li>النتائــج الاقتصاديــة للحــرب: نقــاش فــي الأرقــام... وفــي السيــاســة (2/3)
ما إن اندلعت حرب تمّوز، حتّى قفز البعد الاقتصادي إلى الواجهة في محاولة لا تخلو من استغلال سياسي. تحاول هذه الدراسة التي أعدّها الدكتور عبد الحليم فضل اللّه إعادة تصويب النقاش الاقتصادي لنتائج حرب تمّوز. بعد الحلقة الأولى التي نشرت في عدد السبت، ننشر هنا الحلقة الثانية من هذه الدراسة، التي تتناول تقديرات خسائر الحرب، محاولةً تبيان فوضى التقديرات الرسمية وإعطاء صورة أدقّ عن أرقام الخسائر، على أن تتبعها حلقة ثالثة يوم الثلاثاء عن إعادة الإعمار

اتسمت تقديرات خسائر الحرب بتباينات كبيرة بين مصدر وآخر وبين فترة وأخرى، ولا يُردّ ذلك إلى أسباب فنية، بل ارتبط بالانقسام المعروف حول أسباب الحرب ونتائجها، فالفريق الذي كان يقلل من أهمية صمود المقاومة، هو نفسه الذي كان يبالغ في أرقام الخسائر. وعلى أي حال فإنّ تضارب التقديرات يعود إلى جملة أسباب:
ـــــ محاولة السلطة امتصاص النتائج السياسية لانتصار المقاومة، وتبرير انغماسها في مخطط نزع السلاح، وصولاً إلى إظهار أن كلفة الممانعة أعلى بكثير من كلفة التسوية مهما كانت مجحفةً وغير عادلة.
ـــــ ضعف إدارة عمليات إعادة الإعمار وافتقارها في آن إلى النزاهة والكفاءة، وقد زاد من هذا الضعف اعتماد هيكلية تستبعد هيئات حكومية ذات خبرة وتضع على عاتق الهيئة العليا للإغاثة الجزء الأكبر من مهمة إزالة آثار الحرب، مع أن هذه الهيئة وجدت أصلاً للتعامل مع حالات أخرى وأضرار محدودة.
ـــــ تزويد الحكومة للجهات المانحة تقديرات مضخّمة للخسائر طمعاً منها بتغطية ما تيسّر من تكاليف إعادة الإعمار وتوفير مال سياسي احتياطي يستفيد منه أطراف السلطة في معركة الإمساك بالحكم.
ـــــ تحميل المقاومة وزر السياسات الخاطئة التي سببت تضخم الدين العام. ففي تحليل عوامل الأزمة، يضع البرنامج الحكومي المقدّم لمؤتمر باريس ـــــ3 نتائج عدوان تموز على قدم المساواة مع نتائج الحرب الأهلية، وتذهب المبالغة إلى حد تقدير كلفة الحرب على المالية العامة ما بين 4.5 و5.9 مليار $ في الفترة 2007 ــــــ 2011، أي أنها مسؤولة عن أكثر من 12% من مجموع الدين العام الذي سيصل بحسب البرنامج إلى حوالى 45 مليار $ في نهاية الفترة، وعن أكثر من 100% من الزيادة الصافية في الدين العام خلال السنوات الخمس المقبلة.
لهذه الأسباب وغيرها اتسمت التقديرات الحكومية بالتفاوت والفوضى، وقد أورد مسؤولون حكوميون أرقاماً فلكية في تصريحاتهم من دون الاستناد إلى إحصاءات موثقة، فالنائب من كتلة تيار المستقبل غازي يوسف قدّر الخسائر المباشرة وغير المباشرة بما يراوح بين 100% و120% من الناتج المحلي البالغ 22.4 مليار $، وتحدث النائب عن كتلة القوات اللبنانية جورج عدوان عن خسائر بـ25 مليار $، فيما نشر مركز الدعم الاقتصادي المقرّب من السلطة تقريراً قدّر فيه حجم الأضرار بـ9.5 مليار $.

الأرقام الرسمية

بدأت الإحصاءات الرسمية عن الخسائر بالظهور أثناء الحرب، حيث قدّر التقرير الأول الذي وزّعه مجلس الإنماء والإعمار في اليوم الخامس عشر للعدوان (17/7/2006) قيمة أضرار الحرب حتى تاريخه بـ2.07 مليار $ موزعة على الشكل التالي:
بنى تحتية 721 مليون $، من بينها 386 م.$ للطرق والجسور، 180 م.$ للكهرباء، 85 مليوناً لقطاع الاتصالات، إضافة إلى 1349 مليون $ تقريباً أضرار المساكن والمؤسسات.
وفي 3/8/2006 نشر المجلس تقريراً آخر رفع فيه القيمة الإجمالية للأضرار المباشرة إلى 2248 مليون $ موزعة ما بين 785 مليون $ للبنى التحتية و1463 مليون $ للمساكن والمؤسسات، هذا من دون احتساب خسائر القطاعات الاجتماعيةلكن تقريراً حكومياً ثالثاً وُزّع بعد شهر تقريباً من نهاية الحرب قدّر الخسائر الإجمالية بـ3612 مليون $ موزعة على الشكل التالي: 986 مليون $ للبنى التحتية والقطاعات الاجتماعية، و220 مليون $ للصناعة، و120 مليون $ خسائر عسكرية، وهذه الأرقام هي التي حملها رئيس الحكومة إلى مؤتمر استوكهولم الدولي «لمساعدة لبنان».
أما البرنامج الاقتصادي للبنان الذي رفعته الحكومة إلى مؤتمر باريس ـــــ3، فقد قدّر إجمالي الخسائر المباشرة بـ2.8 مليار $، من بينها 1.75 تكاليف مترتبة على الخزانة العامة مباشرة، وهذا الخفض عائد إلى تقليص الكلفة المقدرة للمباني والمؤسسات.
إن مقارنة التقديرات الحكومية بالتقديرات الأخرى وبالنتائج المحققة يبيّن حجم الخلل، وعقم السياسات المتّبعة بدءاً من أعمال المسح والإحصاء، وصولاً إلى التنفيذ ومنح التعويضات، فعلى سبيل المثال:
ـــــ قدّر البنك الدولي، الذي استند إلى تحليل للمعطيات القطاعية وإلى مصادر معتمدة رسميّاً (كتقديرات خطيب وعلمي)، خسائر البنى التحتيّة المباشرة بحوالى 350 مليون $ ترتفع إلى 510 ملايين $ تقريباً بإضافة الخسائر غير المباشرة. وهذا عدا خسائر القطاعات الاجتماعية التي قدّرها بحوالى 60 مليون دولار أميركي.
ـــــ تبين دراسة مفصّلة ودقيقة للاتحاد الأوروبي، أن الكلفة الإجمالية لإعادة إعمار البنى التحتية تبلغ 105 ملايين دولار أميركي فقط، موزعة على الشكل التالي: 37 مليون دولار للكهرباء، 42 مليون $ للجسور، 14 مليون للطرق، وترتفع الكلفة الإجمالية إلى 150 مليون $ بإضافة الاتصالات وخسائر الجيش اللبناني.
ـــــ أظهرت النتائج المالية لسنة 2006 أن الزيادة الإضافية الناتجة من الحرب، بالمقارنة مع العجز المتوقع قبلها، لم يتخطَّ 1228 مليار ل.ل يعود حوالى 70% منها إلى أسباب لا علاقة لها بالعدوان كارتفاع فاتورة المحروقات، وانخفاض ضريبة الاستهلاك على المشتقات النفطية، فيما توقعت وزارة المال في تقريرها الموزع بتاريخ 13/9/2006 زيادة عجز العام الماضي نتيجة الحرب بـ2400 مليار ل.ل.
فبينما قدّرت الوزارة ارتفاع الإنفاق 1031 مليار ل.ل وانخفاض الإيرادات 1386 مليار ل.ل، بالمقارنة مع توقعات ما قبل الحرب، سجلت الأرقام الفعلية زيادة 387 مليار ل.ل في الإنفاق ونقصاً مقداره 841 مليار ل.ل. في النفقات.
ـــــ تجاهلت الحكومة تماماً إحصاء الخسائر المباشرة لقطاعات مهمة لحقت بها أضرار شديدة كالقطاعين الزراعي والسياحي، فيما اكتفت فقط بأخذ العلم بالإحصاءات التي أجرتها جمعية الصناعيين حول خسائر الصناعة.

التقديرات المفصّلة للخسائر

سنورد في التالي تقديرات هي الأكثر دقة للخسائر، وذلك اعتماداً على مقارنة بين البيانات المتوافرة:
ـــــ الوحدات السكنية: بلغ عدد القرى التي أصيبت جراء العدوان 345 قرية وبلدة بحسب رئاسة مجلس الوزراء، فنتج منه تدمير 17853 منزلاً تدميراً كلياً و2686 منزلاً تدميراً جزئياً، إضافة إلى إلحاق أضرار بـ109984 وحدة سكنية أخرى، أي ما مجموعه 130523 وحدة على جميع الأراضي اللبنانية.
ويظهر تقرير رسمي غير نهائي آخر أن عدد المساكن المهدمة جزئياً أو كليّاً بلغ 20514 مسكناً ولحقت أضرار جسيمة بـ32161 مسكناً آخر، فيما أصيب 59964 منزلاً بأضرار مختلفة. وقد بلغ متوسط التقديرات الحكومية وغير الحكومية لمجموع الأضرار اللاحقة بالمساكن ما بين 1 مليار $ و1.3 مليار، وقد أحصى التقرير الأخير الصادر عن رئاسة الحكومة وجود 118963 مسكناً مهدماً أو متضرراً في بيروت والجنوب.
ومن بين القرى المذكورة هناك 20 قرية لحق بها تدمير واسع، وتمثل خسائرها حوالى 30% من مجموع الخسائر الإجمالية، وهي: الخيام، بنت جبيل، عيترون، عيتا الشعب، عيناثا، الطيبة، برعشيت، القليلة، حداثا، القليلة، حاروف، حولا، كفرشوبا، معروب، مجدل سلم، مركبا، صديقين، صريفا، النبطية، بعلبك، هذا فضلاً عن الأضرار الكبيرة التي لحقت ببلدات حارة حريك، الشياح، وبرج البراجنة في ضاحية بيروت.
وقد توزعت الخسائر بين المناطق على النحو التالي: 52% في الجنوب والنبطية، 45% في الضاحية، 3% في المناطق الأخرى.
ـــــ التهجير: أدى العدوان الصهيوني إلى تهجير حوالى 1.05 مليون مواطن لبناني في ذروة النزاع، من المناطق السكنية المستهدفة، اتجه 750 ألفاً منهم نحو مناطق لبنانية أخرى بعيدة نسبياً عن القصف، وحوالى 300 ألف آخرين إلى الخارج غالبيتهم توجهوا إلى سوريا، وقد عاد معظم النازحين فور توقف القتال في 14/8/2006. وقد قدّرت الأمم المتحدة بقاء نحو 200 ألف شخص مشردين بسبب تدمير منازلهم الخاصة والبنى التحتية الحضرية على حد سواء، فضلاً عن وجود مئات الآلاف من الألغام والقنابل العنقودية في مناطق سكنهم الأصلية.
ـــــ أضرار القطاعات الاجتماعية والاقتصادية:
1 ـــــ القطاع التربوي: تدمير وتضرر ما يقارب 15% من المدارس الرسمية والخاصة تقدر كلفة ترميمها بنحو 15 مليون $. وبحسب وزارة التربية والتعليم العالي، هناك حوالى 22 مدرسة مهدمة كلّياً و487 مدرسة متضررة من بينها 63 مدرسة لحقت بها أضرار فادحة، إضافة إلى 353 مدرسة بحاجة إلى صيانة نتيجة إشغالها بالنازحين أثناء العدوان.
2 ـــــ القطاع الصحي: تضرر وتدمير 16 مستشفى وأكثر من 65 مركزاً صحياً بنسب متفاوتة، فيما ذكرت وزارة الصحة العامة اللبنانية أن حوالى 60 في المئة من مستشفيات البلاد توقفت عن العمل اعتباراً من 12 أغسطس/آب بسبب انعدام الوقود، وأُجبرت ثمانية مستشفيات، بينها ثلاثة في الضاحية الجنوبية لبيروت على الإغلاق بسبب سقوط القذائف حولها يومياً.
3 ـــــ أضرار القطاعات الاقتصادية: أظهرت دراسة ميدانية أجراها المركز الاستشاري للدراسات والتوثيق، وشملت جميع الأراضي اللبنانية، حول خسائر القطاعات الاقتصادية التي خلّفها العدوان الصهيوني في المؤسسات الاقتصادية والاجتماعية والآليات والثروتين الزراعية والحيوانية، أن القيمة النقدية الإجمالية لهذه الأضرار تقارب 567 مليوناً و423 ألفاً و350 دولاراً، تكبدها حوالى 43,199 متضرراً (راجع الجدول اسفل الصفحة).
وتظهر بيانات المسح أن أكثر من نصف المؤسسات المتضررة (53.45%) أصيبت بأضرار مباشرة قاتلة، فيما قدّرت نسبة المؤسسات التي أصيبت بأضرار تقلّ عن 25% من قيمة أصولها بحوالى 17.73%. وما بقي من المؤسسات المتضررة (28.82%) راوحت نسبة أضرارها في الأصول الثابتة بين 25% و75%.
جغرافياً، يبين المسح أن ما يزيد على ثلث المؤسسات المتضررة جراء العدوان يتركز في منطقة الضاحية الجنوبية (بنسبة 36.02%)، يليها قضاء بنت جبيل (بنسبة 20.37%)، ثم قضاء صور (16.33%)، فالنبطية (11.52%)، ثم مرجعيون (9.00%)، وذلك من أصل 18 قضاء توزعت فيها المؤسسات المتضررة.
إلا أن هذا التوزيع يختلف إذا أخذنا بعين الاعتبار قيمة الخسائر التي منيت بها المؤسسات على صعيد كل قضاء. حيث تركز أكثر من نصف هذه الخسائر في منطقة الضاحية الجنوبية التي بلغت حصة مؤسساتها 55.47% من إجمالي خسائر المؤسسات، يليها قضاء زحلة بنسبة 14.24%، ثم قضاء عاليه بنسبة 8.74%، وبعده قضاء صور بنسبة 7.98%.
وحسب نتائج المسح يتركز نشاط غالبية المؤسسات المتضررة من العدوان الإسرائيلي في مجال التجارة على اختلاف أنواعها وصيانة المركبات ذات المحركات (السيارات تحديداً)، وذلك بنسبة 57.9%، تليها المؤسسات التي تعمل في مجال الصناعات التحويلية الخفيفة بنسبة 13.4%، فيما شكلت المؤسسات المتضررة التي يغلب عليها الطابع الاجتماعي وتعمل في مجال أنشطة الخدمة المجتمعية 6.23% من إجمالي المؤسسات المتضررة.
أما قيمياً، فنجد أن الحصة الكبرى من الأضرار كانت من نصيب قطاع الصناعات التحويلية الخفيفة، حيث بلغت 43.71% من مجموع قيمة هذه الأضرار. فيما ناهزت حصة التجارة 36.08%، يليها القطاع الاجتماعي بنسبة 11.95%.
بالنسبة إلى الأشجار والمزروعات، بلغت قيمة الأضرار المباشرة وغير المباشرة ما مقداره 140 مليوناً و971 ألفاً و590 دولاراً، 63% منها أضرار مباشرة، و37% أضرار غير مباشرة.
ويقدّر عدد الأشجار التالفة أو المتضررة جراء العدوان بنحو 960720 شجرة احتُسبت وفقاً لمقياس العدد، وتقريباً نحو 127090 دونماً من الأشجار المثمرة الأخرى (كرمة). وبحسب التقديرات بلغت قيمة خسائر الأشجار المثمرة 56 مليوناً و576 ألفاً و523 دولاراً، أي ما نسبته 40% من مجمل قيمة الخسائر الزراعية، فيما بلغت خسائر الأشجار غير المثمرة 3 ملايين و94 ألفاً و276 دولاراً، أي بنسبة 2% فقط.
وبحسب مسح المركز الاستشاري للدراسات والتوثيق، فقد بلغت المساحات المتضررة 29.75 ألف هكتار من المزروعات الحقلية، بقيمة إجمالية قدرها 81 مليوناً و120 ألفاً و476 دولاراً، أي بمعدل خسارة تساوي 27.2 دولاراً تقريباً للهكتار الواحد. وتتوزع هذه الخسائر بحسب الأقضية على الشكل التالي: بعلبك 36%، صور 33.5%، بنت جبيل 8.3%، النبطية 6.4%، مرجعيون 3.2%، الضاحية الجنوبية (بعبدا/عاليه) 3.35%، الهرمل 1.4%، البقاع الغربي 0.8%، حاصبيا 0.8%، صيدا 0.5%.
أما البنك الدولي فقد قدّر الخسائر اللاحقة بالمزروعات بما بين 682 و687 مليون دولار، من بينها ما بين 470 و475 مليون دولار، والباقي أضرار مباشرة.
ومن المتوقع أن يشهد القطاع الزراعي مزيداً من الخسائر بسبب التلوث الناتج من الأسلحة والذخائر الإسرائيلية وانتشار القنابل العنقودية غير المنفجرة بشكل كثيف وعشوائي في الحقول الزراعية، ويمكن ملاحظة نتائج هذه الزيادة ـــــ على سبيل المثال ـــــ من خلال ما أورده تقرير برنامج الأمم المتحدة للبيئة (تاريخ 23/1/2007)، من أن 173 نهراً ونبعاً في جنوب لبنان لوثت بالقنابل العنقودية، وقد أكد منسق الإغاثة في الأمم المتحدة ديفيد شيرير أن هناك على الأقل 6 في المئة (64 كلم2) من الأراضي المستعملة لزراعة الحمضيات والموز، و10 في المئة (74 كلم2) من الحقول المزروعة تعتبر ملوثة بالقنابل غير المنفجرة، وأن أكثر من 5 في المئة (35 كلم2) من الأراضي العشبية المستعملة لرعي المواشي ملوثة بقنابل غير منفجرة.
وقد قدّر المسح قيمة الأضرار المباشرة وغير المباشرة في القطاع الحيواني بحوالى 12 مليوناً و238 ألفاً و726 دولاراً (87% أضرار مباشرة و13% أضرار غير مباشرة).
وتتركز خسائر الثروة الحيوانية بشكل خاص في أقضية بنت جبيل وصور ومرجعيون للأضرار المباشرة، يضاف إليها بعلبك وزحلة بلحاظ الأضرار غير المباشرة.
ـــــ البطالة وفرص العمل: يتبين بحسب تقويم أوّلي صادر عن منظمة العمل الدولية (ILO) عن خسائر العمل استناداً إلى نموذج المنظمة لاتجاهات القوة العاملة، أن هبوطاً إجمالياً في الناتج مقداره 5.5% بسبب الحرب، كما تكهّن صندوق النقد الدولي في البداية، سينجم منه فقدان الاقتصاد اللبناني حوالى 32000 وظيفة، ما يعني زيادة في معدلات البطالة مقدارها 3 نقاط تقريباً عام 2006. وتلتقي تقديرات منظمة العمل الدوليّة مع تقديرات البنك الدولي الذي أشار إلى توقف 120 ألف عامل تقريباً عن العمل أثناء الحرب، ليستقر الرقم على 30 ألفاً مع عودة الحياة الطبيعية. وبما أن المؤشرات أظهرت في نهاية العام عدم تسجيل أي نمو سالب، يُتوقع أن تقتصر الزيادة في البطالة على أولئك الذين دمرت مؤسساتهم ومتاجرهم. ويتبيّن من نتائج المسح الذي أجراه المركز الاستشاري للدراسات والتوثيق أنّ المؤسسات المدمرة كلياً أو المتضررة جراء العدوان تشغّل ما مجموعه 27225 عاملاً يفترض أن يظل عدد كبير منهم من دون عمل، أو سيعانون انخفاضاً حاداً في الدخل لفترة طويلة، ما لم يتلقوا تعويضات عادلة ومجزية، وقد يكون العدد أكبر، نظراً إلى تجنّب العديد من المؤسسات المشمولة بالمسح التصريح عن عدد العمال فيها.
ـــــ المرافق العامة والبنى التحتية المدنية:
الطرق والجسور: جرى تدمير 91 جسراً رئيسياً تقدر كلفة إعادة إعمارها بحوالى 42 مليون $، إضافة إلى 42 عبّارة وجسراً فرعياً، ولحقت أضرار بـ620 كيلومتراً من الطرق تقدر كلفة ترميمها بـ14 مليون $ (أي أن مجموع كلفة أضرار الجسور والطرق تبلغ 56 مليون دولار في مقابل تقديرات الحكومة التي تبلغ 386 مليون دولار!).
شبكات المياه والصرف الصحي: بلغت قيمة الخسائر اللاحقة بشبكات المياه والصرف الصحي، وفقاً لتقديرات المفوضية الأوروبية 2.7 مليون دولار فقط. وبحسب منظمة العفو الدولية دمرت آبار وأنابيب مياه وصهاريج تخزين ومحطات ضخ ومرافق معالجة المياه في شتى أنحاء جنوب لبنان، وتعطلت شبكة المياه في البلاد بأسرها، وتشمل مرافق المياه المتضررة والمدمرة آباراً وصهاريج ومحطات ضخ، إضافة إلى إصابة قناة القاسمية والقناة 900 والأنبوب الممتد من جون إلى الأولي.
شبكة الكهرباء: قدرت المفوضية الأوروبية الأضرار اللاحقة بالكهرباء بـ37.1 مليون دولار، في مقابل تقديرات مجلس الإنماء والإعمار التي تحدثت عن حوالى 208 ملايين دولار أميركي.
وبالمحصلة فإن الخسائر المباشرة الإجمالية توزعت على الشكل التالي: 64% مساكن، 8% بنى تحتية، 3% مرافق اجتماعية، 25% خسائر في القطاعات الاقتصادية.




الخسائر غير المباشرة ويعتبر القطاع السياحي أكثر القطاعات تضرراً، مع أن خسائره المباشرة في المعدات والتجهيزات والأصول لم تتعدَّ 4 ملايين دولار، وذلك أن خسائره العامة تقارب 400 مليون $ بلحاظ الفارق بين عدد السياح الفعلي والعدد المتوقع. أما إذا قيست الخسارة بالفارق ما بين عدد السياح عام 2006 وعددهم عام 2004 (على اعتبار أنّ عام 2005 هو عام أزمة)، تنخفض الخسائر غير المباشرة في هذا القطاع إلى 250 مليون $ تقريباً. وعلى أي حال فإن النمو الفائت نتيجة الحرب لا يتجاوز مليار $ وهو رقم ضخم نسبياً في ناتج مقداره 22.5 مليار $.

hr/>

حدث في 23 تموز

أكد الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله في حديث إلى جريدة «السفير» أن «أي توغل إسرائيلي بري داخل الأراضي اللبنانية لن تكون له أي نتائج سياسية ما لم يحقق وقف استمرار قصف المستوطنات في شمال فلسطين المحتلة وهذا ما لم يحصل ولن يتحقق مستقبلاً». في وقت اعترف فيه قادة الجيش الإسرائيلي، في اليوم الثاني عشر للقتال، بعجزهم عن منع مقاتلي حزب الله من إطلاق الصواريخ. كما أنكر الواقع ادعاء نائب رئيس الأركان موشيه كابلنسكي في جلسة الحكومة بتراجع دقة إصابة الصواريخ التي أصابت أمس، سلسلة طويلة من المستوطنات الإسرائيلية.
فقد أطلق حزب الله في مثل هذا اليوم من العام الماضي ما لا يقل عن 90 صاروخاً ما أدى الى مقتل شخصين وإصابة 70 فيما لم يستبعد قائد الجبهة الشمالية في الجيش الإسرائيلي اللواء أودي آدم احتمال فرض حكم عسكري على المناطق التي يحتلها في لبنان.
على الصعيد الإنساني، أعلن وكيل الأمين العام للأمم المتحدة لشؤون الإغاثة يان إيغلاند، في اليوم الثاني لزيارته إلى لبنان، تأمين ثلاثة ممرات بحرية لإيصال مساعدات الأمم المتحدة عبر بيروت وصور وطرابلس مع صعوبة تأمين المساعدات بشكل ناجع في ظل عدم وجود وقف لإطلاق النار.
وأدى القصف الإسرائيلي إلى استشهاد 12 شخصاً وجرح 61 لترتفع بذلك حصيلة الشهداء إلى 362 بينهم أول صحافية تستشهد خلال أدائها عملها، وهي الزميلة المصوّرة ليال نجيب، بعد يوم من استشهاد سليمان الشدياق، العامل في «أل بي سي» في غارات استهدفت هوائيات إرسال المحطة في فتقا ـــــ أدما.

الجزء الأول | الجزء الثاني | الجزء الثالث