strong>حسن عليق
كريم، ابن السنتين وثلاثة أشهر، كان نجم قاعة محكمة الجزاء أمس. والده موقوف بتهمة مالية. اقترب من قفص الاتهام منادياً أباه. حمله عنصر أمني إلى «قفص» الاتهام حيث احتضنه والده الموقوف، محاولاً إخفاء أصفاده. أعاد دركيٌّ كريم إلى أرض القاعة ليركض في أرجائها، قبل أن تتمكّن والدته من «القبض» عليه.
حضَر القاضي هاني عبد المنعم الحجار، فنادى منادٍ ليقف الجميع. تأهّب الموقوفون الذين كان منهم 16 رجلاً وشاباً داخل «القفص» وثلاث نساء خارجه.
لم يكن كريم العلامة الفارقة الوحيدة في جلسات أمس. فخلافاً للجلسة التي جرت قبل يومين، مثل الموقوفون أمام القاضي من دون قيود في أيديهم. وبعد بدء الجلسات، خرج جميع عناصر قوى الأمن الداخلي الذين يحملون بنادق حربية، فيما بقي زملاؤهم الذين يحملون مسدسات تغطيها ثيابهم. كذلك، أضيف إلى المقعد الذي لا يتّسع لأكثر من ثلاثة أشخاص مقعدٌ ثانٍ داخل «القفص»، ما مكّن 8 موقوفين من الجلوس.
نادى القاضي على الموقوف الأول، فاقترب داخل القفص في اتجاه القوس. قاطع كريم الجلسة بصوت عالٍ وبكلامٍ غير مفهوم. طلب القاضي ممن معه طفل أن يخرج من القاعة. حملت والدة كريم ابنها إلى الخارج حيث علا صراخه، قبل أن تعود به نائماً على ذراعيها.
يكمل القاضي الجلسات. أكثر الموقوفين كان معهم محامون، والفتاتان الفيليبينيتان عينت لهما سفارة بلادهما محامياً. سألهما القاضي بالإنكليزية ما إذا كانتا بحاجة إلى مترجم، فأجابته إحداهما بنعم، فأجّل القاضي جلسة الحكم عليهما حتى التاسع من آب. كان رجال قوى الأمن يُخرجون من قفص الاتهام كل موقوف تنتهي جلسة محاكمته، ما خفف الازدحام داخل القفص.
كان الحر خانقاً في القاعة التي لا يتسلّل من نوافذها المفتقر بعضها إلى زجاج غير ضجيج السيارات، الذي يعلو أحياناً على ما عداه. بدأ بعض الحضور من أهالي الموقوفين ومحاميهم يلوّحون بما في أيديهم استجداءً لنسمة هواء. يصدر القاضي قراراً: «ممنوع حدا يهَوّي، ويلي مشوّب يضهر لبرّا».
قبل نهاية الجلسات، نادى القاضي على موقوفَين تبين أنهما قاصران، فطلب ممن ليس له علاقة بالجلسة أن يغادرها، لأن القانون ينص على سرية جلسات محاكمة الأحداث. يذكر أن جلسة محاكمتهما جرت بحضور ممثلة عن اتحاد حماية الأحداث.
اختتمت الجلسات بمحاكمة شاب متّهم بشتم الرئيس رفيق الحريري وتيار «المستقبل». أنكر ما نسب إليه، وأجّل القاضي النطق بالحكم. أعيدت الأصفاد إلى يديه، ثم طلبَ من القاضي الإذن بالتحدّث إلى والدته، فأَذِن له. اقتربت والدة الموقوف من «القفص». ضمّها ابنها بيديه المكبّلتين على قدر استطاعته. لم يتمكّن من تقبيلها أكثر من مرتين قبل أن يطلب منه الدرك الخروج.
يذكر أن القاضي الحجار لم يسمح لـ«الأخبار» برسم مشاهد من جلسة المحاكمة العلنية بعدما تقدّمت منه بطلب خطّي بهذا الشأن.