار الفرضيات لا يوفران معرفة أفضل، وحُكماً أكثر دقة فحسب، بل إنه أيضاً يؤسس لإجماع أكبر، وهو الشرط الأساسي الأول نحو عمل أكثر فعالية في القطاع العام. ولهذا السبب فكرنا في إنشاء هذا المنتدى ليكون الأداة الأنسب لفهم ما يحيط بنا. ونصبو من خلال ذلك إلى إعادة إحياء روح النقاش العام وثقافته، والمساعدة على إعادة خلق حدود المجال العام المشترك وتوسيعه»، مؤكداً أن «هذا المركز لن يكون منبراً لأي سياسي بل للكلمة الحرة، لأن طموحنا هو أن ننقل تجربة الحرية من لبنان لتسود الشرق كله».
وتوجه ميقاتي الى الحاضرين بالقول: «دعونا ننكب جميعاً على استشراف ديناميات التغيير في منطقة الشرق الأوسط. إن منتدى استشراف الشرق الأوسط هو من الآن فصاعداً منتداكم، نريده مساحة مفتوحة لطرح الأفكار والنقاشات والاختلافات البناءة. وأنتم مدعوون على الرحب والسعة لمشاركتنا في صياغة وإعداد مستقبل أفضل».
(وطنية)