عاليه ــ عامر ملاعب
اعتادت القرى الجبلية أن يأتيها الصيف حاملاً الى ربوعها الأهل من مناطق الساحل وبيروت أو من المهجر، وتتحول من الهدوء والسكينة الى فسحات تنبض بالحياة وبضجيج الفرح.
منذ عدة سنوات تصاعدت شكاوى العديد من الجمعيات والأندية في القرى من عدم التنسيق في ما بينها وتضارب مواعيد الحفلات والمهرجانات الى درجة كبيرة، أما اليوم فبالكاد تسمع عن اجتماع أو مناسبة صغيرة، لا بل إن بعض حفلات الأعراس أُلغيت في ظل الخوف من الوضع الأمني، وظهرت بوضوح علامات تعثّر هذه الأندية والجمعيات في إيجاد مساحة حرة استثنائية تخالف السائد حتى في داخل قرى صغيرة يمكن أن تكون فيها الأمور بشكل عام تحت السيطرة والضبط أكثر.
نظرة إلى واقع هذه الأندية والجمعيات تظهر مدى الإحباط والترهّل اللذين أصاباها من جراء الهزات الوطنية، ويعبّر عن ذلك لـ«الأخبار» نائب رئيس الرابطة الثقافية الرياضية في بيصور فراس العريضي، فيقول إن «جمعيتنا تأسست منذ عام 1961 ولم نستطع أن نشكل حتى الآن بيئة محيطة بهذه الجمعية تحميها من التشنّجات السياسية على رغم أنها قد تجاوزت العوائق في الماضي وتجري انتخابات هيئاتها الإدارية كل ثلاثة أعوام من دون أن تترك آثاراً خطرة على جسم الجمعية على رغم التنافس الحزبي، ولكن ذلك لا يمنع فشلها في العديد من المحطات، ومنها هذه المرحلة التي لم نستطع فيها تجاوز عقبات الأجواء السياسية المشحونة، واضطرتنا الظروف الى توقيف المهرجانات الفنية منذ ثلاثة أعوام، وذلك أولاً بسبب الواقع النفسي المحبط، وثانياً لأنه لا يمكننا تحمّل مخاطر دعوة الناس الى حفلات كانت تضم في بعض الأحيان ما يتجاوز عشرة آلاف مشاهد، أو تسيير كرنفال الفرح في الشارع أو المهرجانات الرياضية التي يشارك فيها الآلاف حضوراً ومشاركةً من خلال النوادي والمدارس وغيرها، واليوم فقط نعتمد على عمل «معهد الرابطة الموسيقي» الخاص و«المدرسة الرياضية» التي تعنى بتدريب صغار السن، بالإضافة الى المكتبة العامة التي ما زالت أبوابها مفتوحة، وعسى أن لا نضطر الى تحويلها الى مركز استيعاب للمهجرين كما في العام الماضي». وأضاف «ما زلنا حتى اليوم لا نتخذ قراراً بإجراء أي نشاط كبير خلال هذا الموسم مع ما قد يتركه ذلك علينا من تبعات اقتصادية سيئة جداً، نظراً إلى ترابط الوضع المالي بين كل القطاعات في البلد، وإلى ما تقدمه الحفلات من مردود مادي ومعنوي وما تمتصه من حالات العنف والضغط النفسي عبر إخراج الطاقات الكامنة الى العلن وتشجيع الأعمال الفنية على أنواعها وإبعاد الشباب عن الشحن السائد، وبدلاً من الاهتمام بهذه القضايا نرى اليوم التوجهات السيئة نحو الشحن المذهبي والطائفي والأمني وأمور خطرة».
من جهته رئيس الجمعية الثقافية في عرمون مازن يحيى أوضح لـ«الأخبار» أن «جهود الجمعية خلال هذا الصيف تنصبّ على إنجاز منشآت المكتبة العامة بالتعاون مع بلدية عرمون ووزارة الثقافة، وعلى رغم الظروف الصعبة نخطط لإقامة أسبوع فني ثقافي في مطلع أيلول المقبل يتضمن ندوات بيئية وسهرات موسيقية ومعارض كتب ولن نتوقف أمام الوضع السياسي المتشنّج إلا إذا حدثت أمور أمنية خطيرة جداً». أما عن الوضع المالي فإن «الإفلاس» يبقى سيد الموقف و«نعتمد على الاشتراكات وبعض التبرعات البسيطة التي لا تغني ولا تسمن، وليس هناك أي تبرعات أو مساعدات خارجية».
أما رئيس «منتدى إنسان» ــــــ الشويفات الدكتور جهاد صعب فقد شرح لـ«الأخبار» نشاط المنتدى من خلال «الحملات الطبية والفحوص الخاصة بأمراض السكري والضغط والكولسترول وغيرها، وقد شملت حوالى 150 شخصاً، وكانت على الرصيف في الشارع حتى لا نؤخّر المواطنين ولكون إكساب مركز المنتدى شهرةً هو آخر اهتماماتنا. وعلى الرغم من أن الوضعين السياسي والأمني صعبان، إلا أن الوضع بالدرجة الأولى ذو بعد نفسي، ولذلك ندرس إقامة بعض النشاطات الترفيهية والفنية لنتجاوز كل ما نراه، لأن الواقع السياسي متغيّر ولن يصحّ إلا الصحيح، وسيبقى لبنان ومجتمعنا فوق كل الصراعات غير المجدية».