strong> جاد نصر الله
يرتفع هذه الأيام قبالة ملعب الراية في ضاحية بيروت الجنوبية صاروخا خيبر1 مصوبان نحو شمال فلسطين المحتلة بانتظار أمر الإطلاق. وفي المكان نفسه تتمركز دبابات من نوع ميركافا 4 وناقلات جند اسرائيلية إضافة الى مروحية سلاح الجو «يسعور» تحط رحالها في الساحة، وعلى بعد أمتار حقول ألغام.
الجيش الإسرائيلي يستقر في عمق الضاحية التي دمرت قبل عام في شارع متفرع عن جامع القائم، ويمتد على خمسة آلاف متر مربع من حيزها الجغرافي. تسللت هذه الترسانة العسكرية سراً قبل أيام وتموضعت هناك في غفلة من جميع القاطنين في الجوار. وسوف يعلن رئيس المجلس التنفيذي في «حزب الله» السيد هاشم صفي الدين رسمياً احتلالها للمكان الذي سيستمر حتى العاشر من ايلول القادم، في التاسعة مساء اليوم.
حقيقة المشهد توحي بأن عدواناً إسرائيلياً آخر على أرض لبنان يتجدد. لكن المسألة أن رجال المقاومة سحبوا ما كبدوه لأعدائهم من خسائر في أرض المعركة كيلا يعودوا الى اهلهم خالي الوفاض؛ جمعوا الغنائم وأتوا يعرضونها أمام أعين الشعب اللبناني تأكيداً على صدقيتهم ودحضاً للدعاية الإعلامية الاسرائيلية عن وقائع الحرب.
يمثّل معرض «بيت العنكبوت» مشهداً فنياً «يصوّر سقوط اسطورة الجيش الذي لا يقهر، وهو الأكبر في لبنان والأول من نوعه الذي يقيمه الحزب منذ انطلاقة المقاومة وحتى اليوم». استُوحي العنوان من عبارة للسيد حسن نصر الله في وصفه للمحتل الاسرائيلي، فحتى في الأعمال الفنية لا يُغَيِّب الناشطون سيدهم عن بنات الأفكار!
يجول مسؤول وحدة الأنشطة الإعلامية في «حزب الله» الشيخ علي ضاهر في الأرجاء متأكداً من وضع اللمسات الأخيرة قبل حفل الافتتاح. تبدأ الرحلة بالدخول إلى موقع افتراضي للمقاومة «يتضمن الغرف والدشم التي يعيش فيها المجاهدون، إضافة إلى نماذج من عتادهم» وبعض الأمور التي يكشف عنها للمرة الأولى، منها لوحة المرصد الفعلية التي يُسجل عليها تحركات عدوهم. كذلك يلقي الضوء على تفاصيل الحياة العسكرية اليومية، فترى مساحة مخصصة للصلاة ومشجباً لتعليق الثياب والبنادق اضافة الى جهاز كمبيوتر، يؤكد ضاهر وجوده الحقيقي في كل خندق عسكري. وستذاع تسجيلات صوتية للمقاومين تلقي الضوء على حياتهم اليومية، منها النقاشات التي تدور بينهم حول الأوضاع السياسية المستجدة وقراءاتهم للصحف والجدل في المسائل الشخصية. بعدها ننتقل الى جناح داخلي كبير يحوي أعمالاً فنية تركيبية ولوحات ورسوماً تروي فصول الحرب من ألفها الى يائها.. تبدأ بعرض للدور الأميركي في العدوان واعترافات وشهادات اسرائيلية بالهزيمة، مروراً بالمجازر الوحشية والصمود الاهلي، دون نسيان مساهمة الإعلام اللبناني والعربي في دعم الصمود. «ترافق الصور والرسوم المختلفة عبارات مكتوبة منتقاة من خطابات الأمين العام ومعلومات توثيقية باللغتين العربية والانكليزية» مع عرض لرسالته إلى المجاهدين التي خَطَّها بيده. قبل النهاية، ينتقل الزوار الى «قاعة البانوراما لمشاهدة «عمل مركّب من خلال عناصر بصرية ومؤئرات صوتية وضوئية، لدبابة ميركافا استهدفتها المقاومة وعدد من الجنود الاسرائيليين يفرون منها».
يقتنع زوار «بيت العنكبوت» بأنه واهن فعلاً، يخرجون أخيراً الى واحة الشهداء التي تتضمن عملاً فنياً تجريدياً «يرسل تحية للشهداء الذين رووا الانتصار بدمهم». لم ينس القيّمون تكريم الإعلاميين، فخصصوا لهم بعض الندوات الحوارية في قاعة الانشطة ودعوا المصورين الصحافيين إلى تعليق إنتاجهم في الباحة الخارجية حيث المساحة الحرة المتعددة الأنشطة.
بُنيت الرؤية التصميمية للمعرض على دفن كل أعتدة الجنود الاسرائيليين تحت الأرض، «في ذلك دلالة على الغرق والانكسار والهزيمة» بحسب ضاهر. غنائم المقاومة المعروضة أكثر مما حُكي عنها. تبدأ بالمنظار الليلي ولا تنتهي بقطع «الهامر» ورشاش الـ«ماغ» الذي أُخذ خلال عملية «الوعد الصادق». شيء وحيد غاب عن صالة العرض وأفقدها رونقها: إلداد ريغيف ويهود غولدفاسر محتجزان وراء حاجز حديدي وعلى جبهتيهما كُتِبَ «اللمس ممنوع».