strong> ثائر غندور
أن تزور مبنى وزارة التربية والتعليم العالي في منطقة الأونيسكو لتنجز معاملاتك، يعني أن تستنفد أعصابك ووقتك. تدخل إلى مبنى يغريك شكله الخارجي بهندسته الجميلة، لكن ما إن تقف في انتظار المصعد تبدأ بلعن الساعة التي وضعتك في هذا الموقف. فالإشارات التي يُفترض أن ترشدك إلى الطابق المقصود غير موجودة. عليك أن «تضرب بالرمل» لكي تعرف أين توجد هذه المصلحة أو تلك، وخصوصاً مع الانتقال المتكرّر للمصالح من طابق إلى آخر. تجد المواطنين اللبنانيين يتنقلون من طابق إلى آخر بحثاً عن هذه المصالح، ومن أكثر المشاهد تدليلاً على هذا الواقع: ثلاث صبايا كنّ قد قدّمن طلباتٍ للخضوع لامتحانات الكولوكيوم، قبل أيام عدة، في الطابق الثالث. أتَيْن في الموعد المحدّد لتسلم بطاقات الامتحان من الطابق الثالث، «لكن الموظف المسؤول قد انتقل إلى الطابق الثاني أو السادس» يقول لها أحد الموظفين.
مرّت أكثر من ثمانية أشهر على افتتاح مبنى وزارة التربية الجديد في منطقة الأونيسكو، ولم تتحسّن حاله بعد.
مبنى جديد، يعني من ضمن ما يعنيه، تسهيل معاملات المواطنين، وتوفير شروط أفضل للموظفين لينجزوا أعمالهم. لم تحصل أي من هذه التسهيلات، فالتجهيزات المكتبية نُقلت من المباني القديمة إلى المبنى الجديد، وعمر هذه التجهيزات يتجاوز أحياناً عمر الموظف.
أما أرشيف المصالح ومستنداتها فهو ما زال مرمياً في مداخل الطوابق، ومساحات كثيرة في المبنى لا تُستخدم، بل تبقى فارغة يملأها الغبار. ويعزو وزير التربية والتعليم العالي الدكتور خالد قباني سبب هذه الفوضى إلى «عملية الانتقال داخل المبنى». فهو يقول إن الوزارة عندما انتقلت إلى المبنى في كانون الثاني من العام الحالي ولم يكن المبنى قد انتهى بعد، «ولذلك عملنا على إنجاز ثلاث طبقات ليتجمّع الموظفون فيها». انتهى العمل في كل المبنى، وأصبح بإمكان الموظفين الانتقال إلى طبقاته الأساسية، «ووُضعت كل مصلحة في جناحها الخاص». ووعد قباني المواطنين بأن أرشيف الوزارة سيعرف طريقه إلى الخزانات في اليومين المقبلين. ويشير قباني إلى أنّ العمل الأساسي يرتكز اليوم على وصل المبنى بشبكة الكهرباء إذ لا يزال يعمل على الموتورات الخاصة به.
ولدى سؤاله عن سبب غياب لوحة تُرشد المواطنين إلى الطبقات لإنجاز معاملاتهم بدل الضياع الذي يُعانونه، قال: «أنا أعمل على شيء أكثر تطوّراً. سنعمل على إيجاد مكتب معلومات عند المدخل حيث يضع المواطن معاملته ويعود بعد أيام ويجدها ناجزة، ولا يحتاج إلى الصعود إلى المصالح، أي سيقوم مكتب الخدمات بإنجاز المعاملة». ويشير قباني إلى أنّ الخرائط ودراسة المشروع قد أُنجزت مع وزارة التنمية الإدارية وسيبدأ التنفيذ قريباً. يبدو أنّ على المواطن أن ينتظر إنجاز هذا المشروع حتى يعرف كيف يتوجّه في الوزارة. وأكّد قباني العمل على إيجاد شبكة لربط الإدارة المركزية بجميع المدارس الرسمية، وهي ضمن مشروع مكننة الوزارة، «وهذا الأمر يحتاج إلى الكثير من الوقت والمال».
ويلفت قباني إلى أنّ الوزارة لم تتسلم المبنى بعد، «وسيُسلّم في الأسابيع الثلاثة أو الأربعة المقبلة». لكنّ مجلس الإنماء والإعمار كان قد حدّد سابقاً عبر مصدر مسؤول فيه تاريخ 19 حزيران 2007 موعداً نهائياً لتسليم المبنى، إذ إنّ العقد الموقّع بتاريخ 20 تموز 2004 مع شركة «عقاريا» حدّد تاريخ 19 شباط 2007 موعداً لانتهاء الأعمال في المرحلة الأخيرة من المشروع، لكن حرب تموز أوجبت التأخير حتى حزيران من هذا العام. ويحدّد العقد قيمة التأخير بـ0.2% عن كلّ يوم تأخير، ويُذكر أن تكلفة المشروع تُقارب 35 مليار ليرة لبنانية. وفي حساب بسيط، يتبين أنّ غرامة التأخير المتوجّبة عن كلّ يوم هي سبعون مليون ليرة، وبذلك يكون المبلغ المتوجب كغرامة عن 38 يوم تأخير مليارين وستمئة وستين مليون ليرة (مع الأخذ بعين الاعتبار أن موعد التسليم 19 حزيران 2006)، فهل ستُدفع هذه الغرامة؟ يُذكر أن قانون إسقاط المهل الصادر عن مجلس النواب مدّد المهل القانونية لشهرين، لا لأربعة كما فعل مجلس الإنماء والإعمار. فمن يُحافظ على المال العام؟