نهر البارد ـ نزيه الصديقالمنية ـ عبد الكافي الصمد

ناشطون يعتصمون جنوبي البارد: على الجيش احترام القوانين الدولية

أوضحت التطورات العسكرية التي دارت في مخيم نهر البارد يوم أمس أن القصف العنيف الذي دكت به مدفعية الجيش اللبناني مواقع مسلحي فتح الإسلام يوم الأربعاء الماضي قد أدى إلى تراجع القدرة القتالية عندهم، وذلك بعدما توغل الجيش إثر ذلك داخل المخيم، وتحديداً في المربع الأمني الذي يسيطرون عليه، إضافة إلى ما رافق ذلك من توقف لإطلاق الصواريخ والقذائف إلى خارج المخيم، وهو تطور أتى تأكيداً لذلك.
وترافق ذلك مع الهدوء التام الذي ساد يوم أمس بشكل كامل جبهة مركز ناجي العلي الطبي ـــــ التعاونية ـــــ مركز الشفاء، بعدما أحكم الجيش سيطرته عليها، واختفت منها أي مقاومة من المسلحين.
كما تمكن الجيش في أوقات لاحقة من اختراق المربع الذي يسيطر المسلحون عليه داخل حي سعسع وأطرافه، بينما كان متعذراً عليه ذلك قبلاً، وذلك بدخوله إليه من ثلاثة منافذ، أهمها طريق السوق الذي يوصل الطريق العام بالبحر، مروراً بسوق الخضر، الذي يقع بدوره في منتصف هذا المربع.
وتفيد المعلومات بأن الجيش وصل إلى سوق الخضر مساء أول من أمس، لكن الاشتباكات العنيفة التي دارت هناك بينه وبين بعض جيوب المسلحين، وأدت إلى استشهاد قائد المجموعة، أخّرت تقدم الجيش بعضاً من الوقت. وقد كرر الجيش المحاولة قبل ظهر أمس، وتمكن لاحقاً من الوصول إلى السوق مجدداً، ما يدل على تراجع قدرة المسلحين في مواجهة التقدم المطرد للجيش. وقالت مصادر أمنية إن جنديين استشهدا في تبادل لإطلاق النار ليلة أول من أمس، ما يرفع إلى 122 عدد الجنود الذين استشهدوا منذ تفجر القتال في مخيم نهر البارد.
وأوضحت المعلومات أن الجيش خاض في هذه المنطقة تحديداً معارك شرسة مع المسلحين، دارت من غرفة إلى غرفة، ووجهاً لوجه، وسقط له فيها عدد من الجرحى، بينهم ضابطان، فضلاً عن سقوط عدد كبير من القتلى في صفوف المسلحين لم يتبين عددهم بالكامل.
ونعت قيادة الجيش ـــــ مديرية التوجيه، الرائد الشهيد إبراهيم يوسف سلوم ـــــ من عين إبل ـــــ بنت جبيل والمعاون الأول الشهيد سعادة طانس مخلوف من القاع ـــــ بعلبك، اللذين استشهدا أثناء قيامهما بالواجب العسكري في مهمة الحفاظ على الأمن والاستقرار في منطقة الشمال.
كما زار قائد الجيش اللبناني العماد ميشال سليمان منطقة البقاع أمس حيث قدم التعازي بالشهيد النقيب طوني سمعان الذي سقط في معركة مخيم نهر البارد قبل نحو أسبوع. وفي رد على سؤال صحافي عن إمكان الحسم العسكري قبل الأول من آب، عيد الجيش، اكتفى سليمان بالقول: «إن شاء الله».
وكان قائد الجيش قد وصل على متن طوافة عسكرية إلى قاعدة رياق الجوية، حيث عقد اجتماعاً مع كبار ضباط منطقة البقاع العسكرية في نادي الضباط في رياق، إضافة إلى لقائه جمعاً من أهالي شهداء الجيش الذين سقطوا أخيراً في البارد.
وشيّعت قيادة الجيش، أمس، الشهيد العريف حسن غصن في شمسطار في مأتم رسمي وشعبي.
وفي سياق متصل، نفّذت مجموعة من ناشطي حقوق الإنسان والهيئات المدنية اعتصاماً عند المدخل الجنوبي لمخيّم النهر البارد، عند بلدة بحنين ـــــ المنية، مناشدة فيه «تأمين ممرّ آمن للنساء والأطفال الباقين في المخيّم»، وطالبت الجيش اللبناني بـ«التمييز بين المقاتلين والمدنيين».
الاعتصام الذي جرى بعد ظهر أمس، حضره ثلاثة عشر ناشطاً من إيرلندا وأوستراليا، انطلقوا سائرين نحواً من 150 متراً، وصولاً إلى مقربة من حاجز الجيش اللبناني، وهم يحملون اللافتات التي كتب على بعضها: «ضد المعاقبة الجماعية ومع حماية من بقي من خمسين طفلاً من نهر البارد»، و«ما هو ذنب الأطفال؟»، و«على الجيش اللبناني احترام القوانين الدولية».
الناشطة كويفا باترلي من منظمة «أصوات في البرية»، طالبت بـ«إعطاء فرصة أخيرة لإخلاء النساء والأطفال من داخل المخيّم، ولو كانوا من أبناء مسلحي تنظيم «فتح الإسلام» وأهاليهم.
وناشد مايكل برمنغهام «عدم محاسبة الأطفال كمقاتلين»، مشيراً إلى أن على الجيش اللبناني «واجب التمييز بين المقاتلين والمدنيين، وعليه أيضاً إيجاد مخرج لهؤلاء كواجب إنساني، والالتزام بالقوانين الدولية والقيم الأخلاقية»، لافتاً إلى أنّه «ليس هناك أيّ تبرير لفعل ما يجري الآن».
وأشار داري كلين إلى أنّه «جئنا لندعم الفلسطينيين ونتضامن معهم، واكتشفت اليوم أنّ الجيش اللبناني ينتهك القوانين الدولية بعدم تمييزه بين المقاتلين والمدنيين، ولم نلمس أنّه ميّز بين المقاتل والمدني»، مشيراً إلى أنّ «المأساة الفلسطينية نراها تتكرر اليوم عبر الأحداث الجارية، لذا نطالب بإيجاد معبر لإجلاء النساء والأطفال».
وعلقت الأوسترالية ألينا إيرنشاير على أنّ «السكوت عن المدنيين الباقين تحت الحصار، وعدم حمايتهم، يفسح في المجال أكثر لإبادتهم».
ورأى موريس هيلي أنّ «التحرك الجاري هنا سيستمر في عملية أخرى في إيرلندا، نركز فيها على انتهاكات الحقوق المدنية المتكررة، والغاية وقف هذه الانتهاكات»، مشيراً إلى أنّه «سنصل في البحث الذي نقيمه حول انتهاك حقوق الإنسان إلى وضع ما سنسميه لائحة الحقوق».